د. زامل عبدالله شـعراوي
من ركائز قراءات التاريخ ” الزي ً السائد لاي مجتمع وهو كدلالات المكان ، والمعمار ، والآداب ، والفنون ، ووسط مدينة ” جدة التاريخية ” يزخر بدوائر متداخلة مضيئة وشامخة من الحرف العريقة .. التي تروي تاريخ عريق متجذر لمدينة عريقة كعمق التاريخ ذاته.
وفي وسط “جدة التاريخية ” قصص وحكايات وشجن تروى تاريخ ضارب في مسار هذه المدينة التي تجسد قيمة حضارية رفيعة وكل حرفة فيها تعني قصة انسان وديمومة تاريخ متصل بكل ايقاعها المتسارع في نهضتها التي تشهدها اليوم .
وفي قلب ” جدة التاريخية ” وتحديداً بشارع الذهب يقع سوق المشالح الشهير .. الذي تشعر وانت فيه بحضور راسخ لأحد مفردات الزي الوطني، وإحدى سماته التي فرضت نفسها وسط متغيرات تأخذ بألباب الأجيال..و في هذا السوق العريق تجد نفسك متأملا ً في قيمة هذا المظهر للتعبير عن موروث رسخ تتوارثه الاجيال .
وعن زي المشالح وحركة البيع ومواسمها وزبائنها وأسعارها نقدم هذه الجولة.
لقد ارتبطت بعض المحلات التجارية منذ سنوات بالأصالة والمحافظة على تجارة الزي السعودي الأصيل خاصة في ملبوسات لها خصوصيتها وطابعها المميز وظلت شهرتها تتوالى جيلاً إثر جيل ولمختلف فئات المجتمع الاجتماعية والعمرية.
سوق البلد بالمنطقة التاريخية بجدة يتميز بوجود كم كبير من المحلات التي تتنافس على توفير بضاعة تتميز بالأصالة والجودة. فمن هذه الأزياء ” المشالح الرجالية ” التي تتوفر وبأنواع متعددة وبأسعار مختلفة، وتشهد الأسواق في الإجازة حركة نشطة وإقبالا كبيراً من الراغبين على شرائها حيث تكثر فيها المناسبات الاجتماعية وخصوصاً مناسبات افراح الزواج إضافة إلى رغبة البعض في شرائها كهدايا او اخذها معهم في سفرهم، وذلك حسب ما قاله أحد أصحاب المحلات لنا، السيد خالد : وسألناه عن مدى الإقبال على شراء المشالح خلال هذه الفترة من كل عام فقال: عندما يقبل الصيف يقبل معه موسم الأفراح في جميع أرجاء المملكة، ولهذا يزداد الطلب على شراء المشالح بجميع أنواعها وخصوصاً اللون الأبيض والأسود ذات الصفة الخفيفة من القماش (الشفاف) لأنه يعتبر اللون المفضل للعروسين ثم البني الفاتح ثم بقية الألوان.. أما الأسعار فتتراوح حسب صناعتها وأرخصها الصناعة الآلية وأغلاها المصنّع في الأحساء وأجودها ما كان ذا صناعة جيدة في الأحساء حيث توجد مشاغل حياكة المشالح الممتازة لما لها من رونق مميز وحرص كافة فئات الشعب على ارتدائه في المناسبات الاحتفالية.
بين الصيف والشتاء
وأردف قائلاً: إن الإقبال في فترة الصيف أمر طبيعي وذلك يعود لكثرة المناسبات خاصة الأعراس التي يرى البعض أن لبس المشالح أصبح سمة ملازمة لها سواء من قبل الأقارب أو الأصدقاء، ولهذا يلجأ البعض إلى الشراء من السوق هذا بالإضافة إلى أن البعض يشتري هدايا يقدمها هدية للعريس أو هدية سفر.
وقال إن فترة الأعياد والصيف من كل عام تعتبر موسماً بالنسبة للسوق وخاصة في مجال المشالح. وحول الأسعار قال إنها تتراوح ما بين 50 إلى 5000 ريال، ولكن الكثيرين يفضلون المشالح التي تتراوح أسعارها ما بين 500 إلى 1000 ريال، خاصة وأنها نوعية جيدة وقد تصل قيمة بعض الأنواع إلى 20000 ألف ريال.
ويتوفر في السوق عدد كبير من الذين يقومون بتقييف المشالح أي خبنها وبأسعار تتراوح بين 40 إلى 70 ريالاً.
ويرى السيد خالد أن السوق يعتبر معلماً بارزاً ومميزاً بمحتوياته الأصلية والبضاعة التي يعشقها الكثيرون وقال: إن السوق بما يشتمله من بضاعة رائعة يحتاجها الجميع وما يشتمله من ملبوسات تراثية من الأنسب أن يكون له طابع تراثي ينسجم ومحتواه ليكون بذلك شكلاً ومحتوى تراثياً ومعلماً يقصده الزوار والمتسوقون فالحركة مستمرة و الأسعار مناسبة. وإن أهمية الحرف اليدوية تكمن في كونها تحمل لنا وللأجيال القادمة سمات الحياة التي كانت سائدة أيام الأجداد وتحكي لنا كيف كان المواطن يعيش حياته معتمداً إلى حد كبير على نفسه في كل متطلباتها.
وتحاك المشالح بخيوط ذهبية تسمى (زري) وهو ما يتطلب مهارة وأناة حتى يتمكن الحرفي من امتلاك الحرفية التامة لتصبح العملية عنده سهلة حيث تتسارع فيها حركة اليد بشكل احترافي لتنسج زخارف تخرج تشكيلات دقيقة في أطراف المشلح تختلف من صانع لآخر الأمر الذي يجذب الزبائن لجمالها ودقتها المتناهية، وفي الشتاء تزيد مبيعات المشالح والفراء ولكن بنسبة قليلة لدينا في جدة وذلك لظروف حلول طقس الشتاء حيث يحرص على شرائها سكان المناطق الباردة في جنوب المملكة حين يأتون إلى جدة لاقتناها .
همسه :
الغالي ثمنه فيه .
@zamelshaarawi