يحكى أنه تم استدعاء مجموعة من أساتذة الجامعات (تخصص هندسة), لتجربة الإقلاع بطائرة جديدة، وعندما أجلسوا في الطائرة.. أغلقت الأبواب، وربطت الأحزمة، وتم تقديم التوجيهات المعتادة التي تقدم قبل الإقلاع،

وفي ختام تلك التوجيهات تم إعلامهم أن هذه الطائرة هي من صنع تلاميذهم الذين تلقوا العلم على أيديهم ، عندها ساد جو من التوتر داخل الطائرة، وهمّ الأساتذة بالتوجه نحو أبواب الطائرة محاولين الهروب والنجاة بأنفسهم، باستثناء أستاذ واحد كان يجلس في ثقة وهدوء شديدين.
سأله أحدهم : لماذا لم تهرب؟.
أجاب بثقة : إنهم تلاميذنا.
سأله أستاذ آخر: هل أنت واثق أنك درستهم جيداً؟.

رد في هدوء: أنا على يقين من أنها لن تطير، هذا إذا اشتغلت من الأساس.
قد يعتقد القارئ أني ألقي عليه “نكتة” لنضحك عليها سوياً تُظهر ما يتمتع به ذلك الأستاذ من سرعة بديهة وثقة،

لكن هي في واقع الأمر “نكسة” قد تبكينا عمراً كاملاً.
نظرة خاطفة فيما نحن فيه وما يدور من حولنا تجعلنا نتيقن أن أساتذة الجامعات السابق ذكرهم.! لهم من الأشقاء في كل مكان، وفي كل قطاع، إن لم يكن البعض منهم نراه كل يوم.. يلقي علينا السلام ويحدثنا عن مدى إيمانه بما يفعل، وأن الحال يجب أن يتغير، وأن الضمير يجب أن يستيقظ، وأن نتقي الله ما استطعنا، ومن شدة إقناعه قد ترى أعين البعض وقد غشيتها دموع التأثر، فلا يمكن أن يخرج هذا القول وهذا الثراء الفكري إلا من أفواه تذوقت معنى اليقين بما تقوم به.

نصيحتي لك يا من بلغ بك التأثر ما بلغه، لا تقترب أكثر فتتحول دموعك إلى بكاء مرير على بعض تلك الهامات التي شكلت قناعاتك، ولا تنظر إليهم بنظرة إنسانية صرفة فقد يصيبك ما أصاب غيرك ممن سبقوك ولم يلتفتوا للنصح،

منهم من استمر في اتخاذهم قدوة وسار على نهجهم وأصبح واحداً منهم، ومنهم من حاول أن يتصدى ويرفض الحقيقة التي يمثلونها فلم يجد آذاناً تصغي لحديثه، لأن أكثر المستمعين لم يقتربوا مثلما اقترب هو، ولم يبرحوا صفوف الجماهير، وفي تلك الصفوف تكون الرؤية غير واضحة للغالبية بل حتى الصوت لا يصل بوقعه الحقيقي.

هناك طريقة أخرى حتى لا يبلغ بك التأثر في كل مرة تصادف فيها أحدهم، ما رأيك أن تقترب أكثر وأكثر ولتنظر للأمر على أنه دروس مباشرة في الحياة لا تكلفك الكثير.. فقط خيبة مؤقتة، لتخرج بعدها شخصاً صلباً وجاهزاً لمحاربة مصاعب العالم المرهونة بوجود هذا الصنف من البشر على اعتبار أنهم منغصات الحياة التي وجودها أمر مسلّم به، وحتى تحمد الله كثيراً لأنه عافاك بما ابتلاهم.

للتواصل على تويتر وفيسبوكemanyahyabajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *