صناعة المعروف
ذات يوم أبكاني موقف أحد الأشخاص الذين قدمت لهم معروفاً ليس من أجل أني أنتظر الشكر والعرفان بل لأني توقعت الوفاء على الأقل بما صنعت . فالمرء عادة يُحسن كما أحسن الله إليه ويُقدم المعروف من أجل الله تعالى ولكن يؤلمنا حقا أن تصدر تلك التصرفات منهم وعلى ضوء ذلك وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني من شخص أعتز به كثيرا وأكن له كل التقدير والاحترام فهو مدرسة حقيقية بعقله وعلمه وخبرته في الحياة. أترك المساحة التالية للقصة التي بعثها لي وهي من الأدب المترجم وتحمل عنوان (المرأة والأحدب) حيث إنه يحكى بأن هناك امرأة كانت تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يوميا تصنع رغيف خبز إضافيا لأي عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف الإضافي على شرفة النافذة، وفي كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلا من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يتمتم بالقول «الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!»..
كل يوم كان الأحدب يمر فيه ويأخذ رغيف الخبز ويتمتم بنفس الكلمات بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة: كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟.
في يوم ما قررت التخلص من هذا الأحدب، فقامت بإضافة السمّ إلى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة، لكنها تراجعت وقررت أن تلقي بالرغيف وحرقته في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة، وكما هي العادة جاء الأحدب واخذ الرغيف وهو يتمتم «الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك»! وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذي غاب بعيدا وطويلا بحثا عن مستقبله ولشهور عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته لها سالما.
في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساء وحينما فتحته وجدت – لدهشتها – ابنها واقفا بالباب!! كان شاحبا ومتعبا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعا ومرهقا وبمجرد رؤيته لأمه قال «إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيبا بالقدر الذي أعطاني فيه رغيف خبز كاملا لآكله!! وأثناء إعطائه لي قال إن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي اكبر كثيرا من حاجته».
بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحا.. لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله!! لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب «الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!»
قطر:
أجمل ما سمعت «اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن لم تجد أهله فأنت أهله».
البريد الالكتروني [email protected]
التصنيف: