بداية مما لاشك فيه أن قطاع الأحوال المدنية هو أحد القطاعات ذات الالتصاق بالجمهور من المواطنين والوافدين, ويتولى تقديم الخدمات لهم ، ولا ننسى أنه يشكل خطا أمنيا أول وقاعدة معلومات أساسية بل (مرفق إستراتيجي ) يحظى بإهتمام وحرص ولاة الأمر , ومما لاشك ان عمل الاحوال عمل توثيقي مهم يتطلب حرصا شديدا وضبطا وربطا لإرتباطه في معظم تخصصاته في توثيق الهوية الوطنية ، لذلك فالمسؤول والموظف العادي في الاحوال المدنية كل منهم محمل بمسؤوليات جسام وضوابط مهمة التدقيق معها وفيها من اولويات إتقان العمل ، وهي تكاد تكون الإدارة الأكثر مساءلة لموظفيها حتى بعد انتقالهم لجهات أخرى أو تقاعدهم أو إستقالتهم . لأن أي خطأ هنا يمس الهوية الوطنية التي لاتقبل التساهل لذلك ليس معيبا التدقيق وإن أخذ وقتا ليس يسيرا ، لكن ما يعاب احيانا هو عدم جودة الأداء من خلال سلبيات تحدث هنا أو هنالك ، والتي عادة نتطرق اليها هنا أو في وسائل أخرى بين فينة وأخرى من باب أن الكاتب شريك في التنمية وتقصي جوانب معالجة القصور ، التي لن تطفيء الجوانب المشرقة في هذا الجهاز أو غيره بإذن الله ثم بجهود المخلصين ، وأذكر أنني قبل أكثر من ربع قرن لامست جوانب قصور عدة في هذا القطاع وتناولتها في حينه بصحيفة المدينة العدد 8264 بتاريخ 24 /6 /1410هـ تحت عنوان ( في الأحوال تدهورت الأحوال ) وفي وضع مماثل كان لي مقال آخر بصحيفة البلاد بالعدد ( 14288 ) بتاريخ 28 /2 /1416هـ ولا اود سرد مقالتي هنا في هذا الشأن ، لكن لايفوتني أن مقالا كتبته بعد انتقال مبنى الاحوال من الشرفية إلى مشرفة أشدت فيه بالنقلة النوعية آنذاك ووجود لأول مرة صالات وتنظيم ومواقف سيارات أن ذلك المقال بقي منشورا وحيدا في لوحة الشرف بصالة الاستقبال لعدة أشهر وكان لزاما عليّ مثلما أنتقد أن أشيد لأن رسالتنا ( إشادة بدون مبالغة ونقد بدون تجاوز) وذلك يعني أن متابعتي شخصيا ليست لتتبع السلبيات بل كانت شراكة صادقة في التطوير خصوصاً وأنني امثل المراجع الذي يعد هو المقيم الأول لعمل هذا المرفق أو ذاك ، وسبب عودتي لتناول هذا القطاع المهم أنني يوم الأحد الماضي كنت اراجع إدارة الأحوال بجدة شارع الأربعين للاستفسار فقط عن خدمة معينة ، وقابلت موظفا شرح لي طريقة الحصول على الخدمة وشكرته وانصرفت وعند الخروج من المبني لاحظت أن هنالك سماسرة يظهر أنهم يستغلون بعض الثغرات وضعف الرقابة وبعد الإدارة عن ملامسة هموم المراجعين بدون شكاوي ، فيصطادون من تتعثر معاملاتهم أو مواعيدهم فيعرضون عليك خدماتهم من بيع مواعيد ذات اليوم أو عرض خدمات أخرى على الوافدين ، حقيقة أزعجني ذلك كثيرا فعدت لأطرح هذه السلبيات على مدير أحوال جدة فلم يكن موجودا وحاولت مع نائبه فكان هو الآخر ليس موجودا ، وعندها ادركت لماذا الأجواء صاخبة والزحام شديدا والصراخ يتعالى هنا وهنالك لذلك اختصرت الخطى وقررت الانصراف لقرب صلاة الظهر.
والحقيقة التي أدركها أنه ربما لايكون لمن بداخل ذلك المبنى علاقة لما يجري أمام البوابة ، ولكن كان عليهم الحزم والضبط ، فلا يعقل أن يكون هنالك من يعرض خدماته جهارا نهارا لو لم يكن هنالك بعض الثغرات التي قد يستغلها ضغاف النفوس ، مسألة بيع المواعيد كان يمكن القضاء عليها بعدم قبول الموعد في شباك الاستقبال مالم يكن مطابقا لاسم المستفيد والخدمة ، وهذا لاشك سيقضي على زحمة المواعيد التي عادة تحجز وهمياً من قبل اولئك المستنفعين ، لعرضها في أيامها وامام نظر وسمع إدارة الأحوال ، وبالنسبة للخدمات التي تعرض على الوافدين لابد من التحري وتتبع أولئك المترصدين للقادمين للأحوال او المغادرين ، ويوقع بهم الجزاء والتشهير إذا لزم الأمر ، لأن مثل اولئك يسيئون لمرفق حيوي مهم .
وحتى نكون جادين في ذلك أرى أن أهم خطوة هي اختيار المسؤول والموظف المناسب في المكان المناسب خصوصا كمرفق مهم لا مجال فيه للمحسوبيات والمجاملة ، لتكون الخدمات محصنة وتتوافق والطموحات التي رسمها ولاة الأمر وينتظر المراجع ملامستها من هذا المرفق دون عناء أو اللجؤ للطرق الملتوية ، لذلك فالإدارة الناجحة هي التي ترى أن أداء المسؤوليات بجودة عالية تتطلب الايمان بالشراكة الإيجابية التي تؤمن بروح الفريق الواحد الذي يجد اعضاؤه انهم مكملون لبعضهم البعض ، إذا لابد أن يرقى كل فرد إلى التفكير بالأداء الجيد ، ولن يكون ذلك إلا كما اسلفت بتضافر الجهود والبعد عن المجاملات في التعيين واختيار الأكفاء أصحاب التخصص والخبرة والتمرس العملي المنتج ، حتى لا تسيء لكل الجهود التي تسعى لها الوكالة وفق التوجيهات والرؤى المرسومة سلفا لكل قطاع ، نتمنى أن تزول تلك السلبيات سريعا وأن تعود أحوال جدة كما عهدناها سابقاً وأشدنا بها..هذا وبالله التوفيق
جدة ـ ص ب ـ 8898 تويتر (saleh1958)

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *