إن العالم يتحول .. طبق اليوم .. ملوخية حمرا..

زين امين

عزيزي القارئ .. هل تتفق معي انه سيأتي اليوم الذي نعد فيه طبق الملوخية الحمراء .؟! انها امنيتي ..سأقول لك لماذا. !!

خلال شهر رمضان تلقيت العديد من العزومات لتناول طعام الافطار في منازل الاهل والاصدقاء ..وبعضها كان خارج اسوار المنازل في الفنادق والمطاعم ..

ولبيت الكثير من تلك الدعوات وكنت امني نفسي بأكلات شهية مميزة غير تقليدية بعد يوم طويل من الصيام .. الا انني للاسف صدمت لانني وجدت هناك عوامل مشتركة في منازلنا وفنادقنا ومطاعمنا .. حيث عند اعداد الاطعمة فاننا نحافظ عليها تقليدية دون تطوير او تغيير ..نفس الشكل واللون ونفس الطعم والرائحة والملمس .. لا جديد فيها ..فالملوخية لا زالت خضراء وسائلة .. والخبز اصفر .. والفول لونه بني ..وشيش الطاووق لونه ذهبي ..وعصير الليمون لونه اخضر ..؟! وباختصار شديد ..مهما تتجه تجد نفس الطبق ونفس العرض ونفس الشكل والالوان .. بالرغم من ان سيدة البيت تقول لك ستاكل مكرونه بالباشميل ..تجعلك تاكل صوابعك وراها .. ودعايات المطاعم والبرامج التلفزيونية تقول لك نحن نطبخ الجديد .. الا انك تجد كل شئ علي ماهو عليه حتي ترتيب البوفيهات تاخد نفس المكونات وطريقة العرض .. وفي النهاية ستجد مطاعمنا ومطابخنا ستفقد روادها من الجيل الجديد الذي يطمح ويرغب في كل شئ جديد ومتطور بعيدا عن الرتابة والملل .. وبهذا تبتعد مطاعمنا تدريجيا عن العالمية والمعاصرة ..وبالتالي ستختفي تماما ..

خبراء الالوان والطعام .. يقولون .. دائما ما تتغلب حاسة النظر على حاسة الطعم في الاكل والشرب .. لان البشر تعودوا على نمطية وشكل الطعام والطريقة التي نعده بها .. ولقد اثبتت التجارب والابحاث انه عندما تتغير الوان الاطعمة والمشروبات فان ادمغتنا توحي الينا ان الطعم مختلف. ؟! وبالتالي ربما يكون اكثر لذة او رداءة من الطعام الذي تعودنا علي رؤيته.

عزيزي القارئ .. لقد سمعت بالمثل القائل ..ان العين تأكل قبل الفم .. هذه حقيقة اثبتها العلم والتجارب ..لان مستقبلات الطعم في اللسان ( براعم التذوق) تستطيع ان تميز بين المالح والحلو والحادق والمر ..وبالتالي ترسل اشاراتها الي المخ لتدلك علي الطعم .. الا اننا دائما ما نشاهد الطعام قبل ان نتذوقه .. وبالتالي ترسل اعيننا اشارات الي امخاخنا تدل وتقترح علينا طعم ونكهة الطعام .. وبهذا هناك امكانية متعاظمة ان ادمغتنا تشوش وتؤثر علي قبولنا علي الطعام والحكم عليه .. وهنا يمكننا القول ..ان لون او الوان الطعام تلعب دورا مهما في تحديد الطعم والنكهة والاقبال عليه ..فالبشر جبلوا وتعودوا علي الربط بين بعض الالوان والطعم منذ ولادتهم .. ويكون لذلك دلالة لهم بطعم مميز.

ما نقصده هنا هو ان التأثير المتعمد بتغيير لون البرتقال من اللون الاصفر الى الاحمر القاني ..يقودنا الى الانطباع انه عصير فراولة مضافا اليه عصير برتقال نتيجة الرائحة المنبعثة من المكون الاساسي للعصير .. وفي هذه الحالة هو البرتقال. وهكذا ..يجب ان لا يقتصر هذا علي العصيرات بل ينسرد ذلك ايضا علي الاطباق الرئيسية وطريقة عرضها وتكوينها بالالوان المبهجة التي تشد الانسان لالتهامها ..

ياسادة ..للاسف بالرغم من اننا نعتبر ملكوك السنبوسه والكفته والفول المدمس ..وغيرها الكثير ..الا اننا فشلنا في انتاج سلسلة مطاعم سريعة تقدم هذه الوجبات بطريقة متطورة وسريعة وراقية بالاعداد والتغليف تناسب كل الاعمار والاذواق والجنسيات وتنتشر عالميا . والسبب هو غياب مفهوم التطوير والتجديد والحفاظ علي وجباتنا بشكلها التقليدي علي اعتبار ان التطوير يفقدها مذاقها وشعبيتها ..وهذا السبب غير صحيح علي الاطلاق حيث ان اذواق الجيل الجديد تتاثر بالمذاقات العالمية وتعتاد عليها وفي النهاية تصبح طعامها المفضل ولا ادل علي ذلك من الهجمة التي نشاهدها من محلات السوشي اليابانية والتي تعتبر جديدة علي موائدنا الا انها اخذت شعبية كبيرة عند جيل الشباب.

واخيرا نحن العرب لدينا مطابخ غنية وثرية بتنوع الاكل ومكوناته وطعمه ولذته .. الا انه ينقص اطباقنا التطوير في الاعداد والتقديم وجعلها لوحة فنية تسر الناظرين قبل استطعامها.. فما بالك لو طورنا طبق البامية.. وجعلناه بامية مكعبات صفراء؟ !

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *