الحديث النبوي وعلم النفس
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فاروق صالح باسلامة[/COLOR][/ALIGN]
لقد اتجه اهتمام الدكتور محمد عثمان نجاتي إلى دراسة المفاهيم النفسية في القرآن الكريم وها هو يقدم لنا كتاباً آخر عن الحديث النبوي وعلم النفس وذلك بهدف الوصول إلى فهم دقيق للتصور الإسلامي للإنسان قاصدا المؤلف من ذلك معرفة وجهة نظر الإسلام في العوامل الرئيسية للشخصية السوية والصحة النفسية، كما يحدد أسباب الانحراف والشذوذ والمرض النفسي والطرق السليمة لعلاج ذلك وتعديل سلوكه ثم يبين أسباب سعادة الإنسان وأسباب شقائه ومنهج الحياة الأمثل له كي يعيش عيشة آمنة مطمئنة سعيدة.
إن علم النفس الذي يدرس في الجامعات العربية والإسلامية إنما هو مستمد من الغرب.. هكذا يقول الدكتور نجاتي وهو يعتمد في وصفه للإنسان ويقصد بذلك علم النفس الغربي وفي الحقائق التي يذكرها عنه على نتائج البحوث التي أجريت في الأغلب في مجتمعات غربية غير اسلامية لها تصورها الخاص وفسفتها في الحياة كما أن لها ثقافتها ومعاييرها وقيمها الخاصة بها ولا شك بأن لهذه العوامل تأثيرا كبيرا في توجيه الدراسات النفسية التي تجرى في هذه المجتمعات إلى دراسات تتفق مع ما لديها من تصور منحرف عن طبيعة الإنسان ورسالته وغايته في الحياة فاهتمام فرويد على سبيل المثال بالغريزة الجنسية في دراسته لأسباب الأمراض النفسية إنما يرجع في الأغلب الى ثقافة العصر الذي عاش فيه والتي كانت تنظر إلى الجنس نظرة استقذار، وترى أنه عملية مشينة وقبيحة يجدر بالإنسان الفاضل أن يقاومها، وكان لذلك أثره في توجيه اهتمام فرويد بالجنس بطريقة مبالغ فيها إلى درجة كبيرة بحيث فسر المرض النفسي على أنه ناتج عن كبت الدافع الجنسي.
ويعتبر كتاب الحديث النبوي وعلم النفسي مكملاً للكتاب السابق عن القرآن وعلم النفس فهما معاً يعطياننا التصور الإسلامي الصحيح عن الإنسان ويعرض هذا الكتاب ما ورد في الحديث النبوي الشريف متعلق بالنواحي المختلفة من سلوك الإنسان مثل الدوافع والانفعالات والإدراك الحسي والتفكير والنمو والشخصية والصحة النفسية والعلاج النفسي مقارنا بين ما جاء في السنة النبية متعلقاً بهذه الموضوعات وبينما يذهب إليه علم النفس الحديث.
ويذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أنه رجع في دراسة الأحاديث إلى مصادرها مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وأخيرا مسند الإمام أحمد بن حنبل. الأمر الذي ذكره المؤلف بالاسم لصاحب كل مرجع من هذه المراجع والمصادر بالجزء والصفحة ورقم الحديث إن وجد وإذا ما كان الحديث متفق عليه عند الشيخين البخاري ومسلم وهناك كتب أخرى عاد إليها المؤلف مثل كتاب تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم للإمام المعروف ابن الديبع الشباني طبعة بيروت دار المعرفة عام 1977م ومختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري والمعجم المفهرس للألفاظ الحديث النبوي طبعة ليدن مكتبة بريل عام 1936م لمؤلفه وينسنك. وسوى ذلك من الكتب والمراجع.
ويذكر القراء المواضيع التي أشرنا اليها في كتاب نجاتي السابق القرآن وعلم النفس وهي في كتابه الآخر الذي نحن بصدده إلا أشياء بسيطة عالجها المؤلف بطرق أخرى مختلفة لكنها لن تغير من الأمر شيئاً. وكما ذكرنا عن العلم اللدني في القرآن وضربنا المثل عليه بقصة الخضر وموسى عليهما السلام يذكر المؤلف هنا العلم اللدني في الحديث بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالإلهام والرؤيا كطريقين لاكتساب المعرفة وتعبير الرؤيا في الحديث وحدوث الوحي وما إلى ذلك مما علم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهناك فروق بسيطة بين الكتابين يدركها القارئ لكنها ليست ذات بال.
التصنيف: