عبدالله فراج الشريف

الأمن غاية البشر، فكلهم يطلبه أفراداً كانوا أم جماعات، ويسعون لتحقيقه والأمن في مفهومه الذي يعرفه السالكون الطريق إلى ربهم، لايدركه من يظن ألاَّ أمن له إلا إن حماه الخلق من الأخطار، وينسى أن الحامي الحقيقي القادر على درء كل خطر عن الانسان، وإنما هو خالقه الذي يعلم عنه كل شيء فهو الخبير بعباده اللطيف به، وما وثق عبدٌ بربه إلا ونجا، وما أساء الظن به أحد إلا وخسر، فما أراد أحد أمناً في الدنيا، وأهم منه أمناً في الآخرة، إلا ووجب أن يطلبه بطاعة ربه، يأتي بما أمر الله به، ويجتنب ما نهى عنه، وأن يلهج بذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، وما أحس بخطر يقترب منه إلاّ ولجأ إليه مؤمناً بأنه سينجيه من كل خطر، ودوماً يوثق صلته بربه، يدعوه ويلح في الدعاء، وهو على يقين أن الله سيجيب دعاءه، فيحقق له ماطلب مادام مشروعاً، إن في الدنيا وإن في الآخرة، في ذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولابنون، فالسالك الطريق إلى الله كسبه للخير دائم، لهذا كان الدعاء مخ العبادة، وأثر منه عن سيدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم – ما يملأ المجلدات، وفي كتاب الله منه ما لو جمعه المؤمن لكفاه، إلى هذا التفت فقيدنا الحبيب معالي الدكتور – محمد عبده يماني – رحمه الله- فكانت رسالته المسماة « التأمين بالدعاء»، فقد لفت نظره سعي الناس إلى شركات التأمين، يؤمنون على أموالهم وأبدانهم، ولعل بعضهم يسعى للتأمين على حياته كما يزعمون، وهذا وإن كان بعضه مشروعا عن طريق التأمين التعاوني، ولكن الأعظم منه الاعتماد على الله، والاهتداء بهديه، وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف، والاقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في كل شأن من شؤون الحياة، فربنا وعز وجل خير مأمول وأكرم مسؤول، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، فقال لما يريد، لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ومن الإنصاف ألا يسأل غيره، لأنه المالك لكل شيء، ومن الحق ألا يستعان بسواه، لأن غيره مفتقر إليه لذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم : إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، فاستغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون، وإذا كان الأمر كذلك فلا يرد القضاء إلا الدعاء، وربنا يقول «ادعوني استجب لكم» لذا جمع في رسالته من الأدعية المأثورة ما اعتبر تأميناً للعبد من كل الأخطار، ودعا إلى استعماله .. رحم الله الدكتور محمد عبده يماني وغفر الله له وأسكنه فسيح جناته.
[email protected]
ص.ب 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *