الأحكام القضائية جزائية أم إصلاحية؟!!

• د.سعيد بن علي الفقيه

من سنن الحياة ومن المسلمات في أي مجتمع كان غربياً أو شرقياً نجد هناك معسكرين أساسيين أحدهما يسمى: (طريق الخير) والآخر ( طريق الشر)!! بمعنى أن هناك مسارين كبيرين تتفرع منهما مسالك فرعية ذات اليمين وذات اليسار وفي النهاية لابد أن يعود مستخدم تلك المسالك للطريقين الأساسيين إما طريق الخير وإما طريق الشر والتي تؤدي في النهاية إلي النتيجتين النهائيتين التي لا ثالث لهما إما إلي جنة أو إلي نار والعياذ بالله !!
نعود لنقول إن الخروج عن مسار أحد الطريقين في الدنيا بالمضي في أحد المسالك الجانبية المتفرعة من المسارين الأساسيين ( طريق الخير) أو ( طريق الشر) !! ليس بالشرط أن يعود مستخدم مسار الشر بعد عودته من أحد المسالك التي سلكها إلي نفس الطريق (الشر) بل قد يوفقه الله ويهديه لاستخدام طريق الخير والسير فيه ليصل إلي النهاية السعيدة (الجنة) ..
والعكس صحيح !!
ومن أجل تحديد سالكي تلك الطرق، ومجازاة المخالف منهم، والخارج عن الطريق الصحيح، والمسار السليم، كان لابد من وجود شرع يحدد ذلك ويوضحه ويبينه، فكانت الشريعة السمحة تلك المحجة البيضاء تبين وتوضح وترشد سالكي تلك الطرق، بإرشادات كافية ومعلومات كاملة ..
وكان لابد من وجهود نظام، يحاسب المخالف والمعاكس للطريق الصحيح (الخير) !!
فكان أحد تلك الأنظمة وأهمها نظام القضاء والذي اتخذ في الحكم منهجه، والاصلاح طريقه، والانصاف رايته، ولكن !!
هل بالإمكان إحلال بعض العقوبات الجزائية، وخاصة التعزيرية منها، من بوتقة العقاب البدني من سجن، وجلد، وتوبيخ، …الخ إلي إصلاح نفسي، وتحويل ذاتي لذلك المذنب، فيعمل لإصلاح نفسه بمعرفة خطأه، وتقويم اعوجاجه، بطريقة تربوية نفسية معرفية ومنهجية؟!!
فاستبدال عقوبة السجن مثلاً لمخالف قواعد المرور بالخدمة والرعاية الطبية في مستشفى النقاهة، لمدة يتم تحديدها حسب عِظم المخالفة ومقدارها!!
والمعاكس والمتحرش، بعقوبة تنظيف المساجد وحراستها، لمدة معينة يحددها كذلك مقدار المخالفة وشدتها!!
وهكذا يتم استبدال الاحكام الجزائية بأحكام هدفها ليس الحبس والإيذاء، بقدر ما يكون هدفها التغيير والإصلاح، لمصلحة الفرد والأسرة والمجتمع!!
لكي لا نجعل ذلك الشخص في عداد المجرمين الناقمين على المجتمع، بسبب خطأ أو سلوك، أو فعل قد يكون سببه الجهل، أو الحماقة، أو العجلة، أو الحاجة!!
ليكون شعارنا التعديل والإصلاح لا التعذيب والحبس!!.
الرياض
[email protected]
Twitter:@drsaeed1000

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *