الأزمة المالية العالمية بين العدالة الاجتماعية وأخلاق الرأسمالية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله نصار[/COLOR][/ALIGN]

هل أصبحت مبادئ وأخلاق الرأسمالية تتعارض مع تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الأزمة المالية العالمية؟..
هل الرهان علي دور القطاع الخاص وحده يكفي للخروج من هذه الأزمة أو احتوائها؟..
وهل أصبح علي الدولة أن تعود للرقابة علي البنوك ومؤسساتها بكفاءة. وقد أوضحت أحداث الشهور الماضية أن البنوك المرتبطة بالدولة في مختلف أنحاء العالم لم تشهد اهتزازاً. ورغم أن البعض الآن يعادي الرأسمالية المتوحشة ودفعت الأزمة المالية العالمية إلي انهيار شعار الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية الذي كان ينادي بتقليص دور الدولة في العملية الاقتصادية ومنع تدخلها في السوق وخطأ الرأسمالية الفادح كما كشفته الأزمة المالية العالمية أنها ارتكبت فضيحة أخلاقية وهي عولمة الفقر.. ويشمل هذا الدول الغنية والفقيرة علي حد سواء…
والخطأ الذي كان يروج له أنصار السوق الحرة وعليهم مراجعة موقفهم وهو الاعتماد علي جانب واحد من أفكار آدم سميث في كتابه \”ثروة الأمم\” عام 1776 حيث ركز علي أهمية السوق الحرة في تطور استقرار النظام الرأسمالي ولكنه عاد ودقق في أفكاره عندما ألف كتاباً آخر تحت عنوان \”نظرية المشاعر الأخلاقية\” وما يجري الآن في الساحة العالمية يؤكد أن الدول الفقيرة والدول النامية هي الأكثر تضرراً من الأزمة المالية العالمية لأنها أصبحت أكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي عما كانت عليه في الماضي..
وقال صندوق النقد إن هذه الأزمة التي نعيشها ستؤدي إلي كوارث إنسانية في الدول الفقيرة..
ومن المؤكد أن تقليص الفوارق بين طبقات المجتمع أي مجتمع هو السبيل الوحيد لاستمرار الرأسمالية ووضع ضوابط عادلة للأسواق.
ولكن ليس من المنطقي أن يركز البعض عندنا علي استيراد مفاهيم الرأسمالية التي لا ترعي البعد الاجتماعي وأصبحت تهمل المشاعر الإنسانية والأخلاقية والبعد الاجتماعي..
ويطلق عليها وبحق الرأسمالية المتوحشة التي ساهمت في عولمة الفقر بدلاً من أن تكون طريقاً للرخاء والارتقاء والإنتاج…
وغياب العدالة الاجتماعية يؤدي إلي تفاقم الصراع بين الأجيال ويؤدي إلي تهميش فئات في المجتمع لعدم قدرتها علي المشاركة. وما يمكن أن نقوله إننا نحتاج إلي رأسمالية تتصف بالبعد الأخلاقي والمشاعر الإنسانية..
فالعدالة الاجتماعية أو البعد الاجتماعي ليس مجرد فرصة عمل أو مسكن مناسب وهي أدني مقومات الحياة.. بل إن العدالة الاجتماعية هي التي تحقق الكرامة الإنسانية وتدفع بالناس إلي دعم قدراتهم وقدرتهم علي الكسب الحلال وجني ثمار الرأسمالية بدلاً من انتظار الهبات أو نتائجها السلبية وهي الفقر والعوز والحاجة. بينما تحصل أقلية علي كل شيء.. ولهذا فإن عودة الدولة ورقابتها علي الأداء الاقتصادي ضرورة.
ورعاية الفقراء والبعد الاجتماعي لا يتعارض مع الرأسمالية إلا إذا كانت من الصنف المتوحش الذي لا نريده وضاعت مصداقيته في دول كانت تدافع عنه.. ومساندة الفقراء ليس هبة أو عطايا تقدم لهم ولكنها حق لهم علي الدولة والمجتمع.. وينبغي علي الرأسمالية أن تلتزم بالمشاعر الإنسانية والأخلاقية حتي لا تفقد مصداقيتها وتظل في إطار خاطئ وهي عولمة الفقر..
ويصبح الحديث عن المشاركة السياسية بدون جدوي إذا لم يتمكن الفقراء من تحسين أحوالهم ويتمكن المجتمع من دعم قدراتهم علي الكسب والعمل وليس انتظار الهبات والمعونات..
ولعل الوقت قد حان لمراجعة وصياغة العقد الاجتماعي مع القطاع الخاص حتي نحدد أي نوع من الرأسمالية نريده.. وكيف تؤدي دورها بمراعاة المشاعر الإنسانية والأخلاقية. وهذا التزام وليس عملاً طوعياً بأي حال حتي يكتب لها الاستمرار.. والبديل هو أنها تخرج من الساحة ويصبح البحث عن طريق ثالث يكفل الحياة الكريمة للناس بعيداً عن التدخل المركزي للدولة أو الرأسمالية المتوحشة التي أصبحت مصدر قلق وترقب في الدول التي كانت تحرص عليها وتباركها وتساندها…
كلمات لها معني
إنه من الخطر أن تكون علي حق عندما تكون الحكومة علي باطل…
المفكر الفرنسي فولتير.
الجمهورية المصرية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *