متابعات

ولي العهد يزور الأردن لتعزيز التعاون الاستراتيجي

جدة – البلاد
في ختام جولته الخارجية الهامة، تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى المملكة الأردنية الهاشمية؛ تتويجا لروبط الإخاء والمحبة، بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، وما يوليانه من حرص على دعم جسور التعاون والشراكة بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات ، وتنسيق المواقف تجاه التحديات والمخاطر، التي تواجهها المنطقة، وفي مقدمتها قضايا الأمة المصيرية، ومحاربة الإرهاب والتصدي للأطماع الإقليمية الإيرانية في المنطقة العربية.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، شهدت العلاقة السعودية الأردنية لقاءات قمة عديدة بين زعيمي البلدين، الملك سلمان بن عبد العزيز، والملك عبد الله الثاني، وأهمها زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الأردن في مارس من العام الماضي، للمشاركة في القمة العربية على البحر الميت. وخلال زيارة خادم الحرمين للأردن، تناولت الاجتماع الثنائي تبادل جهات النظر، بشأن القضايا المشتركة والتطورات التي تشهدها المنطقة ، وعلى الصعيد الاقتصادي، تعزيز أطر التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، وكذلك إطلاق مشاريع منبثقة من صندوق الاستثمار السعودي الأردني. كما شارك العاهل الأردني في القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين التي انعقدت في أبريل من العام الجاري بالظهران ، وأطلق عليها خادم الحرمين الشريفين (قمة القدس) انتصارا للقدس الشرقية، وتمسكا بها عاصمة لدولة فلسطين.
وتأتي زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعاصمة الأردنية، استمرارا للتوصل ودفع العلاقات إلى آفاق أرحب ، حيث يبحث سموه مع العاهل الأردني تعزيز التعاون والقضايا والمستجدات الراهنة في المنطقة ، خاصة وأن العلاقات المشتركة، شهدت تطورا وتناميا كبيرا إلى مستويات استراتيجية، ووضعت بصمات التعاون على مجمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية .
وسبق لسمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، زيارة المملكة الأردنية العام قبل الماضي، وقوبلت الزيارة بحفاوة كبيرة، وتنسيقاً للجهود في مجالات وقضايا عدة، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون العسكري والتجاري والاقتصادي، إضافة إلى تأسيس صندوق استثماري مشترك .
•التنسيق والتعاون المشترك •
ومن الخطوات المتقدمة في التعاون السعودي الأردني الاستراتيجي، عقب اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مع الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في قصر اليمامة بالرياض عام 2016 م ، توقيع البلدين على إنشاء مجلس التنسيق السعودي الاردني المشترك؛ لتنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية، والتشاور والتنسيق السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، فضلاً عن تعزيز التعاون القائم في مختلف المجالات، بما يحقق تطلعات القيادتين والشعبين. وعقد المجلس اجتماعه الأول في الرياض، وترأس الجانب السعودي، سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، فيما ترأس الجانب الأردني رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ، وخلال الاجتماع تم الإحاطة بقرار صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية القاضي بتأسيس شركة للاستثمار في المشروعات الاقتصادية في المملكة الأردنية، وتسجيلها وفقا لقانون الاستثمار الأردني بمشاركة البنوك والمؤسسات المالية الأردنية، كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون ومذكرات تفاهم؛ منها مايتعلق بالتعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة؛ لإقامة مشروع استثماري تنموي في العقبة.
وفي إطار ترسيخ التعاون على الصعيد الاقتصادي ، يمثل مجلس الأعمال السعودي الأردني آلية قوية للتعاون المشترك ، والذي أكد في دورته السابقة على المناخ الاستثماري السائد والحوافز والفرص والإمكانات، وعقد المزيد من اللقاءات بين أصحاب الأعمال والمستثمرين الأردنيين والسعوديين ، وتعزيز الإمكانات المحفزة للتجارة البينية، وتعزيز التبادل التجاري، وتبادل إقامة فعاليات اقتصادية بين البلدين، وتنظيم ملتقى استثماري سنوي مشترك، يصاحبه إقامة معرض.
وشدد المجلس على تبادل اللقاءات بين صاحبات الأعمال الأعضاء في كلا الجانبين وتبادل قواعد البيانات في مشاريع يتم طرحها للتعاون والتشارك فيها ،وفيما يتعلق بآلية التعاون المستقبلي، تم تأكيد استعداد ممثلي القطاع الخاص في كلا الجانبين لتوفير كافة المعلومات والبيانات والاستشارات المطلوبة، والتي تسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
وشدد المجلس على وجود معرض دائم للمنتجات والصناعات السعودية في الأردن؛ لما يحظى به من ثقة وسعر منافس لدى المستهلك، بالإضافة لوضع استراتيجية عمل طويلة الأمد للمجلس؛ بالإضافة الى اختيار قطاعات اقتصادية حيوية ذات جدوى وفاعلية تفيد الطرفين وتعود عليهما بالفائدة.
وقد نوه رئيس مجلس الغرف السعودية رئيس مجلس الأعمال السعودي – الأردني آنذاك الدكتور حمدان السمرين ، بالدعم الكبير الذي تحظى به العلاقات الاقتصادية المشتركة من قيادة البلدين، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأخيه الملك عبد الله الثاني بن الحسين، مؤكدا ضرورة استثمار هذا الدعم من كافة الفعاليات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص؛ لتطوير شراكة مستقبلية تعود بالنفع على البلدين الشقيقين.
وأضاف: إن العلاقات الاقتصادية المشتركة، تستند إلى قاعدة مؤسسية متينة من خلال عدد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية الموقعة بين البلدين في مختلف المجالات، والتي جرى تتويجها بالتوقيع على إنشاء مجلس التنسيق السعودي الأردني في أبريل 2016 ؛ لتحقيق التكامل الفاعل بين البلدين، مشيراً إلى أن أبرز نتائج الاجتماع كانت التوقيع على مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة؛ لإقامة مشروع استثماري تنموي في العقبة، واتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي في شأن الضرائب على الدخل بين البلدين، ومذكرة التفاهم للتعاون الصناعي، إضافة للاتفاق على استكمال إجراءات تأسيس شركة سعودية للاستثمار في المشروعات الاقتصادية بالأردن.
وقال: إن العلاقات التجارية بين البلدين باتت تشهد نمواً مضطرداً؛ حيث بلغ حجم الاستثمارات السعودية في الأردن نحو 13 مليار دولار لتحتل بذلك المرتبة الثانية بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، في حين تباع نحو 25 % من صادرات الأردن في السوق السعودي، وتستورد الأردن من المملكة النفط والعديد من المنتجات الصناعية والدواجن والألبان وغيرها، مشيراً الى أن المنتج السعودي يحظى بسمعة وقبول كبير لدى المستهلك الأردني. وأضاف: إن مجلس الأعمال المشترك، سيولي اهتماماً خاصاً بالفرص الاستثمارية لرؤية المملكة 2030، وكيفية مشاركة الفعاليات الاقتصادية الأردنية في هذه الرؤية الطموحة والتي تمثل المشاركة الخارجية إحدى محاورها خاصة من القطاع الخاص، داعيا كافة الفعاليات الاقتصادية في المملكة والأردن للعمل الجاد لتعزيز العلاقات التجارية، والاستثمارية، واستثمار الدعم الواضح من قيادة البلدين لإزالة أي معوقات تعترض هذه العلاقات والعمل على تطوير مشروعات استثمارية مشتركة.
• وديعة مليارية •
وفي أبريل من العام الجاري، أودعت المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية ودولة والكويت نحو 1.16 مليار دولار لصالح البنك المركزي الأردني ضمن إطار حزمة مساعدات قيمتها 2.5 مليار دولار، تعهدت بها الدول الثلاث للأردن خلال قمة مكة، التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضرها الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إضافة إلى العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين ، الذي أعرب عن تقديره للسعودية والكويت والإمارات؛ لحرص قياداتها على دعم الأردن لمواجهة الأعباء الاقتصادية التي يتحملها نتيجة الأزمات الإقليمية.
من جانبه، أكد وزير المالية الأردني أن هذا الدعم المالي والمساعدات التي جاءت نتيجة لمخرجات قمة مكة يأتي ترجمة حقيقية للعلاقات الأخوية التي تجمع قيادات وشعوب الدول الأربع ، مشيرا إلى أن المنح المقدمة للموازنة ستساعد في تنفيذ مشروعات تنموية، مثلما ستسهم القروض الميسرة في الحصول على التمويل لقروض ميسرة ، كما أن الودائع التي ستحول للبنك المركزي ستساعد في دعم الاحتياطات من العملات الأجنبية في البنك المركزي الأردني؛ ما ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي.
• روابط متجذرة •
ورحب الأردنيون من سياسيين واقتصاديين واعلاميين، بالزيارة الهامة التي يقوم بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الأردن، مؤكدين على متانة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين بقيادتيهما الحكيمة ، وأهمية التنسيق الاستراتيجي بين الرياض وعمّان .
وحول قوة العلاقات بين الرياض وعمّان ، قال الكاتب الأردني معاذ جمال الفريري: إنه بالنظر في العلاقات بين المملكتين، نجدها علاقات وديِّة وأخوية راسخة وامتازت بعراقتها المتجذِّرة التي تتعدى جميع مفاهيم وأبعاد المصالح والمحدِّدات، أساسها المصداقية والوضوح في التعامل. وانطلاقاً من هذا الواقع الحقيقي الملموس، هي علاقات مبنية على الثِّقة والتعاون المشترك في الميادين كافة: الاقتصادية والسياسية والاستثمارية والثقافية، وكذلك العسكرية. وللدولتين قدر رفيع المستوى في المجتمع الدَّولي ، وكلتاهما تحظى بحضور فاعل وصوت مسموع ومؤثِّر وباهتمام في المحافل الدَّولية، وتواصلان متابعة مصالحهما، وتتفاعلان بشكل إيجابي.
يضيف: لم تكن سياسة التَّضامن والتَّعاون التي تنتهجها المملكة العربية السعودية؛ من أجل دعم ومعالجة قضايا الأمّة العربية والدِّفاع عنها حديثة العهد، بل هي دائما سياسة ثابتة وراسخة لها وضع حجر أساسها واستراتيجيتها الملك المؤسس عبدالعزيز، واستمر في ممارستها أبناؤه البررة من بعده، فمنذُ ذلك الحين وحتى اللحظة والمملكة العربية السعودية تواصل الدِّفاع عن هموم وقضايا الدُّولِ العربيةِ، وملتزمة بتقديم الدَّعم بأشكاله كافةِ لجُل أشقائها. ومن منطلق الحفاظ على المصالح المشتركة ولزيادة حجم التعاون والتبادل التجاري بين المملكتين الشقيقتين؛ من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية، والتنموية، والثقافية، حرص صنَّاع القرار دوماً على إقامة علاقات أخويِّة متينة وعميقة فيما بينهم.
وأشارعلى سبيل المثال لا الحصر، أن المملكة العربية السعودية وقعّت مع المملكة الأردنية، اتفاقيات تعاون عدة في شتى المجالات، بدءا من اتفاقية الصَّداقة وحسن الجوار، ومروراً باتفاقية عمان، وغيرها من الاتفاقيات التي تتعلق بتنظيم النقل البري، وكذلك الاتفاقيات الثقافية، وصولاً إلى توقيع مذكرات تفاهم بين الطرفين في مجال تشجيع الاستثمار المشترك، وكانت من آخرها عند زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى المملكة الأردنية الهاشمية ، ولقاء القمة التي تناولت آفاق تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتضمَّنت عقد العديد من المشاريع الاستثمارية والاقتصادية والصحية، وغيرها من المشاريع والسياسات التي تترجمه على أرض الواقع.
وأضاف: إن الأردن حليف قوي، يحظى باهتمام المملكة العربية السعودية، وكذلك الحال بالنسبة للسعودية لدى الأردن، وهنا يتَّفق الطرفان على توحيد الجهود في مواجهة الأخطار والأطماع والفتن والإرهاب ، فالعدو والخطر واحد على البلدين والأمة. وفي إطار جهود الدعم المادية والمعنوية المنبثقة عن الروئ الأخوية للمملكة العربية السعودية ، يقدر الأردن هذه المواقف السعودية الأصيلة، ويعتبرها موضع احترام وتقدير، ويسعى دوماً للحفاظ على العلاقات العميقة النابعة من روح الأخوة ووحدوية وجهات النظر والعروبة وعمق الروابط. وبذلك أستطيع القول وبضمير واثق: إنها علاقات دائمة ووطيدة، امتازت بسمو قيمها الراسخة والمبنية في جوهرها على الثقة والاحترام المتبادل، ذلك الاحترام الممزوج بمبادئ وأهداف وقواسم مشتركة، فهي حقاً علاقات يطيبُ ذِكرُها لدى شعبينا دوماً وفي المحافل الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *