كنا صغاراً يملؤنا الحماس وكنا نتحدث عن قدوم رمضان وماذا سنصنع به؟.
أنا ناوي أصوم هذه السنة، أنا سأصلي التراويح، أنا سأختم جزء عم وتبارك، عبارات كنا نرددها في آخر شعبان بشغف وحب كبير. كأننا نحاول إقناع رمضان أن يأتي وسنكون هذه السنة أفضل مما مضى.
على صعيد الحارة، تجري الاستعدادات لتجهيز مكان مناسب لنلعب الكرة الطائرة. ولا أدري لماذا كانت الكرة الطائرة هي اللعبة الشعبية في رمضان. عموماً كنا نجهز المكان بتنظيفه وتخطيطه وتجهيز أعمدة الشبكة وكذلك نجهز الإضاءة. كنا نعمل كل ذلك بالجهود الذاتية ولا يساعدنا أي شخص في ذلك.
توقيتنا لم يكن يتغير في رمضان إلا في أشياء بسيطة. بداية الدراسة صباحاً تتأخر نصف ساعة فقط. مدة الحصة الدراسية تنخفض من خمس وأربعين إلى خمس وثلاثين دقيقة وننصرف من المدرسة بعد أداء صلاة الظهر جماعة في المدرسة.
كان المقصف المدرسي يستمر في عمله في المدارس الابتدائية ولكن كنا نشعر بالحرج ولا نحب أن نجاهر بإفطارنا وقد نصاب بالإعياء نتيجة لذلك.
عندما نعود إلى بيوتنا، نحلم ببعض النوم إلى وقت العصر ولكن أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. فقد نجد أمهاتنا ينتظرن عودتنا لنحضر لهن بعض الأشياء من السوق. وهنا تبدأ المماطلة، أنا ذهبت قبل أمس، لماذا لا يذهب أخي ، أنا تعبان، ويأتي الجواب الصاعق، الآن تعبان؟ لو هناك لعب و “صرمحة” كان ذهبت. إذهب هداك الله وإلا سأخبر أباك.
بعد صلاة العصر، أجمل الأوقات إذ تبلغ النفس صفائها وهدوئها والجميع في هدوء وسكينة. يقرؤون القرآن أو يذكرون الله أو يرتاحون من عناء يوم طويل والجميع ينتظر أجمل الأصوات، صوت الآذان وصوت المدفع.
قبيل الإفطار بوقت قصير، يصبح البيت كخلية النحل، الكل يعمل بهمة ونشاط وفرح لتجهيز المائدة. وبمجرد أن يرتفع صوت الحق نفطر بما تيسر لنا ونحمد الله ونصلي المغرب ونشكر الله أن وفقنا لصيام ذلك اليوم. بعد ذلك ننتظر صلاة العشاء لنتجه إلى المسجد ونصلي العشاء وبعضاً من التراويح ثم نتسابق لنلعب الطائرة لمدة ساعة أو أكثر وبعدها يبلغ بنا التعب فنتجه للنوم. آه … كم أيقظوني للسحور وكم أكلت وأنا نائم وكم استيقظت صباحاً لأكتشف أن السحور قد فاتني فأذهب إلى كل مدرسي الدين واللغة العربية علني أجد فتوى تجيز إفطاري في ذلك اليوم.
كم كانت جميلة تلك الأيام ببساطتها بدون تليفزيون أو تليفون. رمضان بدون تكنولوجيا أفضل وأجمل.
كل عام وأنتم بخير.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *