إن العالم يتغير .. العيدية

زين امين

وجاء العيد بفرحته للكبار قبل الصغار وتبادلنا أهازيج وترانيم التهاني بالعيد .. اجتمع الأطفال حول الكبار ..ومنهم أحفادي ..وأبناء عائلتي الكبيرة وكل يحمل هاتفه المحمول بين يديه وفروا شاشات هواتفهم باطراف اصابعهم الصغيرة. طمعا في العيدية والهدايا .. وقالوا لي .. نريد هذا الجهاز وقال اخر انا اختار هذه اللعبة ..وثالثة قالت لي انا اريد هذا العطر …الخ ..
وجلست مشدوها ..فاغرا فاهي .. ودقات قلبي تدق سريعا ..انه كم كبير من الطلبات ..باهظة الثمن .. وسألت نفسي ماذا انا فاعل في تلبية كل هذه الطلبات؟
وتذكرت احد شعارات مهرجان جدة الرائع خلال شهر رمضان ( كنا كده) وهو يصف ما كان عليه ذاك الزمان .. والمكان .. والناس .. من طقوس ..وادوات واليات .. وطعام وشراب .. والعاب ..الخ..
وتذكرت انه كان لدينا فانوسا ..كانت تسميه والدتي ..رحمة الله عليها .. فانوس علاء الدين السحري .. وكانت تحكي لي انه كان يحقق المعجزات في العطاء .. ويحضر لك كل طلباتك ..وذلك بمسحة او بفحسة.. من اصابعك .. وقفزت من مكاني وجريت ابحث عنه ووجدته في الخزانة المظلمة .. اخذته ونظفته برقة وعناية .. وقلت لاحفادي مافي احد احسن من احد .. انتم فحستم الهاتف المحمول وطلبتم .. وها انا سألبي لكم كل طلباتكم ..ولكن بمسحة اصبع علي جهازي ..
واخذت الفانوس ..وفحسته بأصابعي مرة .وأخرى وثالثة .. ورابعة .. لكن هيهات لقد خذلني ..لا دخان ..ولا جني .. يقول لي ( شبيك ..لبيك ..عبدك بين ايديك).. واسقط في يدي ..وتصببت عرقا ..وعادت دقات قلبي سريعة ..وانا مكسوف ومحرج من احفادي ..
ماذا اقول لهم. ؟؟ لقد ثبت ان جهازي لا
يعمل (جهاز فالصو) انه من قصص الخيال العلمي للعرب عبر الزمن السحيق للاسف لم يكملوا المشوار ويحولوا الافكار والاساطير .. الي واقع حياتي نعيشه
ولكن اعتقد ان الغرب استوحوا فكرة الهواتف الذكية المحمولة ( من فانوسنا) فانوس او مصباح علاء الدين السحري .. واصبح يلبي ويجيب علي كل اسئلتنا .. وهنا يجب ان يواجه الغرب ..لحظة الحقيقة .. لقد سرقوا الفكرة منا .. فلنا حقوق الملكية الفكرية .. ياتري كم مليار دولار نستحق نحن العرب مقابل سرقة الفكرة بواسطة ستيف جوبز؟ (عد واغلط) لقد اصبح لدينا مورد مالي مدرار غير ابار البترول. !!! انها فرصتنا ..
وسرحت افكر مالذي جعلني اعود الي الماضي وابحث عن الفانوس؟ ؟ لقد ادركت انني نسيت
ان العالم تغير …!!
وان العرب اخترعوا الفانوس الاسطورة الخيالي .. وتوقفوا.. .وتقوقعوا .. حيث وقف الزمن! !! ولم يواصلوا تطوير الفكرة ..وان الخواجات ..وربما يكون احدهم الخواجة .. يني .. تلقف الفكرة ..وعمل علي تحقيقها ..فاصبح لدينا ..الهاتف الذكي ..واللوح المحمول .. والمساعد الشخصي ( ايكو) القادم الجديد ..وغيره الكثير من الاجهزة والمعدات والاليات والافكار القابلة للتطبيق.
وقلت لاحفادي ..واطفال العائلة .. اعذروني لعدم استطاعتي تلبية جميع طلباتكم .. بل اقول لكم خذوا العيدية نقودا من افراد العائلة .. اما انا فساعطيكم فكرة .. وهنا ضجوا ضحكا وهمسا وغمزا ولمزا .. وقال لي احدهم بلسانه الطويل. ( اظنك دوبك جاي من اليابان .. علشان كده حتعلمنا الصيد ..ولا تعطينا سمكا وضجوا بالضحك مرة اخري) ..
ولكن استجمعت شجاعتي ..وقطبت جبيني .. وقلت لهم ساهديكم فكرة تعملون عليها ..وعند اكتمالها ..سيكون بامكانها ان تلبي لكم كل متطلبات حياتكم .. فسألوني باندهاش ماهي ؟؟؟
قلت لهم الطابعة ثلاثية الابعاد !!!
وقلت لهم كل واحد فيكم يستطيع ان يخطط من اليوم ..ويجمع عيدياته نقودا ويبني لنفسه الطابعة .. كي تحقق أحلامه وأمانيه .. !!
ولانهم جيل مختلف عن جيلنا ..اخذوا اجهزتهم المحمولة ..ودخلوا علي مواقع الانترنت ..وبدأوا البحث ..والعمل ..فورا ..
وناموا تلك الليلة متأخرين ..وصحوا بعد الظهر وجاءني كل واحد منهم يحمل احلامه علي كفه ويقول لي طابعتي ستكون بهذه المواصفات .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *