جدة – نواكشوط – البلاد
تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى جمهورية موريتانيا ، ضمن الجولة الخارجية الهامة لعدد من الدول العربية الشقيقة، والتي تخللتها مشاركة سموه – حفظه الله – في قمة مجموعة العشرين للدول الأكبر اقتصادا في العالم.
وتعكس زيارة ولي العهد إلى موريتانيا قوة العلاقات المشتركة، وتطورها؛ ترجمة لتوجيهات قيادة البلدين، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- وفخامة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ، بتعزيز العلاقات في كافة المجالات.
وقد سبق، وأن قام الرئيس الموريتاني بالعديد من الزيارات الرسمية للمملكة ، ومنها مشاركاته في قمم ومؤتمرات ، وخلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس محمد ولد عبدالعزيز عام 2015 م ، استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وعقدا مباحثات رسمية، جرى خلالها استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، إلى جانب بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية، والدولية.
وخلال نفس الزيارة، بحث الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز مع سمو الأمير محمد بن سلمان، عدداً من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما يلاحظ خلال السنوات الاخيرة تعاطي الحكومة الموريتانية مع كل الأحداث والأنشطة التي تهم المملكة. وتسجل روابط الإخاء بين البلدين وقوف موريتانيا ضد ما يهدد أمن المملكة وجوارها الإقليمي ، فقد أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مؤتمر صحفي قبل سنوات، دعمه لخطوات المملكة في التصدي للخطر الإيراني ومشروع نظام الملالي وميليشاته الانقلابية في اليمن، قائلا: ” إن الوضع في اليمن يبعث على القلق وهذا ما يجعل موريتانيا تدعم عاصفة الحزم، وجهود تحالف دعم الشرعية في اليمن، والذي حظي بمباركة ودعم عدد من الدول العربية، ونحن من ضمن هذه الدول”.
ترحيب واهتمام موريتاني
وتولي موريتانيا اهتماما رسميا وشعبيا وإعلاميا كبيرا بزيارة ولي العهد ، حيث يبحث سموه مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز وكبار المسؤولين ، تعزيز التعاون والقضايا والمستجدات على مختلف الأصعدة ، خاصة وأن العلاقات بلغت تناميا مضطردا، إلى حد التطابق في المواقف .
ووسط ترحيب موريتاني كبير بزيارة سمو ولي العهد، انعقدت ندوة (موريتانيون أصدقاء السعودية) بالعاصمة نواكشوط، حضرها عدد كبير من المفكرين والمثقفين والإعلاميين وبرلمانيين وشخصيات سياسية مرموقة، ومن الشباب والطلاب ، والتي تم تنظيمها كمبادرة حب لتسليط الضوء على قوة العلاقات السعودية الموريتانية، وآفاق تطويرها، والإشادة بما يجمع البلدين من روابط الإسلام والعروبة منذ القدم.
وقالت رئيسة المبادرة الإعلامية سلمى الشيخ الولي: إن الوقوف الى جانب المملكة العربية السعودية، وهي تتعرض لحملة ظالمة مضللة مسعورة ، إنما هو واجب أخلاقي على كل مسلم وعربي مخلص لدينه وقيمه. ودعت الجميع الى الابتعاد عن أبواق الفتنة ، وضرورة تنوير الرأي العام إلى مخاطره على استقرار الدول والشعوب ، كما أشادت في كلمتها الافتتاحية للندوة، بما تبذله المملكة بقيادتها الرشيدة من دعم صادق للشعب الموريتاني، مؤكدة على وقوف موريتانيا، شعبيا ورسميا إلى جانب المملكة، وترحيب موريتانيا بزيارة سمو ولي العهد، الشاب الإصلاحي، الأمير محمد بن سلمان.
بدوره، قال الأمين العام لفرع المبادرة، السيد عمار ولد ابوه: “إن الهدف من تنظيم هذه الندوة هو إعلان وتسجيل التقدير الكبير، والإشادة بما تقوم به المملكة العربية السعودية لصالح موريتانيا قبل وبعد تأسيس الدولة الموريتانية، مع الترحيب بزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبلده الثاني موريتانيا ، مضيفا أن الحراك يعمل بحب لتنظيم استقبال شعبي يكون على مستوي الحدث التاريخي, ويعكس امتنان الموريتانيين وعرفانهم بالجميل للحكومة والشعب السعودي الشقيق”.
في نفس السياق، صدر عن مبادرة (صحفيون مهنيون) بيان، رحب فيه الوسط الإعلامي الموريتاني بالزيارة التاريخية لسمو الأمير محمد بن سلمان ، مشيدا بقوة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين على مر العصور، كما استنكر البيان ما وصفه بأبواق وصراخ النشاذ الحاقدين ، من شرذمة تدعمها أياد أجنبية، ولا تمثل إلا أنفسها أو تلك الجهات التي تمول صراخها.
وقال بيان (صحفيون مهنيون): لقد دعمتنا المملكة العربية السعودية منذ الإرهاصات الأولى لميلاد دولتنا الفتية، حيث مولت –دون منٍ ولا أذى- بنيتنا التحتية ومشاريعنا الاقتصادية وشغلت أبناءنا واستقبلت علماءنا ووضعت مواقفها السياسية في خدمتنا، وهذا غيض من فيض المملكة على موريتانيا في شتى المجالات والأصعدة ، ولاتزال تدعمنا على غرار دعمها لبقية دول العالمين العربي والإسلامي؛ سياسيا واقتصاديا وإنسانيا
وأضاف البيان: إن السعودية تمثل الرمز الأول للمسلمين والقائد الأبرز للأمة العربية، وهو ما سعى ويسعى كافة حكامها منذ النشأة إلى حد الساعة ، لتجذير وتطوير جهودها الخيرة من خلال سياساتها الإنسانية النابعة من تعاليم الدين الإسلامي والأصالة العربية؛ لذا نقول: شكرا للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا.. شكرا لسمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لتشريفه موريتانيا بهذه الزيارة الكريمة.
من جانبه، قال الباحث والكاتب الموريتاني الدكتور أحمدو النحوي: إن الأمير الشاب، وفي كل مناسبة ينافح عن حلمه الاقتصادي برؤية أوروبا جديدة في المملكة ودول المنطقة العربية، وهو حلم جاد يسعى إليه حتى يتحقق، بإذن الله، لينعكس إيجابا على العرب من الخليج إلى المحيط.
وأضاف : إن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، تعد زيارة تاريخية وهي الأرفع لمسؤول سعودي منذ الزيارة التي قام بها الملك فيصل – رحمه الله – وتحمل زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، رسائل كبيرة تدل على عمق العلاقات التي تجمع البلدين الشقيقين ، وسيكون لها أثرها الإيجابي في تطوير التعاون المشترك بين الدولتين في كافة المجالات؛ خصوصا المجال الاقتصادي ، ولهذا ولغيره نقول: مرحبا بالأمير محمد بن سلمان ، حللتم أهلا ونزلتم سهلا.
وحول أهمية زيارة ولي العهد والمحبة الكبيرة للمملكة قيادة وشعبا ، قال الكاتب الموريتاني الدكتور محمد يحيى أحمدناه: كل الترحيب والإكبار لشخصية ومقام الزائر الكريم لبلادنا، صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان؛ لما للمملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة من أياد بيضاء على الشعب الموريتاني بشكل خاص، وعلى أمة الإسلام وحضارته وثقافته، من خدمة معروفة ظاهرة، لا يمكن إنكارها أو تجاوزها.
وأضاف: لا يمكن فصل الزيارة التي سيقوم بها ولي العهد عن تاريخ العون والاهتمام السعودي بموريتانيا ، وهذه المواقف الكبيرة نقابلها بما هي أهل لها من المودة والتقدير والاحتفاء. فالموقف السعودي لم يتأخر منذ استقلال موريتانيا، حيث كان للدعم السعودي دور مهم وفعال في مسيرة التشييد والبناء التي قادتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهي تؤسس معالم دولة بين المحيط الأطلسي ومحيط الرمال. فمنذ عقود خلت تواصل الدعم السعودي في كل المجالات الاقتصادية والتعليمية والعسكرية، وتطور بشكل أعمق في عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ، وقد وصل هذا الدعم إلى المليارات لإكمال وإنجاز طرق ومجال التعدين وتزويد العاصمة نواكشوط بالمياه الصالحة للشرب ، وكذا في الزراعة ، ودعم القوات المسلحة الموريتانية ، وليست هذه المواقف إلا شواهد وأمثلة في سياق الدعم والعون السعودي لاقتصاد بلادنا ووحدتها والرفع من شأن أبنائها ، ولموريتانيا جالية كبيرة جدا وطلاب كثر في المملكة العربية السعودية، وتقيم جسورا من الإخاء والتقارب.
الوفاء لمملكة المواقف
من جهة ثانية، أكدت شخصيات إسلامية وثقافية وإعلامية ، أن الفرح والترحيب بزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، يتأسس على أبعاد متعددة من بينها:
– الوفاء للمملكة العربية السعودية، ولدورها العظيم في نشر الإسلام الوسطي ومد ظلال الأخوة الإسلامية وخدمة العمل الإسلامي في كل أنحاء المعمورة، فلم تزل راية المملكة ممهورة بكلمة التوحيد، تذلل العقبات أمام المسلمين وأينما ذكر اسم الإسلام في بلد، وجدت الخدمة والدعم السعودي منساقة إليه متدفقة، وتلك مواقف جديرة بالشكر الجزيل وشواهدها ماثلة في المساجد العامرة والمعاهد الشامخة والبنى التحتية والدعاة والأئمة والعلماء الذين نهلوا من نبع الخير في المملكة، وانطلقوا في العالم ينشرون الإسلام الوسطي.
– الوفاء ورد الجميل لدور المملكة العربية السعودية في عون بلادنا، وهو عون مستمر ومتواصل، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
– حق الاحتفاء وإكرام الضيف : الذي عرف به الشناقطة وهو خلق موريتاني أصيل، زيادة على كونه ركنا من أركان القيم الإسلامية الرفيعة، وضيفنا ليس أي ضيف فهو ولي عهد المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين مهبط الوحي وبلاد التوحيد وأرض السنة المطهرة ، وقطب الرحى لأمتها العربية.
– الوقوف مع المملكة العربية السعودية في مواجهة المؤامرة التي تستهدف وحدتها وكيانها وهويتها وسياستها ودورها الإسلامي والإنساني.
وقالت وسائل الإعلام الموريتانية: إن المملكة وهي تشهد في هذه الآونة حملة حاقدة كاذبة ومسمومة من أعدائها والكارهين لاستقرارها ولاستقرار الأمة ، وهو مايجب أن ينتبه له البسطاء والعامة من الشعوب العربية والإسلامية بكل وعي؛ لما يحاك للمملكة وللأمة من خطط تدميرية لحاقدين متربصين كارهين لأي تقدم واستقرار لمملكة البناء والخير ، ويقعدون لها كل مقعد ، لكن كيدهم إلى زوال أمام شموخ بلاد الحرمين الشريفين وقلب العروبة النابض بالمواقف والعزة والكرامة لها ولأمتها.
كما عبرت الجالية الموريتانية في المملكة عن بالغ ترحيبها واعتزازها بالزيارة المهمة لسمو ولي العهد لبلادهم ، مشيدة في بيان نشرته الصحف الموريتانية، بما قدمته المملكة على مر التاريخ للموريتانيين.
ويجمع المتابعون للعلاقات السعودية الموريتانية، على أن التعاون بين البلدين شهد خلال السنوات الاخيرة نقلة نوعية على شتى الأصعدة ، ففضلا عن السخاء من صناديق التنمية السعودية على مشاريع التنمية في موريتانيا ، تطابقت وجهات نظر البلدين الشقيقين فيما يتعلق بالإرهاب ومكافحته ، كما ينظر الموريتانيون إلى المملكة على أنها الداعم الأكبر والأهم للمشاريع التنموية في موريتانيا، ويستشهدون في ذلك بالدعم المقدم من صناديق ومؤسسات تمويل سعودية للتنمية في موريتانيا .
وقد أثمرت العلاقات القوية عن توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون اقتصادي واستثماري خلال أعمال اللجنة السعودية الموريتانية المشتركة العام الماضي 2017 م ، ويتوقع المراقبون أن تحقق زيارة سمو ولي العهد ، دفعة قوية لعلاقات التعاون الثنائي ، ومزيدا من تدفق الاستثمارات السعودية في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية في موريتانيا وتوطيد علاقات الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين.