دولية

 نسير في طريق مسدود.. خامنئي يهدد .. وانهيار العملة يشل أسواق إيران

طهران ــ وكالات

دخلت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والنظام في إيران يومها الرابع، بالتزامن مع إضراب عام يشل بازار طهران وباقي الأسواق التجارية المختلفة بسبب انهيار العملة المحلية وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وتتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية في مدن ومناطق إيرانية مختلفة، لتعكس مخاوف المجتمع من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة الآخذة في الانحدار.

وبدلا من أن يتخذ المرشد الإيراني علي خامنئي أو حرسه الثوري إجراءات اقتصادية تطمئن الأسواق الإيرانية، هدد الاثنان بالتصدي لـ”المكدرين للأمن الاقتصادي”.ونقل الموقع الإلكتروني الرسمي لخامنئي عنه قوله، إن على القضاء التصدي لمن يكدرون الأمن الاقتصادي.

وفي الوقت الذي تحدث فيه قائد بالحرس عن “واجب الإيرانيين مساعدة الحكومة في تجاوز المشاكل الاقتصادية”، لم يحدد كيفية تجاوز المشاكل، وكيف يساعد الإيرانيون في حلها.

ونقلت وكالة “أنباء فارس” عن قائد كبير بالحرس الثوري قوله إنه من الواجب على جميع الإيرانيين مساعدة الحكومة في التغلب على المشكلات الاقتصادية.

وتشير المظاهرة إلى استياء واسع من القبضة الأمنية للنظام، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية عقب قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، وإعادة تفعيل عقوبات على البلاد.

وكان مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية قال، إن واشنطن أبلغت حلفاءها بوقف واردات النفط الإيراني.
ويتزامن الإعلان الأميركي مع خروج محتجين في طهران ومدن أخرى، يومي، بعد شكاوى تجار من التراجع الحاد في قيمة العملة الوطنية

واعتقل الأمن، العشرات في محاولة لوقف المظاهرات، إلا أن تلك الخطوة باءت بالفشل مع تصاعد الغليان الشعبي ضد سياسات النظام الحاكم، الذي أدخل البلاد في نفق مظلم.

وتعد المظاهرات مؤشرا على حالة واسعة من عدم الارتياح تحت السطح في إيران، تجسدت نهاية العام الماضي حين نظمت احتجاجات في نحو 75 مدينة وبلدة عبر أنحاء البلاد.

وأدى القمع العنيف للاحتجاجات التي اندلعت في أواخر ديسمبر ومطلع يناير الماضي إلى مقتل 25 شخصا على الأقل، واعتقال السلطات لما يقرب من 5 آلاف شخص.

وانتقد المحتجون كلا من الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد علي خامنئي علانية، في وقت تعاني الحكومة مشاكل اقتصادية، تضمنت ارتفاعا كبيرا في معدلات البطالة وانهيارا للعملة الوطنية.

وقالت قناة صوت الشعب الداعمة للاحتجاجات، إن احتجاجات جرت امس “الأربعاء” قرب بازار طهران نتيجة عدم قدرة الحكومة على ضبط انهيار العملة المحلية مع ارتفاع كبير في أسعار البيع والشراء وصلت للمواد الإستهلاكية.

ونقلت القناة عن مصادر ميدانية أن الاحتجاجات تركزت بشكل كبير في أماكن كثيرة، مثل شارع فردوسي وشارع ملت وشارع إكباتان، وشارع الشباب، بالعاصمة طهران”، مضيفة أن قوات الأمن قامت بتفريق المتظاهرين في شارعي فردوسي والشباب”.

كما أفادت تقارير صحفية عن اتساع رقعة الاحتجاجات حيث شملت مدن كبرى منها كرمنشاه واصفهان وتبريزوشيراز وآراك وكرج، وهتف المتظاهرون كما أظهرت مقاطع فيديو ضد الحكومة والفريق الاقتصادي للرئيس حسن روحاني، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها إيران.

الى ذلك كشفت تصريحات جديدة أدلى بها يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، عن نوايا تيارات متشددة داخل هيكل نظام الملالي، الإطاحة بحكومة الرئيس حسن روحاني وتنصيب أخرى تتكون من جنرلات مليشيات الحرس الثوري في ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تهدد نظام ولاية الفقيه بأكمله.

ونقلت وكالات أنباء إيرانية، عن صفوي قوله خلال حضوره مناسبة قبل يومين بحضور جنرلات من الحرس الثوري جرى تكريمه خلالها، أن عدم وجود حكومة سيجعل أمور البلاد على ما يرام، في الوقت الذي تطالب تيارات متشددة بضرورة وجود رئيس للبلاد بخلفية عسكرية بالتزامن مع التصعيد على إثر الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، وارتفاع موجات الغضب الشعبي إلى حد غير مسبوق.

ويرى مراقبون للشأن الإيراني أن مليشيات الحرس الثوري تسعى بشتى السبل للهيمنة على مقدرات القرار السياسي في البلاد لدعم أنشطتها التخريبية بالمنطقة، لا سيما أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أعرب عن مخاوفه مؤخرا بشأن مصير غامض ينتظر نظام الملالي حال رحيل روحاني عن الحكم، على حد قوله.

وعلى الرغم من المطالبات الشعبية المتكررة برحيل المرشد الإيراني علي خامنئي المسيطر على زمام السلطة، وتغيير نظام ولاية الفقيه القمعي، يرى مستشاره العسكري أن وجوده “تنظيمي”، مدافعا عن منصبه ضمن تركيبة نظام الملالي، في الوقت الذي رفض تحميله مسؤولية فشل الاتفاق النووي.

وبدا من تصريحات الجنرال رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، انحيازه للمليشيات الإيرانية، معتبرا أن الحكومة الإيرانية وحدها تتحمل أزمات الداخل في البلاد، بينما تشير تقارير عدة إلى أن طهران ما زالت تواصل دعم المغامرات العسكرية على حساب رفاهية الداخل بالبلاد.

وسبق أن دعا محمد علي بور مختار، النائب المتشدد والجنرال السابق بالحرس الثوري، لتنصيب رئيس إيراني بخلفية عسكرية، مدعيا أن وجوده سيخلص البلاد من أزماتها المتفاقمة، قبل أن تسري تلك الدعوة على مستوى الصحف، والنشطاء المحسوبين على التيار الأصولي داخل بنية النظام الإيراني.

وفي سياق متصل، تزايدت تلك الدعوات في أبريل الماضي، قبل إعلان الولايات المتحدة انسحابها نهائيا من الاتفاق النووي، حيث اعتبر حسين الله كرم، وهو قائد مليشيات عسكرية متشددة مقربة من البسيج “التعبئة العامة”، تدعى”أنصار حزب الله”، أن الإطاحة بروحاني، وتعيين رئيس عسكري لقيادة البلاد، يكفل لبلاده موقفا أفضل بمواجهة واشنطن، على حد زعمه.

وطرح اسم الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري كبديل للرئيس “الإصلاحي” روحاني. وقال كرم بحسب موقع خبر أونلاين الإيراني، إن سليماني هو الشخص الأجدر بقيادة البلاد، نظرا لتمتعه بما عده “الخبرات الاستراتيجية الإقليمية”، لافتا إلى أن شخصية عسكرية في منصب الرئاسة ستكون قادرة على مجابهة الأزمات التي تواجهها طهران، على حد قوله.

وتسعى مليشيات نظام الملالي في إيران بشتى السبل لإنقاذ هيكل نظام ولاية الفقيه القمعي من السقوط المدوي، غير أن التحرك يبدو أنه جاء في الوقت الضائع.

ويأتي التحرك بعد فوات الأوان، لا سيما في ظل ارتفاع وتيرة الغضب الشعبي مؤخرا لأسباب عدة بينها سياسي، واقتصادي، واجتماعي منذ احتجاجات يناير ، إضافة إلى معطى جديد في المعادلة فرض نفسه وهو العقوبات الأمريكية المنتظرة، على إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية قبل 3 سنوات.

وفى السياق حذرت فائزة، ابنة الرئيس الإيراني الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، النظام الإيراني من أن البلاد قد تسير في طريق الانهيار، داعية النظام الحاكم إلى الدخول في مفاوضات مع واشنطن وإجراء إصلاحات داخلية مطلوبة منذ 40 عاماً.

وقالت السياسية الإصلاحية فائزة هاشمي إنه يجب الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة قريباً بدلاً من التصرف سلباً قبل تدهور الوضع الحالي، مضيفة: “ليس لدينا خيار آخر.. المفاوضات المتأخرة قد تحدث بفعل مزيد من الضغط”.

ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن هاشمي قولها إن عدم وجود علاقات مع الولايات المتحدة كان خطأ منذ البداية، ويجب على إيران حل مشاكلها مع واشنطن؛ معللة ذلك بأن عدم وجود علاقات مع دولة تعتبر قوة عظمى هو أمر باهظ الثمن بالنسبة لإيران.

وقالت هاشمي: “لا أرى خطر الانهيار في الوقت الحالي.. لكن البلاد قد تسير في هذا الاتجاه حال عدم إيجاد حلول الآن، الأزمة بلغت أشدها في مختلف الاتجاهات. في حين أن الدولة تتظاهر بأن الوضع طبيعي”.

وحتى مع الاضطرابات المتزايدة بسبب ارتفاع الأسعار وبطالة الشباب، تعهد مرشد إيران علي خامنئي بعدم تقديم تنازلات للإدارة في واشنطن أو التخلي عن السياسة الخارجية التي رأتها تدخلاً في المنطقة.

وردت هاشمي بأن “هذه الكلمات ليست قرآناً. قلنا كثيراً من الأشياء من قبل لكننا أيضاً نتمتع بالحكمة ونعلم ماذا نفعل كي لا تتعرض البلاد لمزيد من الضرر والانهيار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *