اقتصاد

8.2 مليار دولار التبادل التجاري بين البلدين .. العلاقات السعودية البريطانية .. ترابط اقتصادي وتوافق سياسي

جدة ــ البلاد

تعد زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى بريطانيا مهمة على الجانب الاقتصادي، بجانب كونها زيارة بالغة الأهمية سياسيا.

فهي بحسب تأكيدات مسؤولين في كلا الدولتين فرصة لكلا البلدين لتطوير علاقات التجارة والاستثمار بشكل أكبر. وكان الأمير محمد بن سلمان قد وصل إلى المملكة المتحدة في زيارة رسمية، بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، واستجابةً للدعوة المقدمة من حكومة المملكة المتحدة.

آفاق جديدة :
وتفتح زيارة ولي العهد لبريطانيا آفاقا جديدة لزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين على خلفية العلاقات المتينة بين الدولتين.

وقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورات كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 76 مليار دولار خلال الفترة من عام 2002 وحتى عام 2017، منها 22 مليار دولار صادرات سعودية إلى بريطانيا، بينما بلغت الصادرات البريطانية للملكة نحو 54 مليار دولار.

كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 8.2 مليار دولار خلال عام 2017.

وتمثل المواد البترولية ومشتقاتها أهم الصادرات السعودية إلى بريطانيا من حيث القيمة، وتليها معدات النقل وماكينات توليد الكهرباء والبلاستيك الخام وماكينات التصنيع العامة. وتتصدر ماكينات توليد الطاقة ومعداتها الصادرات البريطانية من حيث القيمة إلى المملكة ، بالإضافة إلى قطع غيار الطائرات والسيارات والحديد والصلب.

أما في جانب الاستثمارات الأجنبية في المملكة فتحتل بريطانيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية ويقدر حجم استثماراتها المباشرة والمشتركة نحو 72 مليار ريال من ضمنها مساهمتها في 200 مشروع مشترك. بينما يقدر حجم الاستثمارات السعودية في بريطانيا بنحو 21.6 مليار ريال.

قنوات اتصال :
ويعد “حوار المملكتين” برئاسة وزيري الخارجية في البلدين إحدى القنوات المهمة، باجتماعاته الدورية بالتناوب في البلدين؛ لمناقشة التحديات التي تواجه المملكتين وللحوار والتواصل وتبادل الرؤى على كل الأصعدة والاتفاق على تنفيذ برامج تعاون ثنائية بين الجانبين في كافة المجالات المتاحة،

كما يمثل مجلس الأعمال السعودي البريطاني بمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية -باجتماعاته الدورية- قناة مهمة أخرى لتعزيز وتطوير حجم التعاون القائم بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين في المجالات المتعلقة بالاقتصاد والتجارة والاستثمار

اهتمام بريطاني :
وتحظى زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا باهتمام واسع لدى الدوائر السياسية والاقتصادية في المملكة المتحدة، إلا أن هذا الاهتمام يتضاعف لدى مستثمري بورصة لندن.

ويترقب المستثمرون في سوق لندن العملاق بشغف بالغ فعاليات الزيارة مع مساعي حثيثة من مسؤولي بورصة لندن لقيد الحصة المطروحة من أرامكو عملاق النفط السعودي.

كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قد أعلن عن عزم المملكة طرح نحو 5% من شركة أرامكو المقدرة قيمتها بأكثر من تريليوني دولار، في خطوة يترقبها العالم، لكونها ستمثل أكبر طرح بتاريخ البورصات، وستقدر نسبة الـ 5% من أسهم أرامكو بنحو 100 مليار دولار، وسيكون الطرح في سوق الأسهم السعودية وبورصة أخرى عالمية لم تحدد بعد.

واستبق متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الزيارة وقال إن بورصة لندن قدمت مسوغات قوية جدا لشركة أرامكو السعودية لإدراج أسهمها في بريطانيا.

وأضاف المتحدث: “من الواضح أن هناك الكثير من أسواق الأسهم الكبرى المهتمة بأرامكو بما في ذلك بورصة لندن التي نعتقد أنها قدمت مسوغات قوية جدا لطرح أسهم الشركة السعودية هناك”
وللفوز بالحصة المطروحة تعكف بورصة لندن على إعداد هيكل جديد للإدراج سيزيد من جاذبيتها لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو كي تدرج أسهمها فيها.

وتتنافس البورصات في أنحاء العالم على الفوز بطرح العام الأولي لأرامكو المتوقع أن يكون الأكبر من نوعه في التاريخ.

وتعتبر بورصة لندن حسب وكالة رويترز أحد المنافسين الأوفر حظا للفوز بجزء من الطرح العام الأولي وهي تسعى بقوة لاقتناصه.

اتفاقيات :
الى ذلك قال مجلس الأعمال السعودي البريطاني، إن زيارة الأمير محمد بن سلمان، إلى بريطانيا، ستشهد اتفاقيات معززة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى جانب فعاليات ثقافية واجتماعية واقتصادية.

وأضاف ناصر المطوع رئيس المجلس أن أكثر من مئتي شركة بريطانية تعمل في السعودية في حين يبلغ عدد الشركات البريطانية المتعاملة مع السوق السعودية أكثر من 6 آلاف شركة.

وأكد المطوع أن مجلس الأعمال المشترك يعمل مع حكومتي البلدين، من أجل توطين الصناعة، إضافة إلى اهتمامه بمشروعات شركة “أرامكو ” و”برنامج اكتفاء” وبرامج الأبحاث المشتركة والتقنية المتقدمة والطاقة المتجددة والأمن السيبراني في ظل وجود 15 اتفاقيات مشاركة بين شباب البلدين من الجنسين، مع تطلعات لتوقيع المزيد من الاتفاقيات المعززة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري.

وقال المطوع: “تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا في بداية تحوّل مهم في توجه البلدين، إذ إن بريطانيا تعيش مرحلة الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، في حين تمر السعودية بمرحلة انتقالية، تتمثل في (رؤية 2030) التي ستقفز بالحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى العالمية”.

وأضاف المطوع أن “رؤية السعودية 2030″، جعلت الأهداف تقاس بالمعايير العالمية وأصبح من السهل للمتابعين والمهتمين بالشأن الاقتصادي والتجاري السعودي استيعاب تطلعات السعودية والفرص الاستثمارية حتى عام 2030 وما بعده.

وتابع: “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يحتم على المملكة المتحدة البحث عن شركاء مهمين وفي مقدمتهم السعودية، وهو ما يفسّر توالي الزيارات رفيعة المستوى من المسؤولين البريطانيين إلى المملكة وفي مقدمتهم رئيسة الوزراء تريزا ماي”.

وتوقع أن يتم خلال الزيارة توقيع كثير من الاتفاقيات التي تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كما سيتخللها فعاليات ثقافية واجتماعية واقتصادية.

بدوره قال رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي أن زيارة سمو ولي العهد لبريطانيا محطة تاريخية مهمة في تاريخ العلاقات السعودية البريطانية الممتدة لعدة عقود، فضلاً عن أنها تدل على الرغبة المشتركة للقيادتين لتعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة والرقي بها إلى أعلى المستويات، خاصة أن هناك تطابقا في المواقف والرؤى السياسية والاقتصادية بين البلدين في أغلب القضايا الدولية.

وبين أنه سيكون لهذه الزيارة نتائج إيجابية مهمة في تطور العلاقات بينهما مستقبلاً إلى مستويات أكثر تقدماً تعكس الروابط بين شعبي وقيادتي البلدين، إلى جانب تحقيق آفاق واسعة للتعاون الاقتصادي بينهما من خلال إبرام العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التجارية لإيجاد شراكات استراتيجية بين قطاعي الأعمال السعودي والبريطاني تستهدف إقامة مشروعات مشتركة في ظل رؤية المملكة 2030، والبحث عن فرص استثمارية جديدة ومجالات خصبة للتعاون المشترك.

وأفاد أن هذه الزيارة تأتي في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها القيادة الرشيدة – حفظها الله – في توطيد علاقات المملكة مع شركائها الاقتصاديين والتجاريين الفاعلين حول العالم، ومن أهمهم المملكة المتحدة التي تعد وجهة مهمة للاستثمارات من مختلف دول العالم، خاصة في هذه المرحلة الجديدة من البناء التي تعيشها المملكة وما اتخذته من خطوات لإعادة هيكلة اقتصادها الوطني على أسس تبحث عن تنويع القاعدة الاقتصادية وتخفيف الاعتماد على مداخيل النفط كمورد رئيسي وحيد للدخل، وهو ما تبلور في الرؤية المستقبلية 2030م،

كما تؤكد الزيارة أيضاً حرص القيادة على تعزيز الشراكة مع الدول الصديقة وزيادة حجم الاستثمارات النوعية ذات القيمة المضافة، بالإضافة إلى دعم أوجه التطور والنمو الذي تشهده العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة وتلك الدول وبخاصة بريطانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *