طهران ــ وكالات
فى ظل الضغوطات الاقتصادية التي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، سيما بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لم تجد طهران سبيلاً للرد سوى بالتهديدات العسكرية.
أشارت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، إلى أن القوات الجوية تجري تدريبات بالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي في الخليج العربي.
وأضافت الوكالة التي تعتبر الناطق الرسمي باسم الحكم الإيراني، أن المناورات تحمل رسالة تحذير لمن أسمتهم أعداء إيران بأنهم سيواجهون “رداً صارماً وسريعاً إذا ما ضربت إيران”.
يشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، كان أكد أواخر أغسطس الماضي أن مضيق هرمز يخضع للملاحة الدولية، وإيران لا تسيطر عليه كما تزعم.
كما شدد على أن المضيق هو ممر دولي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في العمل مع الحلفاء في المنطقة لضمان حرية الملاحة الدولية والحركة التجارية في المياه الدولية.
وكان الحرس الثوري الإيراني قد توعد سابقاً بإغلاق المضيق، مؤكداً سيطرته على الممر المائي في الخليج العربي، ومشيراً إلى منع القوات الأميركية من التواجد في مياهه. وقال قائد البحرية في الحرس الجنرال علي رضا تنكسيري، إن إيران تراقب السفن العسكرية والتجارية على السواء، ولا تستبعد إغلاق المضيق لوقف عمليات الشحن البحري عبر الخليج.
يذكر أن تلك التدريبات تأتي ضمن استعراضات سنوية تقوم بها طهران في ذكرى بدء الحرب العراقية الإيرانية التي انطلقت عام 1980 واستمرت 8 سنوات، إلا أنها تتزامن هذه السنة مع ضغوط سياسية واقتصادية هائلة تتعرض لها إيران.
فيما لا يزال نظام ملالي إيران يعيث فسادًا في الشرق الأوسط بالسماح لتنظيم القاعدة بالاحتفاظ بـ “قاعدة” لتسيير وتسهيل مخططاته الإرهابية داخل حدود إيران، وفقًا للتقارير السنوية عن الإرهاب التي أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية.
ويعزز أحد التقارير، الذي صدر هذا الأسبوع، ما نشر في السنوات الماضية، بشأن موافقة إيران على أن يخطط تنظيم القاعدة لعمليات إرهابية عالمية من داخل حدودها، وعدم رغبتها “في تقديم كبار أعضاء القاعدة المقيمين على أراضيها إلى العدالة، ورفضها تحديد هوية الأعضاء المحتجزين لديها بشكل علني”.
ونقل موقع “فوكس نيوز” الأميركي عن محللين “عدم استغرابهم” من نتائج التقرير الذي يربط إيران “الشيعية” بتنظيم القاعدة “.
وقال عضو مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات توم جوسكلين: “لقد كان هذا معروفًا في مجتمع المخابرات الأميركية منذ سنوات. على الرغم من أن إيران والقاعدة على خلاف فيما يتعلق بالوضع في سوريا واليمن، لكن النظام الإيراني سمح بخلق شبكة قبل وفاة زعيم التنظيم أسامة بن لادن”.
ولاحظ جوسكلين أن التقرير الجديد لوزارة الخارجية أعاد مرة أخرى الاتهام الذي أطلقه منذ عام 2009 ضد طهران بإعطائها الضوء الأخضر لأعضاء بتنظيم القاعدة لخلق شبكة تسهل من عملياتهم، بما في ذلك نقل أموال ومقاتلين من وإلى جنوب آسيا وسوريا.
وكانت الأمم المتحدة أصدرت أيضا تقريرا، في أواخر يوليو الماضي، أشارت فيه إلى أن “نشاط ملحوظ لقادة تنظيم القاعدة في إيران”، عبر دعمهم لجماعة إرهابية أخرى، وهي هيئة تحرير الشام، التي تهيمن على محافظة إدلب السورية، فيما يعد جيب المعارضة الأخير في البلد الذي مزقته الحرب الأهلية.
وعلى مدى السنوات السبع الماضية، واصلت وزارتي الخزانة والخارجية الأميركية فرض عقوبات على قيادات القاعدة، المختبئين في إيران كجزء من “صفقة سرية” بين الحكومة الإيرانية والقاعدة.
وفي يوليو 2016، أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى ثلاثة من كبار أعضاء القاعدة “الموجودين في إيران” الذين “ينقلون الأموال والمقاتلين” للمشاركة في أعمال العنف والاضطرابات وتنفيذ عمليات إرهابية في جنوب آسيا والشرق الأوسط.
يشرح جوسكلين، قائلا: “إيران تسمح للقاعدة بنقل الأفراد والأموال والأسلحة وعمل الاتصالات بين الأعضاء المقيمين على أراضيها والقيادة العليا للقاعدة في أفغانستان وباكستان، وذلك من أجل نشر الفوضى والإرهاب في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
وأضاف “من وجهة نظر إيران، فإنها تؤمن نفسها ضد أي هجوم محتمل للقاعدة داخل أراضيها، لأن أي محاولة للهجوم ستقود الإيرانيين إلى إغلاق هذه الشبكة”.
وقال مصدر أمني ومخابراتي أميركي: “الأمر يتعلق بالمال والأمن والمثل القائل ‘عدو عدوي صديقي’. القاعدة تحتاج إلى الملاذ الآمن، وفي المقابل يحصل الإيرانيون على جزء من أموال التهريب والمخدرات التي يجنيها التنظيم الإرهابي. هذا يحدث منذ سنوات “.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، اتهم الرئيس دونالد ترامب إيران “بدعم الميليشيات الإرهابية مثل القاعدة”، على نطاق واسع.
واعتاد تقرير الإرهاب السنوي على وصف إيران بـ “الدولة الراعية للإرهاب”، مما يسلط الضوء على أن “المجموعات التي تدعمها طهران حافظت على قدرتها على تهديد مصالح الولايات المتحدة .
وفى سياق منفصل لم تنجح محاولات حكومة روحاني “اليائسة” في استعادة السياحة الإيرانية عافيتها، بل أصاب القطاع حالة من الفوضى بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران في أوائل أغسطس الماضي، فضلا عن السياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام التي قضت على أي آمال في ازدهار وشيك.
في تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية، قالت إن الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب دفعت السائحين للعزوف عن زيارة إيران، كما توقف الإيرانيون عن إنفاق أموالهم أيضاً على السياحة الداخلية في ظل تفشي الغلاء، كلاهما كان له تأثير سلبي على اقتصاد البلاد.
أحد المتضررين في هذا القطاع وضحايا سياسات النظام الإيراني، رجل الأعمال الإيراني جلال رشيدي، الذي يمتلك 6 فنادق، وبات يشكك في قدرة إيران على جذب الزوار والمستثمرين الأجانب في أي وقت قريب.
قال رشيدي، في تصريحات للشبكة التلفزيونية: “نحن نستعد ببساطة لغيوم العاصفة المظلمة التي تلوح في الأفق. وإنها قادمة، إذا سألتموني. إنها تأتي مع سحب الشتاء”.
أشارت الشبكة إلى أن الأمور كانت مختلفة تماما عندما وقعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا على الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015، حيث شهد الاتفاق، الذي أطلق عليه رسميا خطة العمل المشتركة الشاملة، رفع عقوبات دولية على إيران مقابل الحد من برنامجها النووي الذي لم تلتزم به الأخيرة.
أدت هذه الخطوة إلى عودة إيران إلى الحظيرة الدولية، ما أدى إلى ازدهار السياحة، حيث حققت 3.2 مليار دولار في عام 2014، و3.3 مليار دولار في عام 2015، و3.5 مليار دولار في عام 2016، قبل انخفاضها إلى 2.8 مليار دولار في عام 2017، وفقا للمجلس العالمي للسياحة والسفر.
ووفقا للشبكة، تسود موجة واسعة الانتشار من عدم التيقن وعدم الاستقرار الاقتصادي رغم جهود حكومة روحاني للحد من تداعيات العقوبات الأمريكية، حيث عملت طهران على تعزيز هذا القطاع السياحي من خلال ضخ رأس مال ضخم وإنشاء وزارة للسياحة.
في أغسطس الماضي، لحقت الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية الفرنسية بنظيرتها الهولندية في إعلان وقف الرحلات المباشرة إلى طهران، مشيرة إلى عدم اهتمامها بهذا المسار الجوي، والوقت الراهن فإن شركات لوفتهانزا، والخطوط الجوية النمساوية وأليتاليا هي الخطوط الجوية الأوروبية الوحيدة التي لا تزال تسير رحلاته إلى إيران.