يجئ رمضان ويأتي معه طوفان المسلسلات والإعلانات التلفزيونية التي تتخلل الفقرات ..وتكاد تشغل 70% من حيز الوقت المتاح لمشاهدة البرامج . والغريب في الامر ان معظم الاعلانات التلفزيونية عقيمة فهي تخاطب جيل القرن الحادي والعشرين باساليب وادوات الستينيات من القرن الماضي ..وذلك عن طريق الرقص والغناء والزعيق والضجيج بدلا من سرد مواصفات السلعة او الخدمة المراد الاعلان عنه.
فمثلا نشاهد نجوما كبارا ..وكمبارسا يغني ويرقص علي ايقاع ولحن اغنية من القرن الماضي بعد تغيير كلماتها ولكنها تغني بنفس اللحن السابق لها وفي هذا تجاهل تام للغرض والهدف من الاعلان ومن المقصود به .. وفي ذلك قصور في مخاطبة جمهور متخذي القرارات من المستهلكين في شراء السلع والخدمات فهم ليسوا الاباء ..والاجداد ..بل من يتخذ القرار هم الابناء ..والاحفاد والشباب والذين يشكلون 60% من تعداد المجتمعات العربية.
بعد هذه المقدمة ..اسمح لي عزيزي المستهلك ان اسألك ..هل انت تشتري بضاعتك بناءً علي ماشاهدته من اعلانات ومغريات ترويجية تلفزيونية ؟؟ ام بناءا علي احتياجاتك الفعلية من السلعة او الخدمة محل الاختيار؟ ؟ والتي تبثها اليك وسائط التكنولوجيا الحديثة. علي الشركات ان تبحث عن الاجابة الدقيقة للسؤال السابق ..
لقد فعلتها تكنولوجيا المواقع ووسائط التواصل الاجتماعي متعددة الاغراض والخدمات ..حيث بدأت بسحب البساط من تحت اقدام التلفزيون ووسائط الميديا التقليدية الاخري التي تتسبب في ازعاج وارباك ذهن العميل وبرجلته نتيجة شح المعلومات التي تقدمها للعميل حول السلعة..مما يجعل العميل يكتفي بالقليل من المعلومات والخصائص عن السلعة او الخدمة وتمنع عنه الكثير من المعلومات الخاصة بالسلعة او الخدمة ..الي جانب ردود افعال المستهلكين الاخرين عن تجاربهم مع المنتج ..ومدي فعالية خدمات ما بعد البيع.
وهنا يجب ان استدرك واقول انني دخلت عش دبابير اساطين الاعلان ..ولكن لا بأس ..لانني لا انكر اهمية ودور التلفزيون التقليدي في الاعلان للجمهور العريض من المشاهدين ..الا ان نمط واسلوب الاعلان ومخاطبة المستهلك اختلفت عن القرن الماضي ..حتي من خلال التلفزيون حيث ان الطبيعة العمرية للمشاهدين اختلفت وتغيرت ..
وتجدر الاشارة هنا الي ان وسائط الاعلانات التقليدية كالتلفزيون والراديو والمطبوعات والاعلانات الخارجية في انحسار. !! مقابل نمو ملحوظ في وسائط الميديا الحديثة بنسبة 30% في العام القادم .. !!
لقد تحول العميل /المستهلك نحو ادوات ووسائط العصر الحالي والتي تركز علي جوانب فعالة ومحددة في الترويج للسلعة ..تساعده علي اتخاذ قرار الشراء بناء علي احتياجاته الفعلية ..ويمكن تلخيص هذه الجوانب في النقاط التالية ..
* من هي الفئة المستهدفة للاعلان ..وما هي الوسائط التي تساعده للوصول اليهم.. وكم من الوقت يقضون في تصفحها .. من .. واين ..هم هؤلاء المستهلكين ..وما هي احتياجاتهم ..ورغباتهم من المنتج.. او الخدمة المراد شرائها ..وما هي الجوانب المحببة اليهم والمنفرة لهم؟ وما هي المنتجات الاخري المنافسة للمنتج ومدي قوتها ..او ضعفها .. والاهم من كل ذلك ..ماهي الشريحة الاخري التي لا نعرف عنها شيئا ..ويمكن ان تشكل مستهلكين متوقعين ليسوا في حسبان الشركة ..
لقد ادركت العديد من الشركات العالمية اهمية وسائط وادوات القرن ال 21 مثل المواقع الالكترونية ..والتويتر … والفيسبوك .. والوسائط المحمولة ..وغيرها وبدأت في التركيز عليها في الاعلانات الترويجية للسلع والخدمات.
حيث عن طريق تلك الوسائط يمكننا ان نركز علي ما يهم العميل من معلومات ويقنعه بان السلعة المعلن عنها ستلبي احتياجاته فعليا .تلك الوسائط لها تاثير ومفعول السحر علي ذهن العميل وقناعته في الاختيار والشراء.
للاسف ان شركات عالمنا العربي فقدت البوصلة وانجرفت وغاصت في تسونامي الاعلانات التلفزيونية ..ونسيت ان الزمن تغير .. وان الوسائط تغيرت .. وان العالم تغير.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *