اليوم تعتمد الأمم في كل مجالات الحياة صغر أوكبر، كان معقداً أو أقل تعقيداً أن يباشره المتخصصون علمياً في أداء الاعمال فيه، وأصبح التخصص كما هو مطلوب في العلوم، الطلب عليه أكثر في المهن والحرف، ومباشرة الأعمال من غير المتخصصين في الغالب يؤدي الى الكثير من المشكلات،

وقد كاد يختفي من العالم، ولم يبق له وجود الا في دول الشرق لاتزال تعاني التخلف في المجال المعرفي، فالتخصص منذ زمن طويل أصبح ضرورياً للقيام بالاعمال في كل المجالات الانسانية، ولهذا لا تجد اليوم في العالم المتقدم من يعمل في غير تخصصه، الا اذا – أهل للعمل الجديد الذي اضطر للانتقال اليه، وعمل الانسان في مجال لم يتخصص فيه لا يمكن أبداً في هذا العالم، الا في بلداننا التي اسموها تلطفاً منهم دولاً نامية، وان كان نموها من بطئه لا يحقق من التقدم شيئاً يذكر، وأنت اليوم إذا رأيت بلداً لا يصنع شيئاً لا مما يلبس أو يأكل، ولا من ما يتطبب به كالدواء وغير ذلك مما هو أعلى من ذلك، فلا تتحدث ان فيه من يتقن شيئا من ذلك، فأعلم أنه بعيد جداً عن النمو الحقيقي، ولا علاقة له بالتقدم في أي مجال من مجالات الحياة، واذا لم تفهم شعوبنا النامية ذلك وتغير من ممارساتها في الحياة، فأنها حتما ستظل في ذيل أمم هذا العصر، الذي تتسارع فيه الاختراعات، وتسهل الحياة بالنسبة اليه في ظلها، ولما تقدمت أنماط الحياة في الغرب، لم تتقدم لمجرد أنهم أصبحوا أغنياء، وإنما لانهم أقاموا حضارة مادية فاقت كل الحضارات السابقة، وتقدموا حتى في النواحي غير المادية، فاذا هم في مقدمة شعوب العالم حضارة انسانية، ولم يعد عندهم مقبولاً أن يباشر أحد عملا دون ان يتخصص فيه علمياً، مهما كان هذا العمل ولو كان بسيطاً، لان العلم اصبح عندهم هو وسيلة للحياة، وحتى لم يصبح في شعوبهم من هو أمي أصلاً وبانتشار العلم والمعرفة تغلب الناس في الغرب على ظروفهم، وان بقيت عيوباً في تلك الشعوب فهي تعود الى تقصير الافراد لا للنظام السائد، ونحن حتى يوم الناس هذا نجد في مناحي الحياة في مجتمعاتنا من يلي أعمالاً لا يتقنها، ومن لم يتخصص في علم يعينه على ان يتقنها ويعلم شدة قصوره في ذلك ويرضى بالبقاء في موضعه وان اضر مجتمعه، ولو طلب منه ان يؤهل لها حتى يتقنها لما استجاب، بل ان اعظم الاعمال واشدها خطراً يقوم بها من لم يحسنها، ويصل اليها عبر سبل لا تعتني بالتخصص في الاعمال ولا أتقانها، مما جعل مجتمعاتنا تتعثر ويكثر فيها ألوان التخلف، فتزداد بها مجتمعاتنا انصرافاً عن الجدية في سائر الأعمال، وما لم نستدرك كل ذلك بارساء نظام يعتمد التخصص في العلوم والاعمال، ولا يرضي ان يقوم بها من لا يحسنها، والا فان مجتمعاتنا ستزداد تأخراً عن المجتمعات البشرية، التي قطعت أشواطاً في التقدم السريع، وفق ما وصلت اليه من تخصيص الأعمال لمن يحسنها ويعلم كل دقائقها، وان لم نفعل هذا فستظل دوماً في مكاننا المتأخر وسط أمم يتسارع نموها نحو تقدم سريع يجعل منها أمما حية تمحو عنها الجهل وتمنح أفرادها العلم والتخصص فيه في مختلف مجالات الحياة، وتتسع الشقة بيننا وبين الأمم المتقدمة ويزداد جهلنا بالحياة وأدوات النجاح فيها، فإلى متى يستمر حالنا هكذا ونحن قادرون ان نغيره بطلب العلم والمعرفة والارتقاء بنظم الحياة في مجتمعاتنا كما أرتقى الآخرون ونحن نرى، ونزور بلدانا كثيرة قد تقدمت ونرى ما وصلت اليه، ونعرف اسبابه، فلماذا نبقى خاملين وهم نشطون متفوقون، فهلا قمنا بعمل جاد لاعادة مجتمعاتنا لتسير وفق النهج العلمي فتتقدم كما تقدم الآخرون، هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *