متابعات

موانئ أثرية تعود إلى خمسة آلاف سنة.. حضارات اتكأت على سواحل الجزيرة العربية

الرياض- البلاد

موانئ تاريخية وأثرية تزخر بها على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي يعود بعضها لأكثر من 5000 سنة، و كانت بمثابة شريان للحضارات التي استوطنت الجزيرة العربية وشكلت أهم الحضارات الإنسانية وأكثرها تطورا على مدى التاريخ. وكشفت التنقيبات الأثرية الأخيرة التي نفذتها فرق سعودية ودولية مشتركة بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني, عن آثار ذات قيمة عالية تحت الأرض في عدد من هذه الموانئ أظهرت أنوعا من الأنشطة الاقتصادية في حضارات ما قبل الميلاد من خلال هذه الموانئ،

وما كانت تستقبله من سفن للبضائع خلال فترات متعاقبة. وكان لهذه الموانئ دور رئيس في استقبال البضائع الهندية والصينية حيث تم العثور على أنواع من الخزف الصيني تعود للقرون ما قبل الميلاد. في هذا الاطار ستشهد المملكة أول ملتقى متخصص في الآثار ، سيقام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، في الفترة من 18 -20 صفر 1439هـ الموافق 7 – 9 نوفمبر 2017م بإذن الله تعالى، في مدينة الرياض.

• منظومة بحرية اثرية
من ابرز الموانئ التاريخية والأثرية “ميناء العقير” بالأحساء على ساحل الخليج العربي حيث يعد من المواقع التاريخية المهمة في المملكة وأول ميناء بحري فيها، كما كان الميناء الرئيس للحضارات المتعاقبة في الأحساء حتى عهد قريب.

وقد اهتم المؤسس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه- بميناء العقير لكونه البوابة الاقتصادية للدولة السعودية الناشئة، وكان إلى عهد قريب قبيل تأسيس ميناء الدمام الميناء الرئيس الذي يفد إليه الزائرون لوسط الجزيرة العربية وشرقها.

ويعد العقير بوابة نجد البحرية ومعبر الاستيطان في المنطقة وقد استمر أثره السياسي والتجاري والعسكري والفكري واضحاً في الأدوار السياسية التي تعاقبت على الساحل الشرقي للجزيرة العربية ، إذ يعود عمق أقدم تبادل تجاري عبر العقير والبلاد المجاورة لها إلى العصور الحجرية، وقد تبين من فحص الأدوات الحجرية التي عثر عليها في هجر أنها تتكون من أحجار لا توجد أصلاً في مكونات سطحها، مثل الأحجار البركانية وأحجار الكوارتز وأنواع أخرى من الأحجار المختلفة ، وإنما استوردت من المناطق الغربية بالجزيرة العربية بعد أن تم فحصها من قبل علماء الآثار.

ولأهميته ولكونه الميناء الرئيس في شرقي البلاد، فقد شهد ميناء العقير أحداثا سياسية واقتصادية في عهد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ، حيث استخدمه الملك عبدالعزيز مقراً لمقابلة الموفدين البريطانيين واتخذه مقرا للمفاوضات مع الحكومة البريطانية, ففي عام 1334هـ/1915م اتجه الملك عبدالعزيز إلى العقير حيث عقد – رحمه الله – في مينائه مع السير بيرسي كوكس ممثل الحكومة الإنجليزية معاهدة العقير الشهيرة بتاريخ 18 صفر 1334هـ الموافق 26 ديسمبر 1915م. كما قرر الملك عبدالعزيز أن يكون ميناء العقير مكانا للاجتماع بالمندوبين الإنجليز لمناقشة الحدود بين نجد وشرقي الأردن والعراق ، ونتج عن ذلك توقيع ما يسمى ببروتوكول العقير عام 1341هـ/1922م.

وقد استمرت أهمية العقير بوصفه ميناءً ، إذ ازدهر في بداية الدولة السعودية إلى قرابة سنة 1365هـ/1945م، وبفعل تحول الطرق التجارية بعد اكتشاف النفط في بقيق والظهران تراجعت أهمية العقير لوجود طرق حديثة معبدة وبناء عدد من الموانئ الحديثة قريبة من منابع النفط والأسواق التجارية في المنطقة الشرقية.وقام الملك عبدالعزيز بتطوير الميناء فأنشئت الجمارك والجوازات والفرضة ومبنى الخان ومبنى الإمارة والحصن والمسجد وعين الماء وبرج بوزهمول.

وتدل المواقع والشواهد الأثرية المكتشفة في المنطقة على ما كانت تلعبه العقير من دور مهم في التاريخ القديم، وقد عرضت معثورات من مواقع العقير والجرهاء ترجع إلى عصر الجرهاء في الفترة من 500 إلى 400 قبل الميلاد، إضافة إلى عرض خرائط تبين الطرق التجارية البرية والبحرية في الجزيرة العربية وما حولها. وتشير معظم المصادر والمراجع التاريخية إلى أن المنطقة سكنها الكنعانيون منذ حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، ومن بعدهم جاء الفينيقيون ثم الكلدانيون. وقامت فرق التنقيب الأثري بعمليات تنقيب في أحد تلك التلال القريبة من الميناء كشفت عن مبنى سكني إسلامي يرجع إلى القرن الثالث أو الرابع الهجري، وعثر به على مواد أثرية منوعة، والمبنى يرتكز على أساسات مباني قديمة ترجع لفترة ما قبل الإسلام.

واهتمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بميناء العقير تاريخيا وسياحيا، ففي الجانب التاريخي قامت بتسجيل مبنى الجمارك في ميناء العقير في سجل الآثار الوطني، وجرى ترميم مباني ميناء العقير الأثري التي شملت مباني الخان والإمارة وحصن الإمارة خلال العام 1418هـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *