خطر بعض الدراسات العقدية
علينا ألا يغضبنا الكشف عن بعض ما يظن أنه الحق، وهو ولاشك باطل محض فانتشار فكر لا يرى أهل السنة إلا فيه وفي مشايخه الذين لا يعتمد في الدين سوى ما يقولون، فتراه لا يرى علماء الأمة على الحق سواهم، حتى أولئك الأفذاذ من علماء الأمة، الذين خدموا العلم الشرعي وهو وأشياخه يعتمد على تراثهم مضطراً كالإمام البخاري والإمام أبو حنيفة والإمام النووي وغيرهم كثير من عليهم الاعتماد في العلوم الشرعية، يراهم قد اخطأوا في العقيدة، ومن يقول ذلك أقل اصحاب هذا التيار ضرراً، أما غيرهم فيزيد بانه قد إعتنق مذهب الاشاعرة المبتدعون وبالغ في ذمه وذمهم، ثم جاءت الدراسات العليا في الكليات لتشيع هذا الفكر الملتاث والذي لا استبعد أنه سينشر مزيدًا من الكراهية والبغضاء بين المسلمين، فهو لا يرى في كل مذاهب المسلمين وطوائفهم إلا مفارقين للحق، عقائدهم باطلة ويشنع عليهم حتى تجد في الموروث الذي يعتد عليه قولاً قبيحاً، كالقول بأن الاشاعرة مخانيث المعتزلة، مما يتبرأ من قوله كل مؤمن، وأي تبرير له فهو غير مقبول، والاشاعرة والمعتزلة والإباضية والشيعة الزيدية والجعفرية كلهم ولاشك مسلمون أهل قبلة لا يكفرون إلا أصبحت ساحة المسلمين ساحة قتال لا تهدأ، وقبل أيام قرأت كتاباً لإمام جليل هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن منده وكتابه بعنوان (الرسالة الوافية في الاعتقادات وأصول الديانات) وقد ادعى تحقيقه اثنان من أهل هذا التيار تباريا في نقده وأنه انحرف عن طريقة أهل السنة كما يزعمون واتبعوا ضلال الاشاعرة في مسألة الصفات، ثم اختلفا على منهج الذم له وللاشاعرة، كل منهم يرى أن صاحبه رغم ذمه لهم لم يبلغ الحد المطلوب كما يزعم في طرائق أهل السنة وتلك كارثة، ودعوني أقول ان كثيراً من تراث علماء الإسلام قد عبث به على هذه الصورة القبيحة، وانتشر فيه ذم علماء المسلمين منذ القرن الثاني وحتى اليوم، ولو راجعنا ما حقق وطبع من كتب سلف هذه الأمة خاصة في الحديث والعقيدة لوجدت مثل هذا كثير أما الدراسات العقيدية في اقسام العقيدة فأكثرها تضليل لعلماء الأمة الأفذاذ وتشويه سمعتهم وإدعاء بالباطل عليهم أنهم ضلوا وأضلوا، وأصحاب هذا المنهج لم يسلم منهم أحد من علماء الإسلام الأجلاء والادعاء أن عقائدهم انحرفت ولابد من تصحيحها، والقاسم المشترك لذلك هو الزعم بضلال الاشاعرة علماء الأمة جلهم منها منذ ظهور الإمام أبو الحسن الاشعري المولود سنة 260هـ والمتوفى عام 324هـ وهو من أكابر علماء الأمة المدافعين عن هذا الدين الحنيف حتى أن العلماء اعتبروه من المجددين الذين حافظوا على عقيدة السنة واضحة نقية، ولانه نشأ معتزليا لأنه تربى في بيت زعيم المعتزلة آنذاك فلما ابصر الحق ورجع إلى مذهب أهل السنة شاع مذهبهم بين غالبية المسلمين، وكان يصرح، رحمه الله، أن لا يكفر أحداً من المسلمين، لأن مذهبه كان المنهج الوسطي المعتدل الذي رفض التطرف بكل أنواعه، وهو وسط في العقيدة بين منهجين منهج التشبيه والتجسيم، ومذهب الاعتزال، وقد بقي من اصحاب التيار الذين تحدثنا عنهم أشد ما واجهه عالم مسلم، وأن لم نكبح جماح هذا التيار فإنا سنسلم بلادنا إلى فتن عظيمة نسأل الله أن نسلم منها، فهل نفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: