قراصنة التعليم بدأت مبكراً
هناك اتفاق عام على ان التعليم هو قاطرة المملكة الى التقدم والتحديث والانتظام في ركاب الدول الاولى في العالم، والخروج من دائرة التخلف الخبيثة، بمعنى آخر واوضح ان التعليم هو قاطرة التنمية في مجتمعنا وكلما زادت كفاءته نجح في ان يرتقي بمستوى الحياة وان يجعل الانسان قادراً على التعامل مع غيره.
لكن تشهد الساحة التعليمية مع بداية العام الدراسي الجديد قراصنة خطف قاطرة التعليم والذين يروجون للداء العقيم في جسم التعليم الا هو (الدروس الخصوصية). فالدروس الخصوصية التي يطلق عليها القراصنة بأم المعارك ويقدمونها بجميع أنواعها واساليبها. لذلك بدأ أباطرة القراصنة التعليمية مبكرا وخطف قاطرة التعليم لشغل الاداء التعليمي من المدارس وخطف الطلاب واقناعهم باهمية الدروس الخصوصية والقاء انفسهم في احضان مافيا الدروس الخصوصية واقناع الطلاب بأن المدرسة انتهت شكلاً وموضوعاً.
إن الحديث عن قراصنة التعليم التي بدأت مبكرا مع العام الدراسي الجديد اخذت تروج لانواع متعددة وصوراً غريبة وسوقا علنية منها على سبيل المثال لا الحصر الترويج في سوق الدروس الخصوصية لنموذج جديد في عالم الدروس الخصوية تحت مسمى (التعليم الترفيهي) والذي يروجون له عبر الرسائل الجوالية في نفوس الطلاب ان مستقبلهم ومجموعهم مرتبط بالاستعانة بالدروس الخصوصية وحضور الدروس في مدرسة (التعليم الترفيهي) مما يغري الطلاب ويجعل المدرسة هماً على الطالب واسرته ومضيعة للوقت.
ان التحذير من اعمال قراصنة التعليم وتسويقها السريع مع بداية العم الدراسي الجديد هو حديث عن مستقبل الوطن والمجتمع بكل مفرداته ومكوناته البشرية لانها تتعرض لابشع انواع الاستغلال من جانب قراصنة التعليم او نجوم الاستغلال، اختراق خط الدفاع الاول للمملكة.
إن اطلاق مسمى القرصنة على (مافيا) الدروس الخصوصية واباطرتها ينطلق من انها تخلق شخصية اعتمادية لدى الطلاب مما يجعله يترك مدرسته ويتفرغ للدروس الخصوصية في مازل المدرسين او باسلوب آخر توصيل المنازل (كما يقولون).
لذلك نقول ان قراصنة التعليم وترويجهم للانواع المتعددة للدروس الخصوصية واساليبها المتنوعة تعد خطرا على السيرة التعليمية وتأثير جهودهم السلبي على مسيرة التنمية البشرية لذلك فان قراصنة التعليم يشبه الى حد القرصنة الفكرية، القرصنة العقارية، القرصنة التمويلية، قرصنة القروض والاسهم والسندات واخيرا القرصنة البحرية.
ومن مساوئ الدروس الخصوية انها تخلق شخصية اعتمادية لدى الطالب مما تدفعه الى ترك مدرسته والتفرغ للدروس الخصوصية في المراكز او المنازل وبالتالي نجد الطالب يركز أولاً على الاستذكار من اجل الامتحان، لكنه في الواقع لا يستفيد علمياً من المناهج التي يقوم بدراستها.
ان طريقة مواجهة قراصنة التعليم لا تتحقق بالقانون، لان القانون وحده لا يكفي، انما تنحصر المواجهة العلمية على تحقيق التعليم المانع للدروس الخصوصية التي تعتبر احد الامراض السرطانية للثقافة السعودية، وللعادات السعودية، والوجدان السعودي، بما يحول مدارسنا الى “اصداف خاوية” رغم ما يبذل من جهد وموارد في انشائها.
وفي اطار ما سبق ذكره فان منظومة التعليم تحتاج الى تطوير التعليم الجيد لتنمية الانسان السعودي لان التعليم هو حجر الزاوية واساس الانطلاق لادخال المملكة لعصر النهضة الكبرى.
ولتحقيق جودة التعليم بمعاييرها المختلفة يأتي من ان احدا لا ينكر ان مناهجنا الدراسية في حاجة الى “الغربلة” بحيث يتم ادخال الابداع بدلا من الحفظ، والتفكير بدلا من التلقين والتذكر. بمعنى آخر انه لم نعد نريد حشوا في اذهان ابنائنا، ولم تقدر رسالة منظومة التعليم الحفظ والتشجيع غيباً عن ظهر قلب” بل نريد ما يشجع على التفكير، وادخال العقل في تحديات فكرية، ترقى به وتنيره.. نريد التنقيب عن العقول نواجه به خطر الدروس الخصوصية التي تقف عائقاً خطيراً امام العقول. لذلك اقول بكل صدق وموضوعية ان مهمة التنقيب عن العقول يتحقق في اطار استراتيجية تقدمية تراهن على البشر من ابنائنا وبناتنا وتستثمر فيهم، وهو استثمار ذو رسالة يهتم بتدوير راس المال وتنوير رأس الانسان في آن واحد بما يحول العملية التعليمية مجرد التعليم والتلقين الى عملية التعليم والتعلم للذاتي مما سيوقف استمرار قراصنة التعليم من خطف قاطرة التعلم هذا العام الدراسي ومنعهم من سحبها الى مرفأ التخلف الانساني.
التصنيف: