د / عثمان متولي وتجسيد مفهوم الطبيب
صالح المعيض
حقيقة لم تعد تغيب على متابع فطن تحول الطب إلى تجارة بحتة إلا ما ندر فقلما تجد طبيباً يُشخص لك الحالة من أقصر الطرق الطبية السليمة فيذهب بك عبر سراديب وبدرومات إلى عالم آخر تجد نفسك معه وقد تحوَّلت كمريض إلى محطة تجارب بين مختبرات ومراكز إشعاع وتصوير وخلافه حتى لو كنت تشتكي من بداية انفلونزا كان يمكن اختصارها إلى نسب دنيا لو وفقك الله ووقعت تحت نظر طبيب متمرس مخلص في عمله صادق مع رسالته وليس هذا تنظير لواقعنا الصحي هنا والذي نعيشه اليوم بل واقع معاش يُدركه كما أسلفت من قدَّر له التردد على المستشفيات الخاصة أما المستشفيات الحكومية فحدِّث ولا حرج وقد تطرَّقت إلى ذلك طيلة ثلاثة عقود في أكثر من مائة مقال ولكن للأسف لاحياة لمن تُنادي رغم أن الدولة ضخت ميزانيات ضخمة لهذا المرفق والمرافق الصحية التابعة لجهات أخرى ولكن تبقى خدمات وزارة الصحة دون المستوى والمأمول مع توفر معظم متطلبات البنى التحتية الجبارة لغياب العنصر البشري المتمرس من أطباء وفنيين وتمريض وإدارة خارج الخدمة الجيدة ولو بأقل معايير الجودة ولست هنا بشأن الحديث عن الوزارة فرغم طول مدة النقاش إلا أن مؤسسات حقوق الإنسان ومجلس الشورى وغيرهما أكدوا ما ذهبنا إليه طيلة تلك السنوات .
اليوم أنا هنا بصدد تقديم نموذج أحسبه من واقع تجارب ومواقف وأحداث هو النموذج الذي نحتاجه في مستشفياتنا نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً وهو الدكتور : عثمان متولي استشاري امراض القلب ورئيس قسم القلب بمستشفى الملك فهد بجدة الذي من عشقه لعملة ووفائه لرسالته وحبه للخير لازم هذا المستشفى ويكاد يكون من القلائل جداً والذي لم تُغريه المادة رغم شُهرته ويذهب إلى تلك المستشفيات الخاصة طمعاً في المادة على حساب الإخلاص في العمل الدكتور عثمان لم يعد ملك نفسه ولا بيته فآلاف الحالات بتوفيق الله سعدت بعنايته وأسلوبه الراقي وكلماته العذبه وأخلاقه الفاضلة ومتابعته اللصيقة وصداقته للمريض أخاً للكبير وأباً للصغير وطبيباً للجميع يعلم الله أنني لا أقول ذلك تزلفاً ولا رياءً فكل من تعامل معه أكد ذلك .. ذكر يوماً بمجلس خاص فعلق الأستاذ : عبدالرحمن المغربي وهو إعلامي مميز ومسؤول في إحدى القطاعات الصحية غير التابعة لوزارة الصحة يسرد موقفاً إنسانياً للدكتور عثمان والذي بقي في المستشفى حتى الفجر ليؤمن (دعامات لمريض وافد) يعمل حارس عمارة وذلك بالتنسيق والتواصل الهاتفي مع جمعية خيرية متخصصة ولم يغادر حتى ضمن بفضل الله ذلك ويحكي الأستاذ : عبدالرحمن الغامدي أنه ذات مرة استدعي في ساعة متأخرة من الليل بشأن حالة مريض وكانت الساعة الثاثة فجراً وفوجيء بالدكتور عثمان يُعاين وافداً بمهنة سائق مريضاً حالته حرجة وعلم فيما بعد أنه من العشاء وهو يتابع الحالة ويحكي لي أحدهم ويقسم بالله على ذلك أنه راجع بوالده عيادة الدكتور عثمان وقد لفت نظره كم هو مدى التصاق الدكتور بالمريض إذ يقول تفاجأت بأن الدكتور هو من يخلع ملابس والدي معي وهو يردد من الأذكار ما تستأنس به النفوس أما أنا شخصياً فلي مواقف مع الدكتور عثمان منذ قرابة عقد ونصف حيث رافقت مرضى تحت إشرافه وأخيراً وقبل عامين تقريباً خضعت شخصياً بل وحظيت بفضل الله برعايته وتلمست ذلك عن قرب وعن حقائق المجال لايتسع لذكرها لكن من باب ما حثنا عليه الشارع الحكيم بأن نقول ( للمحسن أحسنت) وجب الإشارة لشيء من ذلك في زمن اتجهت فيه بوصلة الطب إلى التجارة وفقدت كثيراً من وهجها الإنساني الذي كان ديدن هذه المهنة ويجب أن يبقى كذلك وأسأل الله أن يوفق الدكتور عثمان وكل من أخلص في عمله وأن يقتدي بهم الكثير ممن تنتظرهم هذه المهنة الإنسانية بالدرجة الأولى وأرجو أن لاتغضب سطوري هذه دكتورنا الحبيب عثمان متولي لأنه يكره الإشادة ويحب العمل بصمت فما ينقص مستشفياتنا الحكومية والخاصة هو عنصر الكوادر المتفانية ذات الخبرة والمراس وجودة الأداء وجعل المريض أي مريض محور رسالته لنجد بالتالي أن مستشفياتنا أصبحت ذات جودة عالية نفتخر بها.
جدة ص ب ـ 8894 ـ فاكس 6917993
التصنيف: