عيوب النقد الصحفي غير النزيه
لاشك أن الكاتب الصحفي يهتم بنقد ما يقع في المجتمع من ظواهر سلبية، خاصة فيما يعود على المجتمع بضرر بالغ، لكنه إذا عم بنقده السلبية على فئة معينة في المجتمع ولم يستثن منها احداً، كأن ينتقد المعلمين كافة، فيرى أن كلهم غير مؤهل للتدريس، بل واخذ نقده في صورة استهزاء بهم فأعلم ان له اغراضاً للتدريس، بل واخذ يصوغ نقده في صورة استهزاء بهم فأعلم أن له اغراضاً خاصة من هذا النقد غير النزيه، لا انه يريد إصلاح أحوال التعليم مثلا فالتعميم دوماً هو سيد الأخطاء، وهو الذي لا يعمد إليه عاقل، فالعاملون مثلا وكل أصحاب مهنة أو حرفة لا يمكن الحكم على العاملين فيها بحكم واحد، إلا ممن لم يختبر الناس ويعرف أقدارهم، فكل الناس يتفاوتون في الكفاءات والقدرات ومن ثم في العلم والخبرة، ولا يمكن الحكم عليهم كلهم بحكم واحد، وكأنهم متساوون في كل شيء، والنقد النزيه هو ما يتناول كل حالة على حدة، ولا يمكنه أن يساوي بين الجميع بحكم واحد، إلا إذا كان يزعم أنهم متساوون في كل ما ذكرنا، وهو ما يكاد أن يكون مستحيلاً، لذا فتعميم الحكم عليهم جميعاً خطأ فادح، فالذي يحكم على المعلمين لابد أن يكون يزيد عليهم في العلم والخبرة في مجالهم، أو على الأقل يساويهم، فإذا كان قد حاول أن يكون منهم ثم فشل، فانتقل هروباً من مهنتهم الشاقة لما ظنه أسهل منها، إلى مهنة أخرى يحتاج أهلها أن يقيموه فيها، وهل نجح أم أنه تقلب فيها كثيراً ولم يستقر حتى اليوم، فلا أظن أن له حقاً في نقد المعلمين أصلاً، وهو لا يعرف عملهم، والإساءة لا النقد إلى المعلمين هو لون من الاستهتار يجب مقاومته رسمياً ومنعه، فالمعلمون يكابدون المشتقات في مهنتهم خلال مدة عملهم فلا يزايد عليهم أحد ويستهتر بأقدارهم وهو لم يجرب ما قاسوه وليس لأحد مهما كان قدره أن يطالب أن يجري لهم اختباراً وأن توضع لهم المقاييس من أجل أن يمنع استهتاره بهم وبعملهم، بل هو من يجب أن توضع له المقاييس لعمله كصحفي وهل شهادته وخبرته تمكنه من تنصيب نفسه مقيماً لعشرات الآلاف من المعلمين في شتى أرجاء الوطن، أم أن الأسهل أن يعقد له اختبار فيما يعرفه عن التعليم ومقاييس العاملين فيه ، بل وما يعرفه عن الصحافة التي يعمل فيها وما خبرته فيها، فنحن حين نصمت عن إهانة المعلمين على هذه الصور نسلمهم لكل مستهين باقدار الناس يفعل ما يشاء، وحماية المعلمين من هذا العبث لا أقول مهمة وزارة التعليم فقط، بل مهمة المجتمع كله ويجب أن نضع للنقد الصحفي لفئات المجتمع ضوابط لا يخرج عنها حتى لا يتجرأ أحد على اقدار الناس ويسيء إليهم مادام قد راودته نفسه على ذلك، ومنع كل مستهتر أن يجعل من النقد وسيلة انتقام لمن كان بينهم وفشل أن يكون منهم، فأتخذهم لذلك غرضاً لسهامه فرجائي أن تحموا التعليم ورجاله أن يمسوا بسوء، فهم ركيزة المجتمع الأساسية، وهذا لا يعني أن ليس بينهم من يحتاج إلى إعادة تأهيل وتدريب فتلك سنة الحياة في كل أصحاب المهن، وفي الصحافة وكتابها الكثيرون ممن يحتاجون إلى ذلك ، ولعل منهم هذا المستهتر بالمعلمين وقد امضيت بين المعلمين ما يزيد على الثلاثين عاماً بدءاً من المدارس المتوسطة (الإعدادية) وحتى كليات المعلمين لقيت منهم كل التقدير والاحترام منهم ومن تلاميذي ومن الوزارة المشرفة على التعليم، وإني لأرجو أن يكون بينهم اليوم من أمثالي كثيرون وادعو لهم دوماً بالتوفيق.
ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: