إن العالم يتغير .. (الليل الطويل)

قبل ان تهبط الطائرة في مطار الملك عبدالعزيز في جدة ..كنت اتصفح خبرا يقول ان المطار يعتبر الاسوأ في العالم .. او كما نشر .. ودخلت الصالات وانا اتلفت يمنة ويسرة لأقارن ما قيل بالواقع الذي يجثو عليه المطار ..

وفي اليوم التالي طلع علينا احد مسؤولي العلاقات العامة في هيئة المطار ليتحجج بقدم المطار وان طاقته الاستيعابية انتهكت اضعافا .. فلذلك صنف كأسوأ مطار في العالم ..ثم لم يكتف بذلك بل ذهب الى الابعد وشكك في منهجية ومصداقية الدراسة والاستقصاء .. ولو كنت مكانه لقلتها صريحة مدوية ..نعم انني ..او ..اننا نتفق مع الدراسة ..ونحن غير راضون عن وضع المطار وخدماته .. تماما كما فعلت ادارة مطار لاجوارديا في نيويورك ..عندما تذمر المجتمع من وضع المطار هناك.. حيث اعترفت وقالت فعلا .. ان المطار سيء.. ومضي عليه اكثر من 60 عاما دون تطوير جاد .. ولكن سنعيد تصميمه وتغييره .. فالامانة العلمية والشجاعة المهنية تتطلب ذلك. وخصوصا ونحن نتعايش ونعاصر معطيات القرن الواحد والعشرين.

القضية بالنسبة لجمهور المتعاملين مع خدمات المطار هي ليست النفي او التأكيد ..انها اكبر من ذلك بكثير .. انها استشعار المسؤول واعترافه بان هناك عدة مشاكل يعاني منها مطار الملك عبدالعزيز ومن ادارته… ومنها مبانيه القديمة .. ومستوي النظافة السئ جدا .. وتقادم الاجهزة والمعدات التي تخدم العملاء والمسافرين .. والادارة العاجزة حتي علي الرمرمة واصلاح ما يمكن اصلاحه .. والصالات والاتوبيسات والابواب والكاونترات التي غلفت بتجاليد الاعلانات ..واكسبت المبني مظهرا كئيبا وحولته بل واختزلته في لوحة اعلانات وحولته الي مقهي شعبي في احد ازقة جدة المكتظة بالفوضي .. واسبغت عليه صفة شوارع دول الشرق الاقصي التي تنتشر الاعلانات علي واجهات مبانيها ومحلاتها . هذا غير العمالة التي تنقل العفش للركاب وتزكم الانوف بروائحهم الشخصية النفاذة .. واسراب سائقي التكاسي وهم يعترضون الركاب عند خروجهم من الجمارك في حملة ترويجية حراجية لتأجير سياراتهم .. وتمتد الفوضي الي الدور العلوي في منطقة تنزيل عفش الركاب في منطقة السفر .. انها المأساة بعينها .. فان لم يراها المسؤلون فهذه مصيبة مركبة.

بالله عليكم قولوا لي كيف يجرؤ من يجرؤ ان يعترض علي هكذا دراسة او تصنيف ..وبصرف النظر عن منهجية ونزاهة الدراسة .. فذلك يعني انه تعامي مقصود .. لانه لا يري ما يراه المسافرين
واسمحوا لي ان اوجه عتابا قاسيا لهيئة الطيران المدني واقول لهم ان النوايا الحسنة .. والوعود والتصريحات بالاصلاحات ليست كافية

.. بل المطلوب رؤية خلاقة .. وافكارا مبدعة .. لاصلاح اوضاع المطار بقدمه .. وضيق طاقاته الاستيعابية .. فكل دول الدنيا لا تبني كل يوم مطارا جديدا .. بل تخطط لتطويره ونظافته … وصيانتة .. وتضع اللمسة الجمالية والحضارية التي تكسوه من الداخل والخارج … واولا واخيرا تحرص علي تقديم الخدمات من منظور الركاب والعاملين بالمطار .. وليس من منظور الادارة العاجزة التي تقول ليس بالامكان احسن مما كان…

ياسادة بالرغم من كل التصريحات المتضاربة والمتناقضة لما يجري علي ارض الواقع ..حول موعد الانتهاء من بناء المطار الجديد ..فهي غير مؤكدة وللاسف غير مأمول تحقيقها في القريب العاجل .. وحتي لا تدفع الاجيال الحالية ثمن الانتظار والمعاناة والشقاء نظرا لتقاعسنا ونضوب الفكر الابداعي في تصميم ووضع الاستراتيجيات والاهداف التي تحقق التطوير المؤقت للمباني الحالية .. ثانية بثانية .. والتي تحس بنبض جمهور المسافرين وتطلعاتهم وتوقعاتهم واحتياجاتهم. وليس انتظارا لمطار جديد كل يوم هو في تأجيل .. ؟؟!

فنحن في حاجة الى مطار حديث او قديم .. يعترف بحقوق العملاء من خدمات ذاتية وفق احدث التكنولوجيات .. وراحة ورفاهية .. ونظام امني غير مرئ ونظم واجراءات سفر وجوازات الكترونية ووفرة وانسياب في المعلومات لحظة بلحظة .. وانسياب في الحركة .. وتعامل راقي من قبل موظفين وعاملين اكفاء واجواء هادئة وايقاع الموسيقي الذي يكسب النفس الهدوء والطمأنينة .. وشذا الطبيعة وارقي روائح العطور العالمية .. ولمسات جمال الالوان والاضاءات المدروسة. .والصالات والصوالين والمقاعد المريحة .. والقائمة تطول ..

ياسادة ..ما ذكرته ليس اقصي مايتمناه المسافرون والعملاء حيث الفجوة كبيرة بين ما نتمنى وبين ما ستكون عليه مطارات القرن الواحد والعشرين .. حيث مفهوم السفر سيتغير جذريا .. بفضل التطور التكنولوجي وطموحات واستشعار القائمين علي تطوير خدمات المطارات المستقبلية من حيث المفهوم وليس تقليدا لما هو قائم عند جيراننا او ماهو متجذر في ثقافتنا ..
ويجب ان لا ننام في العسل ونتحجج باننا في انتظار المطار الجديد .. فالانتظار ليله طويل .. وتذكروا ان الاجيال تغيرت .. والتطلعات تغيرت ..والاحتياجات تغيرت .. وان العالم تغير ..

التصنيف:

2 Responses

  1. لا اضيف على ما تكرمتم بتوضيحه فقد شملتم المعاني والمعاناة ، اعتبر المطار واجهة المدينة .. وتلك واجهة جدة تدل بمطارها .

  2. نعم أخي زين المسألة بالنسبة لكثير من القضايا ليست النفي او التأكيد.. بل استشعار المسؤول واعترافه بان هناك مشكلة، فالإعتراف بالقصور بداية الإصلاح ليس للمطار وحده بل لكل شؤون البلاد والعباد..
    وحتي نجد مفتاح الحل علينا تسخير كل إمكانياتنا المتاحة لتحسين الإداء وتذكر المثل القائل: « الشاطرة تغزل ولو برجل حمار ».!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *