كلمات من المؤكد أنها مرت علينا جميعاً حتى من قبل أن يظهر ما يسمى بـ”الواتس آب”، كان هناك من هم على أتم استعداد أن يخسروا قيمة الرسائل، حرصاً على إيصال هذه المعلومة المهمة من وجه نظرهم، كلمات قد تحمل خلفها الكثير من المعاني من بينها التحفيز أو الوعيد ليس محدد الهدف بدقة، وصلت بنا إلى حد الملل، حتى أولئك اللذين أصابتهم العبارة بالرعب مما قد يحدث في حال عدم الانصياع للطلب..! تراهم في سريرتهم يتسخطون على من رسلها أثناء إعادة إرسالهم لها.

ما هذا هل لازلنا نعامل الناس على أنهم لا يفهمون.. هل وصل بنا الاستخفاف بالعقول إلى هذا الحد..؟ أو لعلها حالة اليأس التي أصابت البعض نتيجة للوضع الاقتصادي الراهن – كما يقولون – والتي أوجدت الرغبة في الحصول على المكافآت مهما كان نوعها، حتى لو لم تكن مادية، تمشياً مع مبدأ (ممكن تشح وسعرها يغلى في السوق، و إحنا مش خسرنين حاجة) هي ضغطة زر على “إرسال” وتمت المهمة، وما أكثر العشرة أشخاص أمثالنا،إن صدقوا غنمت مما غنموا، وإن لم يصدقوا فلا ضرر، كما أن باقات الانترنت أصبحت ترضي الجميع..

تذهب بي هذه الحالة إلى منظور أكثر شمولاً وقد يتعدى كونها معلومة بسيطة نتناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إشاعة كارثة قد تكون عقائدية في الغالب، والملفت في الأمر أن سرعة الحياة وصلت إلى تلك الوسائل لدرجة أنك قد ترى الرأي والرأي المعارض في نفس اللحظة، وعلى اختلاف المواقع.. يا لسرعة انتشار النار في الهشيم، ومعنى الهشيم هنا يا سادة يا كرام هي: “الشجرة التي يبست وأصبحت بالية” فلولا أنها أصبحت على ذلك الحال لما تمكنت منها النار سريعاً.

( إإإإإإه دنيا ) عبارة كنا نسمعها من الكبار وتشعرنا بمدى يأسهم من حال الدنيا وما فيها، أكاد أجزم أن في وقتنا هذا أصبح يقولها الشاب والمراهق بل أيضا إبن السابعة، ليست مبالغة.. وصلنا إلى النقطة التي يجب أن نقف فيها نراجع بدقة كل ما نحاول أن نتركه من أثر في الأجيال التي نُعَّول عليها مهمة بناء الأمة، حتى يكون البناء صديقاً للبيئة،

ولا أقصد هنا البيئة بمفهومها العلمي بل الإنساني، فلا يأتي اليوم الذي تسألني فيه ابنتي ذات العشر سنوات وتقول: ( صحيح ياماما الخبر دا معقولة ؟ صحيح يا ماما لازم ننشر عشان الناس توعى..؟ ) بل إنها تأتيني ضاحكة لتقول: ( ماما إيش التخريف دا إللي بيقولوه هم مصدقين نفسهم.! هي في ناس لسا بتفكر كدا..!)

ولك أن تقيس على هذا الأمر ما شئت من الرسائل التي تحمل بين طياتها عبارات الدافعية لإيقاف الزحف القادم، وكأننا لم نتعلم من الصديق التآني في الجواب، وكأننا لم نتعلم من حرص الفاروق في تحري البينة، وكأننا لم نسمع بحلم عثمان, ولا تقوى علي.. رضي الله عنهم وأرضاهم.

نعم مهمتنا أن نحارب الخطأ وأن نقف ضد الفساد بشرط أن نكون الأشخاص المؤهلين لهذه المهمة لا أن نتبع القطيع أينما ذهبوا ذهبنا حتى لو كان المرعى المستهدف ملكية خاصة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *