الأرشيف مقالات الزملاء

مع أصحاب (الكاريزما)

شاكر عبدالعزيز

** لاشك انه خلال مشوارك الصحفي الطويل سوف يقابلك عدد من الاشخاص الذين يتمتعون بـ”كاريزما” خاصة لا يمكن ان تنساهم بسهولة.. ودعوني اتحدث عن بعض من قابلتهم هنا في المملكة ثم في بلدي مصر.. واحب ان ابدأ بالراحل الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي رجل الدولة والاديب المعروف الذي ولد في الهفوف عام 1940 ميلادية.. وهذا الدكتور القصيبي الذي حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ثم الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا والدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة لندن تولى العديد من المناصب في الدولة بدءاً من عمادة كلية التجارة بجامعة الملك سعود وانتهاء بوزير للصناعة والكهرباء ثم وزيرا للصحة وقد تابعت هذا القامة الكبيرة الى ان قدر لي ان التقي به لعدة مرات احداها كانت في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وألقى محاضرة بهرت الطلاب والاساتذة وعمداء الكليات.
ومرة اخرى التقيته مع صديقه الحميم معالي الاستاذ عبدالرحمن السدحان الامين العام لمجلس الوزراء الموقر في احد المطاعم الشهيرة في جدة وكان سفيراً للمملكة في لندن حاولت ان اقنص منه تصريحاً ولكنه تخلص مني هو وصديقه بلباقة شديدة.. ثم جاءت اللقاءات المباشرة وهو يتابع وزارة الصحة وجاء موسم الحج وكان في ايام الصيف شديد الحرارة وهذه القصة حدثت معي شخصيا ومع الدكتور المرحوم غازي القصيبي في هذا الوقت وزيرا للصحة وفي ايام التشريق الثلاثة بمنى وصلت الحرارة الى 55 درجة وكان بعض الحجاج من كبار السن يموتون من جراء “ضربات الشمس” وكان الاخوة الحجاج الايرانيون يحرصون على (رمي الجمرات بعد الزوال مباشرة) اي بعد اذان الظهر وزلاادت حالات الوفيات بين الحجاج وشاهدت ومعي زميلي المصور الدكتور غازي القصيبي ذو القامة الطويلة الفارعة وهو يقف على باب مستشفى منى العام يستقبل سيارات الاسعاف وهي تنقل الحجاج المصابين (بضربات الشمس) وتضعهم على “النزولي” الخاص بالمستشفى والاكثر غرابة ان وزير الصحة خلع الغترة والعقال وشارك بنفسه في دفع هذه “العربات الصغيرة والمجهزة لحمل المصابين النزولي” الى الحجرات الخاصة بضربات الشمس حتى ينقذهم من الموت القريب منهم وبالفعل انقذ العشرات منهم.
هذا هو الدكتور غازي القصيبي الذي لا يعرفه الكثيرون.. وفي موقف آخر لي معه في جدة وجدته يحتفي بعشرين خريجاً من الشباب السعودي تلقوا تدريبات في الاردن على اعمال الطبخ وتقديم الطعام في الفنادق والمطاعم الكبيرة وكانت المفاجأة انه شارك بنفسه في لبس (ملابس تقديم الطعام) وقدم لنا الطعام بنفسه ليؤكد ان العمل المهني ليس عيباً ويعطي القدوة للشباب لكي يتقدموا الى العمل الحرفي الذي تحتاجه بلادهم رحم الله الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي صاحب “الكاريزما” التي لا تنسى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *