أفضل من أمريكا ..؟!

زين امين

اتجهت إلى غرفة والدي – رحمة الله عليه – وهو يناديني ..وطلب مني ان احضر له الطبيب .. وخرجت اركض إلى العيادة في باب مكة ..وبعد ساعتين من الانتظار رافقني الطبيب الي المنزل شريطة ان احمل له حقيبته الطبية .. هكذا كان البروتوكول قبل 50 عاما ..وفي نهاية الزيارة اعطيته اتعابه وكانت عشرين ريالا فأخذها وقال لي – مصائب قوم عند قوم فوائد – وقهقه بصوت عال بالطبع كان يجب علي مرافقته إلى العيادة كي يعطيني بعض الادوية واحمل الحقيبة .. هذا كان زماننا؟ ؟!!
اما اليوم ( منذ بضعة ايام) تلقيت مكالمة من الابن محمد عثمان زكريا وقال لي انه اضطر ان ينقل والده إلىى المستشفي نتيجة تعرضه لكسر في ساقه ..وحكي لي معاناة والده اثناء انتقاله الي المستشفي بسيارة الاسعاف غير المجهزة لنقل مرضي الحوادث والكسور دون تعريضهم لمطبات الطريق وحفرياته ..والتي يمكن ان تضاعف الآلام والكسور ..
ومكث اخي عثمان زكريا في المستشفي 21 يوما وكنت اعوده انا وبعض الاصدقاء واشاهد واعاني من ازدحامم ممرات المستشفي من المراجعين والمرافقين والزوار وكأنك في احد مولات جدة .. وبالطبع ينتقل الزحام الي غرف المرضي بغرض الزيارة ..انها ساعات حرجة وعصيبة للزائر والمريض ..وتصادف في نفس الفترة ان توعك ايضا اخي معين امين واضطر لدخول نفس المستشفي. وكنا نعاني من نفس الزحام والحرج.
وخلال فترة اقامتهما في المستشفي كانت كل عائلة تفكر في ترتيبات العودة الي المنزل وعمل التجهيزاتت المطلوبة .. اخي معين اصابه الملل وكان يلح علي الخروج بأسرع وقت ممكن .. اما اخي عثمان زكريا -ونظرا لظروفه الصحية والبدنية – فكنا نعقد الاجتماعات في غرفته لمناقشة ترتيبات نقله إلى المنزل وتذليل الصعوبات حيث ان جبيرة ساقة تعيقه عن المشي او حتي ثني ركبته .. والمبكي في الامر ان لا احد من الاطباء ازجي له نصحا او تعليمات بشأن الترتيبات المطلوبه من لحظة خروجه من المستشفي وحتي وصوله الي منزله وماهية الاجهزة المساعدة المطلوبة في غرفته .. حتي سيارة الاسعاف التي يجب ان ينقل فيها لم تكن مخطط ومرتب لها واضطررنا لاستجداء شركة التأمين لتوفيرها ..
ونحن في خضم هذه المعاناه تذكرت حادثة ولادة زوجة احد اصدقائ في مستشفي امريكي. وقبل خروجهم منن المستشفي حضر اليهم مندوب واعطاهم ارشادات وترتيبات الخروج وسألهم ان كان المنزل معد وجاهز لاستقبال المولود الجديد ..وان السيارة التي ستنقلهم مجهزة بكرسي مخصص للرضع .. والا فان المستشفي سيقوم بعمل ترتيبات النقل عبر سيارة مجهزة .. وحتي يتأكد المندوب من ترتيبات النقل بسيارتهم الخاصة ذهب بنفسه لمعاينة الكرسي في السيارة حفاظا علي سلامة المولود ..الخ
رب من قائل ان ذلك في امريكا ونحن في السعودية .. ولكن ازعم بشدة اننا قادرون علي ان نكون افضل من امريكاا ..فلدينا العقول والمال والعلوم ..ولا ينقصنا الا الارادة والنظم والعمل .. والانضباط ..
ولكن ياصديقي لست بصدد سرد القصص والحكايات ..بل قصدت من ذلك ان اقول لك ان الاجيال القادمة سوف لنن تعاني من هذا التخلف والمشاكل والمواقف ..بل ان ادوات العصر ونظمه كفيلة بإيحاد حلول ناجعة لمشاكلنا.
خذ مثلا ..هل بالضرورة ان نذهب يوميا الي مرضانا لزيارتهم في المستشفي لماذا لا نوظف تكنولوجيا التواصل عبرر النت بالصوت والصورة في بث حي ومباشر في وقت محدد يوميا من غرفة المريض إلى اهله واصدقائه الا عائلته الصغيرة التي يجب ان تكون معه, ربما نستنكر ذلك الان ..ولكن هذا الامر قادم لا محالة.
وهناك جوانب اخري في تطبيقات التكنولوجيا في القطاع الصحي ..فمثلا عند دخول المريض الي المستشفيي يمكث لساعات طويلة في الطوارئ انتظارا لنتائج الفحوصات وكشف الاطباء .. الا انه يمكن لكل الاطباء مراجعة نتائج الفحوصات والاشعات من خلال منصاتهم ومناقشة الطبيب المشرف عن الحالة والمتواجد بجانب المريض ..سواءً كان ذلك في الطوارئ ام اثناء المرور اليومي للاطباء في غرف المرضي ..حيث يتم مناقشة بروتوكول العلاج مع الممرضات واخصائي الاشعة والتغذية والعلاج الطبيعي والطب النفسي ..في نفس الوقت الخ ..
يا اصدقائي القائمة تطول ..ووقتكم قصير ..ولكن وددت ان تتذوقوا حلاوة المستقبل حتي ونحن نعاني من المرض … وذلك سيوفر الكثير من الجهد والمال والوقت والراحة للمريض وعائلته وبالدرجة الاولي للاطباء والمستشفي. والتامين؟
نريد ادارة ..ومدراءً ..وروادا .. يدركون ان العالم يتغير ..ويتحول ..وان القادم احلى حتى لو كنا مرضى.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *