(ما أعددنا لمواجهة الأمطار التاريخية)
منذ حوادث الأمطار المفزعة في مدينتنا هذه جدة، والتي ذهب ضحيتها عشرات الوفيات ونحن نتوجس خيفة، كلما أعلنت الأرصاد عن توقع هطول أمطار هنا أو هناك خشية أن تكون نتيجة هطولها ذات الأثر، وكلما هطلت أمطار على مدينة أو قرية في بلادنا رأينا صوراً على مواقع التواصل وعلى صفحات الصحف لآثار غير مرغوبة في الشوارع وحول المساكن، وعبر الانفاق وعلى الطرق،
مما يوحي في كثير من الأحيان، أننا لم نستعد لمواجهة هذه الأمطار وما ينتج عنها بنية أساسية جيدة ومتينة تمنع عنا الآثار السلبية للأمطار، بل لعل البعض منا يزعم أن مثل هذا لم يحدث أصلاً، فأهم مدننا حتى اليوم لم تكتمل فيها شبكة مجاري، كما لم يكتمل فيها مسارب للأمطار عبر شوارعها وما احاط بها من طرق،
وكم من نفق فيها إذا سادت الأمطار امتلأ بالمياه وعطل عن الاستخدام إن لم يتسبب في كارثة، وكم جرفت السيول طرقاً اسفلتية وقضبان قطار لم ينطلق بعد، والحديث عن كميات الأمطار غير المعتادة لا يعني تبريراً لما يحدث، فإنما نقوم بهذه المشاريع كلها لنواجه هذه الكميات، وما حدث في أبها قبل أيام، دل على ذلك بيقين،
فالقول بأنها أمطار تاريخية لا يعني تبريراً لما حدث، فالأصل أن ما بنينا من بنية أساسية فيها لنتغلب على كميات الأمطار غير المتوقعة، أما لو كان كل ما اسسناه من بنى تحتية بمجرد هطول أمطار غير متوقعة ينهار،
فان ما احدثناه منها لا يمكن أن يواجه أقل هطول لمطر لساعة فقط، وبكمية قليلة جداً، فنحن في أمس الحاجة اليوم أن نتقن أعمالنا وأن نحاسب من يقوم بها حساباً عسيراً حتى لا يظل حالنا على ما هو عليه اليوم، إن الوطن ينادي على المخلصين من ابنائه أن يتولوا أعماله كلها ويسعون لتجويدها ليؤسسوا لكل مدننا تخطيطاً افضل واعمالاً اكثر اتقاناً في كل المجالات،
فالاوطان سادتي لا يبنيها الا ايدي ابنائها المخلصين، الذين يتوخون بكل عمل يقومون به للوطن ان يعيش امداً طويلاً بالقوة ذاتها التي صنع بها أول مرة، فالتفريط في كلما يحتاجه الوطن من مشاريع يعود على الجميع بأسوأ النتائج،
فلابد من ان يلي الاعمال الاكفاء المخلصون، الذين يخشون ربهم، اذا ربحوا من عمل كان ربحهم طيباً لا مجرد ربح عن غش متعمد، فليتق الله اصحاب الاعمال فيما يقومون به من عمل لانهم بهذا يهدون الى وطنهم اعمالاً جيدة تعيش أمداً طويلاً، ينعم بها اخوانهم المواطنون ويدعون لهم بظهر الغيب،
ان الاخلاص لله في ما يقوم به المواطن من اعمال لوطنه هو المردود الحقيقي لما قام به تجاه هذا الوطن، وهو مع ذلك يستوفي أجره كاملاً ويلقى ثواباً مضاعفاً من ربه، وقد عرفنا في الحياة أفراداً اخلصوا لربهم فيما يقومون به من أعمال فاثابهم الله في دنياهم سعة في الرزق وصحة وسعادة وعرفنا من غش الناس بعمله فرأينا له في الدنيا أحوالاً لا يتمناها إنسان أبداً،
فالعمل الطيب المخلص نتائجه أطيب وأكثر مردوداً على صاحبه ما دام قد اخلص فيه، وتلفتوا حولكم ستجدون ما شرحت لكم في نماذج كثيرة تعرفونها، فربنا عز وجل هو العدل، لا يظلم عباده أبداً، فقد قال سيدنا سعد بن ابي وقاص: يا رسول الله ادع الله ان يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: يا سعد اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده ان العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه اربعين يوماً، وايما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار اولى به) فمن اراد القرب من ربه وقبول دعوته فليخلص في عمله، فالعمل هو ما يكسب به الانسان رزقه فمن لم يكن مخلصاً فيه كان رزقه حراماً، اعرض الله عنه فكان مصيره النار، اللهم اجعل ارزاقنا حلالاً طيباً، واقبل منا الدعاء وتجاوز عن ذنوبنا فنحن في حاجة إليك يا أرحم الراحمين.
التصنيف: