عندما كنّا صغاراً، كانت تستهوينا قصص الخيال والسحر أكثر من غيرها من القصص، وكنّا نسافر بخيالاتنا مع كل قصة تتحدث عن تلك الساحرة رقيقة القلب، جميلة الابتسامة، ولا مانع أن تكون ممتلئة القامة حتى نشعر بحنان الأمومة معها، تحمل عصاها السحرية وتحقق لنا المستحيل، ثم نبدأ في وضع المستحيلات التي نريدها نتتبعها وهي تتحقق –داخل منطقة الخيال لدينا- فتغمرنا سعادة عظيمة وإيمان بأن كل الأمور يمكن أن تصبح حقيقة إذا وجدت تلك الساحرة.

كبرنا وعرفنا أن لا وجود لساحرة طيبة، وأن السحر في أصله نوع من أنواع الشر، وعرفنا أن السحرة هم مجموعة من المشعوذين يحاولون إرضاء عملائهم بتحقيق رغباتهم الناتجة عن حب الاستحواز على ما لا يملكونه.. فتدمرت في خيالنا صورة السحر وعالم قصص الحب التي تحققت من خلال عصا ساحرة “سندريلا”..

لم يختفي السحر ولا السحرة لكن تغيرت منهجيتهم فنسجوا لنا الخيال من خلال الرقص على أوتار قدراتنا، فأصبحنا نتحدى أنفسنا ونجزم بأننا نقدر، وأننا أقوى من المستحيل – بطريقة الكبار هذه المرة- لا يقف أمام رغباتنا أي عائق حتى لو كان عائقاً بشرياً أو أخلاقياً لا يهم مادمت أقدر أن أتجاوزه.

كبرت أحلامنا، وكبرت رغبتنا في تحقيقها، ومن الممكن أن بعضها قد تحقق بالفعل، لم نضع في حسباننا أن الاحلام أيضا تحتاج لدراسة جدوة وتحليل بطريقة سوات أو القبعات السبع للتفكير أو غيرها من الطرق، قبل السعي خلفها بشغف حتى لا نندم على أننا حلمنا بها ذات يوم.. لم نعي أننا نحتاج لتصنيفها وفرزها كما تفعل عمادة القبول والتسجيل في الجامعات، فتقوم برفض بعض المتقدمين وتقبل البعض الآخر في الفرز الثاني، وتحول من البقية للانتساب.

ولو أننا نظرنا لمنهجيتنا الدينية جيداً لتيقنّا أنها لم تبنى على قانون الحلم والرغبة فقط، بل وضعت تحت نوع من أنواع الدراسات الواضحة وهي (الاستخارة ثم الاستشارة).

ألم تشعر بالندم في لحظة من لحظات حياتك عندما تحقق لك حلم وقلت في نفسك ليته بقي في منطقة الأحلام قبل أن يفقد جماله بالظهور.؟ لا تندم وأدرجه من ضمن الأحلام التي لم تأخذ نصيبها من التمحيص، فهو في الأخير درس من دروس الحياة التي تزيدك قوة لو فهمتها.

(( والله لاتمناك حتى أصدق إنت واقع جمب مني… والله لاستناك وأتخيلك مقبل علي يا جزء مني )) حالة من الرغبة الشديدة في تحقيق الحلم بإلحاح.. لما لا مادام المحبوب يستحق.!

عندما سمعت هذا الاستهلال من كلمات الأغنية، دار في عقلي سؤال قد يغضب الكثير من الهائمين عشقاً: ما الذي سيحدث بعد مرور سنين قلائل من تحقيق هذا الحلم.. وما هي الأمنية التي سيطلبها المحب هذه المرة تجاه محبوبة..؟
ليس الحب فقط بل كل أمور حياتنا نحتاج فيها لفرز ثاني وربما ثالث..

تويتر وفيسبوك / emanyahyabajunaid

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *