عرف الإعلام منذ أن بدأ ينتشر في العالم من خلال الاذاعة والتلفزيون مع بداية القرن العشرين لتوصيل المعلومة للرأي العام وانتشارها أبعد من حدود الدول و التأثير به وصناعته ليتفق مع صانع القرار ورؤيته . وعرفت مصداقية المعلومة التي تبث في العالم من خلال نقل الواقع للحدث ، ولذلك تميزت الاذاعة البريطانية في بداية القرن العشرين وخصيصا في الخمسينيات والستينيات عندما بدأ تشكيل الوعي العربي بالأحداث المحيطة به من خروج الاستعمار من الدول العربية الى ردة الفعل العربى وبزوغ القومية العربية ، بنوع من المصداقية في تقديم المعلومة التي يحتاجها العرب، خصيصا انه لا يوجد البديل العربي في اذاعة صوت العرب التي كانت بعيدة عن المصداقية وانشغالها في البربوغندا الاعلامية العقيمة والتي ضللت الرأي العام العربي وقادته من هزيمة الى هزيمة بسبب بعدها عن نقل المعلومة بموضوعية ، واعتمادها على ايثارة الجماهير ورسم انتصارات وهمية . فالدول تعرف بمدى مصداقية إعلامها او قربه من الحقيقة ،والذي يعتمد على آلية طرح الخبر لتكوين الصورة في ذهن المستمع عن صدق المعلومة الموثقة .
وتاريخ الإعلام في بلادنا بدأ في ١٩٤١ في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ، وكانت الحاجة ماسة الى اعلام وطني مع تكوين الدولة الحديثة لتبدي وجهة نظرها في ضل ما يجري من تحولات كبيرة داخل وخارج المملكة . وفي عام ١٩٥٣ أمر الملك سعود رحمه الله بانشاء المديرية العامة للإذاعة والنشر، والذي احدث علامة فارقة في تاريخ الإعلام السعودي خصيصا ان هويته الاسلامية القوية كانت منهج الملك عبدالعزيز رحمه الله الراسخ كمؤسس وباني كيان هذه الأمة.
وفي ٧ صفر ١٣٨١ /١٩٦١ أمر الملك سعود بربط المديرية مباشرة بالديوان الملكي ، والتقى مع الاعلاميين في أول مؤتمر صحفي وضع به أسس السياسة الإعلامية السعودية ونصها :“الان احب ان اتحدث معكم في مصالح البلاد ، وتعرفون أنكم أنتم منظار الأمة. والصحافة لا شك انها إما رسول خير أو رسول غير ذلك.. والذي نأمله منكم أن تكونوا رسل خير باتجاهاتنا.. وعلينا الا نقول غير الحق حتى نحترم في الداخل والخارج . وان اتجاهنا جميعا اتجاه ديني ، وكلنا نزعة اسلامية لأننا خدام للحرمين ، وهنا منبع الدعوة الإسلامية … لان عزنا وسؤددنا بالإسلام .وأن الاشياء التي لا تحفظ للصحافة هيبتها ومكانتها ابتعدوا عنها … وعلى صحافتنا أن تعمل لمصلحة هذه البلاد وليس لمصالح البلاد الأخرى… الصحافة حرة في دائرة العقل والحكمة ، وانا لا أمانع في النقد للمصلحة العامة بعيدا عن الاهواء والأغراض والتوجيهات المغرضة ، والنقد النزيه هو لخير الوطن .والانتقادات التي تخالف مبادئ الاسلام لانرضى بها ، واحب ان انبهكم باحترام رؤساء الدول الاجنبية ، ولايجوز التعوض لاشخاصهم ، لان لهم حرمتهم ومكانتهم . الصحافة يجب أن تحترم نفسها وأن توجه الجمهور التوجيه الحسن.“
واتخذ اعلام المملكة صفة الرزانة ، والعقلانية والكلمة الرصينة ، وكان هذا الذي اتسم به ، لكونه مدرسة متكاملة يحتذى بها ، لانها فرضت احترامها على الاخرين خلال عهود الملوك رحمهم الله ، وحتى عهد الملك سلمان حفظه الله . ولكن وجود الفضاء المفتوح في الانترنت الذي حاد عن السياسة الاعلامية للمملكة التي يفتخر بها كل سعودي ، يوجد اقلام تسيء لصورة المملكة حتى لو كانت اهدافها وطنية ، لان الاعلام احتراف في صناعة الكلمة ، ومصداقية في تقديم الحدث ،وهذا ما يهمنا هو صورة المملكة التي بنيت خلال اعوام طويلة بعناء وتكونت في ذهن العالم بصورة جادة وصادقة من ان تفقد هذه الهوية المميزة بها والتي نخاف عليها من الذوبان .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *