هناك مشروع مضت سنوات عن الاعلان عنه، ولم يتحقق، هذا هو موضوع خصخصة النوادي الرياضية واظننا اطلقنا المشروع قبل ان ندرسه دراسة واعية وعقلانية قبل ان نتورط بالاعلان عنه، ولعل بعض مشاريعنا التي تتعثر كذلك، فاذا كانت الرياضة في العالم الغربي تجارة تدر ربحاً، فانها في مشرقنا لا يمكن ان تكون كذلك، وان اصبحت تجارة فلن تدر ربحاً أبداً،

فالرياضة في عرفنا لهو، واللهو عادة يمارسه الخلق للترفيه عن انفسهم، لا ان ينتظروا منه ارباحاً، بل ان الممارسين له ما ان يكفوا عنه حتى تعود اجسادهم الى المعتاد من اجساد اشباههم من مواطنيهم، فكم من رياضي بمجرد تركه الانتساب الى ناد رياضي يعود مرببا لجسده، بكل ما طاب ولذ من الطعام حتى يصبح حجمه اضعاف حجمه حينما كان يمارس الرياضة في ناديه،

ويربح من اللعب معه أجوراً مرتفعة ومكافآت كبيرة، ذلك ان الرياضة كوسيلة للصحة غير معروفة في مجتمعنا، كلنا عند ما يمرض بالسمنة يذهب الى اطباء التغذية ويحافظ على برنامج لتخفيف الوزن أعدده له، حتى اذا انخفض وزنه تكاسل عن ذلك ليعود الى ما كان عليه من قبل، وفي الغرب الرياضة مع كونها تجارة إلا ان الناس يواظبون عليها،

حتى لو لم يذهبوا الى نواديها، ففي مدنهم حدائق للمشي والهرولة، وليمارس الناس فيها رياضاتهم للمحافظة على صحتهم لا مجرد ان يكتسبوا من وراء ذلك مالا، وفي السياق فاللرياضة ألوان من الالعاب لها هواة وممارسون ومشجعون يهمهم حضور مسابقاتها، بل واحيانا توجد نواد للقمار على من يفوز بها،

وفي الغرب شركات تعمل في ذات المجال، وتربح من وراء الترويج لذلك، وهذا كله عندنا مفقود ياولدي، وبعضه ممنوع وجوده، ولا أحد يهتم له، فمن اين تنجح الخصخصة للنوادي الرياضية في بلادنا، وليس لها سوى ان تبقى نوادي تنفق عليها الحكومة وبعض المهتمين من اغنياء الوطن لا غير، اما ان تصبح مورداً تجارياً، فلعل ذلك على الاقل اليوم مستحيلاً، ولن يشتري احد نادياً وهويعلم ان موارده حكومية في الاصل وعطايا وهبات لن تستمر بعد بيعه،

وعيبنا دوماً اننا لا نبحث كل مشروع نريد ادراجه في السوق، ومدى ربحيته، حتى في مشاريعنا الاقتصادية، التي هي في الاصل مشاريع ربحية، فكم من شركات اسستها الحكومة، عندما ارادت بيعها ثارت حولها المشكلات، وكان الأجدى قبل ذلك دراسة اوضاعها حتى اذا طرحت اسهمها في السوق علم الناس مقدار ربحيتها فاقبلوا على شراء اسهمها، ونحن اليوم لم يعد قبول ذلك ممكناً، ونحن نؤسس لاقتصاد جديد يعتمد على تعدد الموارد وتنوعها، وألا نبقى بعد اليوم حبيسي مورد واحد هو النفط، ونكون عرضة لتدهور اسعاره بين الحين والآخر،

ونحن نحتاج الى الخبرة في هذا المجال، وان نستوردها اذا لم نستطع استنباتها في وطننا، وعلى ايدي ابنائه، فالنظريات وحدها لا تجدي، ان لم يدعمها واقع ممارس، وهو ما يجب ان نلتفت اليه بعد الآن، فهل نحن مستعدون لهذا، وقادرون على ان نوجد أسباباً واضحة المعالم للتغيير، تعتمد على العلم والخبرة، الذي يجب ان نسعى لامتلاكها بعد الآن، فلن نلتحق بالامم المتقدمة ما لم نفعل ذلك، واظنه في مقدورنا،

لو اننا اصغينا لمن اكتسبوا العلم والخبرة واستطاعوا تقديمها لوطنهم باخلاص، ولعل في الوطن منهم افراد قادرون على بذل الجهد الممكن، الذي يطلق قدراتنا نحو المستقبل باخلاص تام، نقدره لهم ونعطيهم حقهم في الاستعانة بهم، وتكريمهم اذا نجحوا، فهل نحن فاعلون، وهو ما ارجوه والله ولي التوفيق.

 

ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *