السعودة من أجل الاستقدام

• صالح المعيض

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح المعيض[/COLOR][/ALIGN]

لا أرى عيباً في تكرار الحديث عن السعودة، فالبطالة هي أخطر ما نعاني منه اليوم رغم وجود أكثر من سبعة ملايين وافد، ورغم تبريرات وزارة العمل ونكرانها بأن البطالة ظاهرة ملموسة ومحفوفة بالمخاطر جاء حافز ليؤكد أن البطالة حقيقة وبأرقام مخيفة لاتقبل التشكيك أو التهوين لذلك لا تلوموني إذا كتبت أكثر من (90) مقالا عن البطالة والسعودة طيلة تولي معالي الدكتور (النملة) سدة هذه الوزارة الهامة وأكثر من نصفها أيضا وجهتها طيلة عهد معالي الدكتور الصديق غازي القصيبي رحمة الله عليه لذلك فالعنوان ليس جديدا على قاريء العزيز واليوم أرى العودة مجددا للحديث عن البطالة والسعودة وبنفس اللغة والأمل والتطلعات في عهد جديد، وأرى في نفس الوقت أن معالي المهندس عادل فقيه وزير العمل بتراكم خبراته والتمرس والمعرفة إلا أن طبيعة سوق العمل جعلت السعودة بين متناقضين لايجمع بينهما وسط (العوز والثراء) وبما أننا قوم عاطفيون ومعاليه ذو تمرس وخير من يترجم العقلانية في أوج مراميها ويجيد حبال الوصل والفصل، فإنه حتما يرى الفارق بين ما يتطلبه الواقع من منظور وطني سامٍ أو من منظور عاطفي خاص أو أن عليه أن يكون خلطة مناسبة يسد بها ماتراءى من ثغرات هي إلى الترميم أقرب من البناء الجيد المحكم.
فالوطنية تعني أن هنالك التزامات عدة من الجميع سواء في الحرب على البطالة الذي يقابلها ضرورة الحفاظ على الاقتصاد الوطني، والاثنان في ظل عدم وجود أنظمة جادة ولوائح مواكبة يعدان نقيضين لابد من الوقوف مع أحدهما على حساب الآخر وبذلك يحدث الاختلال وعدم التوازن وهذا ماحدث بالفعل طيلة العقود الماضية فوزارة العمل اليوم وبالذات في هذه الفترة مطالبة بالكثير من الاستحقاقات التي هي في الواقع ضروريات عصر وتبعات إخفاقات سابقة.
حقيقة العاطل ورجل الاعمال كأني بكل منهما يقول (كفى عواطف وعليكم أن تضغطوا على القلوب قليلا ولكن اهتموا بمصادر العيش) للأسف حتى أصحاب المليارات الطائرة والذي قد لايقيم في الوطن شهراً في العام يدعي أنه لايملك إلا الكفاف حينما يسمع أن هنالك سعودة وكأن توظيف السعودي يعني قطع الأرزاق لذلك يستجر في كل موقف إسطوانة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وفي المقابل نرى العاطل يقول أمنوا مصدر رزقي فأنا أولى برغيف بلدي وهو يرى أن هنالك (مايربو على سبعة ملايين) وافد يقتحم كافة الخطوط الحمراء ليقتسم معه هذا الرغيف الذي هو أحوج له فوق أنه الأولى به.
القرارات التي صدرت كانت جيدة لكن بحكم أننا مررنا بقرارات سابقة فكان هنالك سعودة مبطنة ضررها أكثر من نفعها على غرار سعودة من أجل الاستقدام ( سعود سعودي وأكسب عشرين تأشيرة استقدام )بينما نحتاج إلى سعودة حقيقة تظهر للعيان وجهود تنهي الانفصام بين جميع القطاعات التي يجب أن تتضافر جهودها وتوحد في سبيل إنتاجية ترقى إلى طموح ولاة الأمر من جهة والمواطن من جهة أخرى، والمواطن هنا هو رجل الأعمال وهم الشباب الباحثون عن العمل. السعودة لن ترى وجوداً حقيقياً من خلال فرمانات فقط، مالم يواكبها تطبيق ومتابعة وجدية تستشرف مستقبل هذه البلاد العامرة بكل موارد الخير والعطاء ولن تكون جهود وزارة العمل إيجابية إذا لم تكن مدعومة بجهود وزارة التعليم العالي والتعليم الفني ووزارة التجارة والغرف التجارية ووزارة التخطيط وأنظمة ولوائح وزارة الداخلية، وستنجح وزارة العمل اذا ظفرت بدعم وجهود المرافق الآخرى وتتحقق نتائج مجدية مع آليات حازمة للتنفيذ الكامنة في تضافر جهود الجميع، ومعالي المهندس فقيه لايملك وحده عصاً سحرية مهما أوتي من خبرة وما عرف عنه من تمرس وجدية في العمل وجودة في الأداء، لذلك فإن الأمر يتطلب تعاضد الجميع وتشكيل إدارات فاعلة وقادرة على الإلمام بالوضع والخروج من هذه الأزمة. نحن بحاجة إلى منتجين للأهداف الناجحة اكثر من موظفين، ونجاح السعودة هنا يتضح جلياً في تفعيل دور القائمين على تنفيذ برامجها، وتهمة الكسل وعدم الانضباط أولى أن نرفعها عن الشباب السعودي الذي أجبرته ظروف الحياة إلى العودة إلى المسار الصحيح وهو أن العمل بأية مهنة هو شرف يسد الحاجة ويحمي عن حاجة الآخرين هذا وقريباً لي عودة مطولة ومفصلة تتناول تطلعاتنا مع وزارة العمل في عهدها الجديد هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 فاكس 6917993

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *