زمان قبل العصر الالكتروني والعصر الكرتوني والعصر الحلزوني، كان التعليم عن طريق التلقين والحفظ. وهذه ثقافة عربية فالشعر ديوان العرب. عن طريق الشعر وثق العرب تاريخهم وحياتهم وأخبارهم وحكمهم. فعندما تقرأ معلقة زهير ، تجد أنها خلاصة تجارب لرجل جاوز الثمانين عاماً فقام بتلخيص تجاربه في قصيدة جل مافيها من الحكم والقيم لازلنا نستعمله ونطبقه إلى اليوم وقد نقل إلينا عن طريق الحفظ جيلاً بعد جيل.
وقد كان التعليم بالحفظ والتلقين طريقة معتمدة وكانت هناك أهزوجات أعدت لذلك ويقوم المعلم بإلقائها علينا ونحن نرددها خلفه دونما وعي في البداية ، ولكنها مع الوقت ترسخ في أذهاننا. فكنت تمر بجوار أي فصل أو كتاب فتجدنا نردد وبصوت عال ” ألف لاشيء عليها والباء من تحتها نقطة”
منهج تعليمي قديم يعتمد الحفظ بداية ثم يأتي الفهم والشرح لاحقاً، ليثبت ما حفظنا فيبقى في الوجدان ولا يزول.
ثم جاءت بعد ذلك مناهج وأساليب أخرى تنضوي تحت لواء التربية التعيسة – آسف أقصد الحديثة- حيث في المجمل تعتمد على الأسلوب المرئي والفهم مع إسقاط الحفظ أو التغافل عنه. والنتيجة أن الفهم يكون مؤقتاً ثم يزول بعد وقت، ولا يبقى منه شيء. فلا حفظنا و لا فهمنا.
منهجان مختلفان في التربية مررنا بهما وقتاً كافياً ولا بد من وقفة للتقييم أيهما أفضل لنا. رحم الله زماناً، كان الطلاب يحفظون ألفية ابن مالك عن ظهر قلب فلا تجدهم يخطئون في النحو.
لا تبتئس ولا تهتم، إنه كلام رجل من عصر الزيزفون يعيش في عصر الليمون ويكتب في عصر الحلزون.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *