الدين والغلو فيه أو التحلل منه

• عبدالله فراج الشريف

الدين منهج يتبعه من اعتنقه، ويتحمل التكاليف فيه، فكل حكم من أحكامه يحتاج الى كلفة ومشقة لإطاعته، يعلم ذلك كل من آمن بدين خاصة هذا الدين الخاتم الذي هو آخر رسائل الله إلى البشر قبل يوم القيامة، وهو بحمد الله دين يسر فالله عز وجل يقول : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ولهذا فكل تكاليفه في مقدور الانسان تحملها، لذلك كان صاحب الرسالة سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً,ليرشدنا ألا نتشدد إذا دعونا الناس إليه, لذا لم يعرف أهل هذا الدين الغلو فيه، الذي يعني مجاوزة الحد في الاحكام او العقائد او في العمل وانت يمكنك ان تدرك الغلو اذا تتبعث احوال الناس، فهذا الذي يلزم نفسه بلون من العبادة فوق طاقته هو يغلوا في دينه لانه يتجاوز الحد الذي شرعه الله في العبادة، التي شرط ادائها الاستطاعة وهذا الذي يغلظ للناس وهو يدعوهم الى النوافل من العبادات سواء أكانت شعائر ام بالمال كالتبرع بالصدقات ويشتد عليهم ويوهم انهم ان لم يفعلوا فقد أثموا ، أو ذاك الذي يزعم ان من زار القبور انما غايته عبادتهم، او يسميهم عبدة القبور، او القبوريين فيحكم على نياتهم دون ان يطلع على احوالهم او يتثبت من افعالهم، وكذا هذا الذي اذا أفتى اشتد في فتواه على الناس واختار لهم من اقوال العلماء اشدها غلواً في الدين رغم انه في حياته الخاصة يبحث عن الايسر خاصة اذا مسّ ذلك اكتسابه للمال, وقد رأينا من يبحث عن الرخص اينما وجد طريقا اليها التمسه, وإذا سأله الناس افتاهم بالعزائم ، بل والاشد منها ورعه وتقواه لا تظهر إلا في فتواه ، اما تعامله مع الاحكام الشرعية فقد يجنب الورع بعيداً عنه لينهل من الحياة ما يحقق له كل ما يعتبره مصالح له، ومن الغلو ايضا الالتزام في منهج الدعوة بالمنهج الاكثر غلواً الذي يبلغ به صاحبه الا يرى أحداً أكثر منه طاعة لله واخلاصا له , فالغلو ينتج اكثر مشكلات الاجتماع عنفاً وقد عانى مجتمعنا منه أمداً طويلاً.
ودوما بتتبع تاريخنا نجد ان ما ظهر في مجتمع المسلمين من غلو وتشدد إلا وصاحبه ظهور للتحلل من الدين واحكامه, بل قد تظهر دعوات الحاد وردة عن الدين متعددة.
حصل هذا في العصر العباسي فحينما ظهر تشدد فيه ، ظهرت جماعات تدعو لغير الدين وتناهضه وظهر المتحللون من احكامه وأبقى لنا التاريخ من تراث ذلك ثقافياً, وحفظ التاريخ لنا أحداثا تشير الى هذا, وهو ما نراه اليوم يتجدد في مجتمعنا, فنحن نقرأ ونسمع من يحتج على الاحكام المعلومة الثابتة في الدين مما نقول عنه: المعلوم ضرورة في الدين, وله في الدين نصوصاً من القرآن والسنة لا يمكن لاحد ان يتأولها, وسمعنا من يفتي في الدين وهو لا يعرف شيئاً من علومه ، يحلل ويحرم بهواه, وقرأنا وسمعنا من ينكر السنة ويريد الاقتصار على القرآن, وهو يجهل المصدرين كليهما ,بل لعله لا يعرف إلا اسمها وسمعنا من يريد رد الاحاديث الصحيحة لا لشيء الا انها لا تعجبه او قرأ نقداً لها عند المستشرقين او قرأ نقداً لها عند المستشرقين أو فرقاً من المسلمين لا ترتضي من كثب ما ارتضاه جمهور الامة.
ولهذا لابد للامة من خطة تحافظ بها على دينها دون غلو ولا تشدد تراعي وسطيته واعتداله, وترعى تسامحه ورحمته، وتحارب بعلم واقتدار كل دعوات الخروج عليه , ومفارقته بإلحاد أو ردة, وبذلك تحمي دينها ونفسها,فهل سنفعل هو ما ارجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 64070

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *