الأرشيف ملامح صبح

هدوء نسبي .. الأدب والنقد الأب والابن المتمرد‎

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]قهر يزيد[/COLOR][/ALIGN]

جرت سنة الفن والأدب على التحرر من كل قيد في إصدار نبرة التوجع الخاصة بكل أديب وفنان، وصار الإبداع بشتى صوره مجازي المولد والنشأة والمصير!
يفز الأديب بإحساس مرهف وشعور متوتر تجاه القضايا الإنسانية الكبرى والصغرى، الظاهرة والخفية،يقشعر بألم حقيقي، ويشعر بقطرات من المر تتساقط في حلقه فيتجرعها ولايكاد يسيغها، ويحمل الهم الإنساني كرها ويضعه كرها، في احتفالية للحمى تهزه بعنف فيرتجف وينتفض، ثم يصحو كما يصحو الصريع ليجد المولود يبتسم له، فيحمل وليده ويجيء به قومه، ليتساءلوا عن السر، فيشير إليه وينذر للأدب صوما فلا يكلّم بشأنه إنسيا!
ولهذا قال المتنبي – لما سئل عن بعض مواليده -:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم!
استخدم عينا واحدة للنظر في هذا الموضوع، كن كالرامي الذي يستعد لإطلاق الرصاص نحو الهدف!
ولتكن عينك التي ترى بها عينا موضوعية ومنصفة، فأحيانا يكون استخدام العينين أسوأ من العمى لأن الذي يستخدم عين الرضا وعين السخط يستخدم عينين لكنهما بحاجة لقطرة تجلي النظر وترفع آثار الضعف والعقد البشرية عن مصير الألم البشري!
-الكاريكاتير يضحكنا كثيرا لكنه يرصد ألما ويصوّر جريمة ما!
وعليه فالمأساة والملهاة أختان (توأم غيرمتشابه)!
كلاهما تمران بمراحل التكون وآلامه وتخرجان وقد تمزق من أجل ذلك وجدان من أبدعهما!
والذي أنجبهما غير مسؤول عن شعور الآخرين تجاههما، لكنه مسؤول
– بشكل ما عن تغذيتهما خلال الحمل والحفاظ على صحتهما لحين خروجهما للعالم الخارجي منفردتين تواجهان عيون الرضا والسخط
ببراءة وجمال، في حين لايمكنك كمتفرج تجاوز نظرات أدعياء الثقافة
وتعليقات منحرفي الغايات على هؤلاء الأطفال الأبرياء!
واستثنائيا – إذا مامس هؤلاء الجانب الذي يخص الأديب (تغذية أجنته) تصدى للدفاع عن مسؤوليته، أما مايشعر به العالم إزاء أطفاله
فهو – كمبدع – يعرف مسبقا وبداهة أنه لن يستطيع – ولو حرص – أن يقنع كل العالم الذي ينظر لطفلته أنها أجمل ما خلق، ولهذا فمسألة الجمال نسبية نتفاوت في الحكم عليها!
الأدب هو الأب الشرعي للابن (المتطرف) النقد!
ربما كان لذنب الأدب – الذي جرّع والده المر- ليولد كما يشاء ويخرج كما يشتهي ويسهر مع من يريد، علاقة بما يتجرعه من ألم القيد والحدود التي يحاول النقد بعيونه العديدة (عين الموضوعية وعين الجمال وعين الرضا وعين السخط) تقييده فيها!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *