إن الحياة البشرية اليوم تعتمد على العلم في كافة مجالات الحياة كلها، والأمة التي لا تعتمد على العلم في كل ما تقوم به من مشروعات او تشريعات هي أمة لاتزال تعيش في عالم غير العالم الذي نعيش فيه فاذا اساد الحياة متحكمون فيها وهم لا يعرفون عنها شيئاً دمرت الحياة أو على الاقل تشوهت، وهذا الفرق بين دول اقامت حياتها على اسس علمية واضحة واخرى العلوم لا تهمها، وما لا تسطيع فعله تستورد من يقيمه لها، ولو كانت قد بثت العلوم في بلادها وقدرت العلماء لاستطاعت ان تطور نفسها بأيدي أبنائها، وكان رائدها ألا يتولى المسؤولية فيها الا العالم المتخصص فيما اسند اليه ن الاعمال، والعلوم كلها النظري منها او التجريبي، وهي التي قامت عليها الحياة في العصر الحديث، حتى اصبح التخصص ضروريا لكل من يمارس أي نشاط إنساني، والزعم بان التخصص ليس ضروريا لممارسة الاعمال انما جهل بالحياة في هذا العصر، ونحن اليوم نعيش فترة تنتشر فيها الافكار الخاطئة لان المتحدث فيها ليس متخصصاً فيما تحدث فيه وقديما قالوا: من تحدث في غيره فنه أتى بالعجائب، واليوم لقرأ ونسمع من يزجي لنا نصائح طبية في بعضها غرائب فنسأل عنه فاذا به لم يتخصص في الطب وانما ما وجده مكتوباً ولو في موقع الانترنت اعتبره صحيحاً ونشره على الناس، وهذا يتحدث عن تربية الابناء وما يجب ان يتبع تجاههم فتسأله على ما اعتمد فيما يقول فيقول وهل يجب على ان اعتمد على غير عقلي، وتقول له: وهل عقلك يسعفك في كل باب دون ندرسه او تتعلمه فلا يحير جواباً وبعض العلوم لها عند الناس بريق ويظنون أن كلهم يستطيعون الحديث فيها فعلوم الدين مثلا اليوم ساحة مستباحة للجميع كل أحد يظن أنه يستطيع ان يفتي ويصيب دون علم او وسبق دراسة، وهو غير الممكن في أي علم، فالعلوم تحتاج الى التعلم اولا، حتى اذا علم ورسخ العلم في ذهنه استطاع ان يتحدث فيها بعلم ويأمن الخطأ، واما أقوال الجاهلين ان ليس في الدين علم، فهو قول يطلق على عواهنه أنا على ثقة ان اول من يشعر انه خطأ قائله، بل ان كثيرا ممن يرددونه على يقين بخطئه، ولكن اتباع الهوى يدفعهم للتمسك به علهم يستطيعون من خلاله أن يجدوا لأوهامهم ما يبررها، ولشهواتهم ما يحيها، فأحق ما في الحياة ان يعتمد على علم هو الدين، وهو يعتمد علم أصله الوحي الإلهي وما أمر الله به أو نهى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخير ما اشتغل به المسلم هو العلم الديني بقصد ان يعمل به وأن يشرحه لمن لا يعلمه، وإنما يفعل ذلك ليعمل الناس بالدين خالصاً لوجه الله عز وجل، واما الذين يتجرأون بان يفتوا الناس بغير علم فأثمهم عظيم فالله عز وجل يقول : (ولا تقف ما ليس لله به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً) ويقول : (فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) فالعلم سابق للعمل في كل حال حتى في حال الاستغفار، ويقول عز وجل : (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله الا هو العزيز الحكيم)، وعصرنا عصر تلقى فيه الشبهات فيتناقلها الناس عبر الوسائل الحديثة وتنتشر فإن لم تجد عالماً يواجهها ضاع الحق وساد الباطل والعياذ بالله، وواجب أهل القلم الذين وصفهم الله بأنهم الذين يخشونه يحملون الأمانة ويواجهون من يشيع الشبهات ومن يريد ان يعتدي على الدين من أهل الباطل، ومن يريدون تغيير معالمه، والعالم بالدين العامل به هو من يستطيع ذلك، جعلني الله واياكم ممن يعلمون فيعملون بما علموا إنه السميع المجيب.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *