أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك استعجب؟

• أ. د.بكر محمد العمري

فضيلة الصدق دعامة ركنية وخلق المسلم، ونهج ثابت في سلوكه وقد جعل الاسلام الصدق من المعالم الاولى للجماعة الاسلامية فخاطبهم القرآن الكريم بأن يكونوا في معية الصادقين ولا يكون ذلك الا فيضاً ونتاجاً للتمسك به، وحب الصدق ان الله سبحانه وتعالى وصف به ذاته العليا وقال عز وجل: “ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون” وقوله: “ومن اصدق من الله حديثاً” كما وصى الله تعالى به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله “ولما رأى المنافقون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايمانا وتثبيتا”.
ومن هذا كان الاسلام في حرصه على صيانة الحقوق وتأكيد وطهارة المسلم دائما الى تشديد التكبر على الكاذبين وطارداً لهم من محيط المجتمع الاسلامي فيقول صلى الله عليه وسلم “الصدق طمأنينة والكذب ريبة” كما ذم الاسلام الكذب، ونظر الله بانه رذيلة محصنة تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها عن سلوك يدفع الى الاثم والبغض وجعله من امارات النفاق وانقطاع الصلة بالدين فيقول صلى الله عليه وسلم: “يطبع المؤمن على الخلال الا الخيانة والكذب، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المسلم بخيلاً قال نعم.. قيل له: أيكون المؤمن كاذباً، قال لا”.
روسيا رسبت في امتحان (اسمع كلامك أصدقك.. اشوف امورك استعجب) نتيجة تبريرها الغريب” لا نستطيع ان نفهم التبرير الروسي المرة تلو المرة من مجلس الامن الى الجمعية العامة ووصولا الى مجلس حقوق الانسان الدولية الى مؤتمر التحالف الدولي لمحاربة الارهاب لرفض روسيا ادانة النظام السوري في المحافل الدولية بل تعدى الامر الى مساندته عسكريا جوياً رغم يقينها بأن هناك بأفعالها في ضرباتها الجوية الذي يؤدي يوماً الى القتل والتشريد ضد الشعب السوري وجعله يتيه في دروب العالم كلاجئين ومغتربين.
لكن روسيا لا تزال تراوغ مكانها مما يجر موسكو الى المستنقع السوري “الغريب” ويبدو عجباً غير منطقي وعبثياً ان موسكو تنظر الى الموقف الدولي عامة لن يفيد وانه لا يفيد لانه حسبما تراه أمر يدخل في شؤون سيادة دولة عضو بالامم المتحدة.. كيف لمنطق مثل هذا وهي تعرف وتدرك وتعلن ان قتل الابرياء وارتكاب جرائم ضد الانسانية هو شأن داخلي وليس له علاقة بحقوق الانسان، فكيف لا تعتبر موسكو وهي تشارك في الاجتماعات الدولية ان تكاتف المجتمع الدولي لادانة تدخلها العسكري بشكل عملي لا يساعد اطلاقاً على وقف نزيف الدم السوري في مضايا وحلب وغيرها من المدن والقرى السورية.
لذلك اقول ومن كل ما اشاهده يومياً ان النظام السوري يعربد بقواته وشبيحته تساعده موسكو بغطائها الجوي عربدة لا مثيل لها في تاريخ الانسان، وموسكو تتعامل مع الوضع الدولي بكل مؤسساته وقوانينه باحتقار بالغ ولا مبالاة كاملة. وهي تتحدى العالم كله بلا استثناء بعد ان اعطاها النظام السوري الضوء الاخضر.
ما اردت ان اقول ان دور موسكو قد اصبح واضحاً بتورطها عسكرياً وطائراتها التي تمطر مواقع المقاومة بدلاً من محاربة الارهاب وتسير على نهج ينبع من مفاهيم عصور الرق والاستعباد حيث لم يكن للانسان الفرد قيمة او حقوق فخاضت في بحر من الدمار وذلك بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
خلاصة القول وبكل موضوعية ونحن نرى وزير خارجية موسكو يشارك في اللقاءات العالمية من اجل سوريا اقول لا نريد دبلوماسية بيزنطية تترجمها المقولة “اسمع كلامك اصدقك.. اشوف امورك استعجب” لذلك ينبغي وممثلو دول العالم يستمعون لوزير خارجية موسكو الا نغفل احتمال ان يكون مجرد مناورة كبيرة الهدف منها هو مجرد تجميل صورتها بفضل الدبلوماسية البيزنطية وهي نوع من انواع الظلم باتباع اسلوب عدم الصدق.. اما ما يجري على ارض الشام فهي ليست حرباً، انما هي ابادة لشعب بأكمله وطرده وزحزحته عن ارضه ورغم ما يجري وتقدمه روسيا للنظام فان عبرة التاريخ تقول ان البطش لن يفلح في خنق انتفاضة الشعب السوري مهما كانت مساندة روسيا للديكتاتور تأكيدا لقوله تعالى: “اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير” (الحج: 39).

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *