[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالله فراج الشريف[/COLOR][/ALIGN]

من محاسن الإسلام أن جعل الله النصيحة واجبة على المسلم لإخوانه، إذا كان من أهلها وتأهل علماً وخلقاً، فهي قوام الدين وعماده، فسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( الدين النصيحة ثلاثاً، قلنا لمن يارسول الله قال : لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم)، وقد عدّ العلماء هذا الحديث من جملة الأحاديث التي تجمع أمر الاسلام كله، والنصيحة لون من النقد معلن وسري يكشف عن الخطأ والقصور ويقومه، وهي ليست موجهة للأفراد من العامة فقط، بل تشمل الأئمة ومن بيدهم الأمر في المجتمع المسلم، فإذا ضم إليها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الفريضة التي إذا فقدت انتشر الفساد ودب الاضطراب الى الحياة، واذا شاعت نجا المجتمع كله، لذا كانت هذه الفريضة في خيرية الأمة، حيث قال الله تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)، وذم ربنا بني اسرائيل لعدم قيامهم بهذه الفريضة فقال: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داؤد وعيسى ابن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه بئس ما كانوا يفعلون)، وهذا يعني بالأمرين معاً إلا يصمت المسلمون على ترك معروف أمر الله، ولا على فعل منكر نهى الله عنه، وحتماً أن النصيحة في مجال التعامل بين البشر ن والحسبة على كل ما يخل بحسنه هو الأصل، وليس الأمر مقصوراً على العبادات ومظاهرها، فمن يحتسب على من ترك شيئا من الشعائر التعبدية، ولايحتسب لما يتعرض له الناس من مظالم مثلاً، لم ينه عن منكر، ومن أمر بصدقة ولم ينكر على من تهاون في حق الفقراء فلم يخرج زكاته لم يأمر بمعروف، والنصيحة لا يلزم أن تكون سراً إلا بين الأفراد، أما في القضايا التي تهم مصالح الناس المشروعة فلا بد من الجهر فيها، ففي الحديث الصحيح (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر). فالنقد الوسيلة الأهم لإصلاح كل خطأ يقع، والقضاء على كل قصور يظهر في حياة الناس وحفظ حقوقهم وتوفير كراماتهم، والأمم التي تطورت وتقدمت كان النقد فيها شائعاً، لايوضع عليه قيد إلا ما كان أدباً في الخطاب، وكلما تكاثرت القيود على حرية الرأي، ووضعت النظم المقيدة لحرية التعبير غاب النقد، وإذا غاب النقد لم يتم أي وجه من وجوه الاصلاح، وما تتراكم الاخطاء وألوان القصور في أداء الأعمال المتعلقة بمصالح الخلق ،ومن ضمن هذا انتشار الفساد والمظالم .ولايتم إلا إذا غاب النقد، الذي يفقد بغياب حرية الرأي والتعبير، والتصور أن هناك من البشر من يمكن حمايته من النقد قصور خاطئ ،لأنه يعني التفويض بأنه لايقع منه خطأ، وهذا يعني إضفاء لون من العصمة عليه ، التي لا تكون لأحد من البشر إلا لمن عصمه الله من الرسل في التبليغ عن ربهم، فهل ندرك هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

ص.ب35485 جدة 21448
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *