الاشتغال بذم الآخرين احتراف وضيع
أن يلجأ فرد أو جماعة إلى ذم سواها سواء اعتبرتهم لها أعداء أو كانوا منافسين له أو لهم وأن يكون ذلك شغله الشاغل او اشتغالها، فهو أمر لا يقره العقل ولا الدين، بل إن الإسلام بما فيه من أخلاق كريمة – يأمر المنتمين اليه بالاحسان الى الآخرين حتى ولو كانوا لك أعداء، ولا أظن أن هناك عداوة أعظم من العداوة في الدين، ومع هذا فربنا عز وجل يقول: (ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) ويختم الآية بقوله عز وجل : (واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل مع عدوه لنقتدي به، وأما أن يكون الانسان حاقداً يمتلئ صدره حقداً على من عداه أبد الدهر، فذاك ما يكرهه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – بل إن الانتقام خلق ردئ نَفّر منه الاسلام فالله عز وجل يقول: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)، ويقول : (وقاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) فالاشتغال بالانتصار للنفس والانتقام إلى من أساء إليك الدهر كله إنما يربي في نفسك النزق وعدم الصبر، ويخلق لك خلق العدوان أبداً، لهذا لم يرضه الله لأمه هي خير أمة أخرجت للناس، ودعاوي الانتقام التي تنطلق من النفوس اذا مرضت، حتى تجعله حرفة لها أبداً هو ما أنشأ جماعات عنف على مر تاريخ المسلمين أسأت لهم وألصقت بهم تهماً نقلها الأعداء إلى ديننا ونحن وديننا منها براء، فالانتصاف من الأعداء بقدر ما اعتدوا به علينا هو المشروع، والزيادة عليه ضررها علينا أكبر من ضررها على العدو، وكم وجد في مسلك جماعات من المسلمين ديدنهم الانتقام من أعدائهم على مر الزمان سبيلاً للقدح لا في أخلاقنا فقط، بل وفي ديننا ونحن والدين منه براء، فهذه الجماعات التي تصرخ ليل نهار بالانتقام من الأعداء وتأتي من الافعال ما حرم الاسلام مع المسلمين وغير المسلمين باسم نصرة الدين واعلاء شأنه لم يفهموا حقيقة هذا الدين، ولم يعرفوا يقيناً أحكامه، وليس من مصلحة أحد أن يشتغل بالانتقام طول الزمان، مما سيورثه ولا شك أمراضاً في النفس المنهج على مرِّ الزمان، ورغم هزائمهم المتكررة عبر الزمان، إلاّ أن لهم أتباع في كل زمان يظهرون حيناً بعد آخر وينتهجون نفس السبل، حتى يهزموا الهزائم المنكرة والمتوالية عبر الازمنة، ولا يأخذون العبرة من ذلك ابداً، واليوم لهم جماعات تتكاثر وتتعدد وتتلون، أبتلى بهم المسلمون يسيئون سمعتهم ويدعون الأمم من حولهم الى تأسيس عداء لهم، وهم براء بحمد الله من منهجهم في الغالب، لكن العدو يتخذ من فكرهم الذي ينشرون ما يسيئون به الظن بالاسلام وأهله، ومهما دافع المسلمون عن أنفسهم إلا أن التهمة تلصق بهم من أجل أن يجد الاعداء طريقاً للعدوان عليهم، وكان لابد للأمة ان تصرف همها للقضاء على هؤلاء الشراذم قضاء مبرماً، حتى تستطيع بعد ذلك بناء الأمة لمواجهة الاعداء في هذا وهم كثر، بعد أن أصبحت العلاقات بين الامم لعبة ساسة لا يرعون في الانسانية إلا ولا ذمة، ما لم ينتبه المسلمون لهذا ويعيدون صوغ عناياتهم واهدافهم مرة اخرى بما يواجهون به العدوان عليهم من داخل أمنهم وخارجها، فالأمر سادتي جلل، والحرب ضروس تحتاج من الأمة ان تطلق طاقاتها الكامنة، سواء منها العلمي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري، فالأمر لم يعد الإهمال فيه مقبولاً، ولتتحد غاياتهم لحمايتهم وحماية بلدانهم والا فأعداؤها لهم من القوى ما يمكن به تدميرهم، ونحن على يقين لو أخلص المسلمون العمل لصد الهجمة عليهم فانهم سوف ينجحون لا محالة، ويردوا المعتدين على أعقابهم، وتحمل كل ما تفرضه المعركة عليهم يجب أن يتحملوه بصبر، فالمعركة معركة بقاء فهل سيفعلون هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: