جدة / البلاد ..
كانت ملازمة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز لوالده الملك عبدالعزيز كفيلة في إكسابه الخبرة العملية والحنكة السياسية، كما أثرت ملازمته لأخيه الملك فيصل في جميع رحلاته الخاصة والدولية، كان لهذا أثر واضح في النهج الذي تبناه سموه في ممارسة أعباء المهام التي تولاها، وحمل سموه المسؤوليات، ومارس العمل العام منذ مقتبل حياته. وكان باستمرار في قلب السياسة السعودية داخلياً وخارجياً، وأولى الملك عبدالعزيز ابنه سلطان ثقته، فعينه أميراً على الرياض العاصمة في الأول من ربيع الآخر عام 1366هـ وساهم الأمير سلطان مع والده في إقامة نظام إداري متين، مبني على العدالة الاجتماعية وتطبيق شريعة الإسلام، وعند تشكيل أول مجلس وزراء في المملكة عُين الأمير سلطان وزيراً للزراعة في 18 ربيع الآخر عام 1373ه، وكان أهم المشروعات التي عني بها سموه آنذاك وهو مشروع توطين البدو ومساعدتهم في إقامة مزارع حديثة، الذي يُعد أحد التوجهات الأساسية للدولة في خطوتها التطويرية.
التدرج في المناصب
وفي يوم السبت 20 ربيع الأول عام 1375ه، عُين الأمير سلطان وزيراً للمواصلات، حيث ساهم في إدخال شبكات المواصلات البرية الحديثة والاتصالات السلكية واللاسلكية. وطريق السكة الحديد بين الرياض والدمام.
قيادة العمل العسكري
في يوم السبت 3 جمادى الآخرة عام 1382ه، عُين الأمير سلطان وزيراً للدفاع والطيران. ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن شهدت القوات المسلحة بكامل فروعها (البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي)، تطورات واسعة تتمثل في عدة جوانب ومجالات منها على سبيل المثال:
اعادة بناء القوات المسلحة
إعادة بناء (القوة البشرية) للقوات المسلحة بإنشاء وتوسيع الكليات العسكرية حيث تم إنشاء وتوسيع وتطوير الكليات العسكرية، ومنها كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة، التي تؤهل نخبة من ضباط القوات المسلحة على واجبات القائد وهيئة الركن، وهي أعلى مستوى للتأهيل العسكري في القوات المسلحة السعودية، وكلية الملك عبدالعزيز الحربية لإمداد القوات البرية وقوات الدفاع الجوي بالكوادر اللازمة من الضباط، وكلية الملك فيصل الجوية لتزويد القوات الجوية بالضباط الطيارين والفنيين، وكلية الملك فهد البحرية لإمداد القوات البحرية بالضباط، وصدرت الموافقة السامية على إحداث كلية لقوات الدفاع الجوي لتزويد قوات الدفاع الجوي بالضباط المؤهلين، وفي جانب المعاهد والمدارس ومراكز التدريب العسكرية الجديدة، تم توسيعها وتطويرها لاستيعاب أكبر عدد من المجندين والشباب المتعلم في مختلف مناطق المملكة، كما اهتم سموه بإيفاد أفراد وضباط القوات المسلحة في بعثات دراسية وتدريبية خارج المملكة.
تكوين وحدات عسكرية جديدة
ومن ذلك أيضاً إعادة تنظيم وزارة الدفاع والطيران ورئاسة هيئة الأركان العامة، وإحداث قيادة جديدة للقوات الجوية والبرية والبحرية والدفاع الجوي. وبناء نظام جديد للدفاع، مثل نظام القادة والسيطرة ومركز الدفاع الوطني ومراكز القيادة والسيطرة لفروع القوات المسلحة ونظم المعلومات المالية والإدارية والتموين، وتطوير وإعداد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة والتي تتمثل في: القوات البرية التي تمتلك قوة ضاربة من التشكيلات الميدانية المزودة بأنظمة تسليح متطورة من الدبابات والمدرعات الحديثة، وأنظمة مدفعية الميدان، والراجمات، وناقلات الجنود، وأجهزة وشبكات الاتصال السلكية واللاسلكية، والطائرات العمودية متعددة الأغراض، ومن أحدثها طائرات (الأباتشي)، وأنظمة الصيانة والتموين اللازمة لتوفير متطلبات الإسناد الإداري للقوات في السلم والحرب.
دوره في بناء القوات الجوية
وكذلك القوات الجوية، حيث أنشأت القواعد الجوية، وزودت القوات الجوية الملكية السعودية بطائرات حديثة مختلفة الأدوار والقدرات، مثل طائرات (ف – 15)، وطائرات (ف – 5)، وطائرات الإنذار المبكر (الأواكس)، وطائرات (التورنيدو)، وطائرات النقل (س – 130)، والطائرات العمودية متعددة الأغراض. ويجمع كل ذلك نظام متطور للقيادة والسيطرة والاتصالات، يحقق أعلى درجة من التنسيق بين تلك العناصر، يمكنها من إنجاز مهامها بكفاءة واقتدار.
تكوين قوة بحرية ضاربة
وفي القوات البحرية حققت القوات البحرية الملكية السعودية انطلاقة كبيرة في مجال التنظيم والتسليح، ومن أهم ملامح تلك الانطلاقة، إنشاء القواعد البحرية، وتوسيع تنظيماتها إلى أساطيل، وتزويدها بالسفن الحديثة، والزوارق السريعة، والفرقاطات المتطورة ذات التسليح الحديث مثل المدفعية، والصواريخ المضادة للطائرات مثل صواريخ الكروتال وصواريخ ستنجر، وكذلك الصواريخ المضادة للسفن مثل الهاربون، والأتومات، ونظام فاعل ومتطور للقيادة والسيطرة، والاتصالات، وأنظمة حديثة للتموين والصيانة، لتقديم الدعم للتشكيلات، والقطع البحرية في مناطق عملياتها.
تزويد الوحدات الدفاعية بأحدث أنواع الأسلحة
وحظيت قوات الدفاع الجوي بدعم كبير، مكنها من مواكبة أفرع القوات المسلحة الأخرى، تنظيماً وتسليحاً، حيث أنشأت مراكز الدفاع الجوي، وزودت بأنظمة صواريخ حديثة، مثل صواريخ (الباتريوت)، وصواريخ (الهوك المطور)، وصواريخ (الشاهين)، وصواريخ (الكروتال)، وصواريخ ستنجر ومسترال)، وأنظمة المدفعية (35مم)، كما زودت قوات الدفاع الجوي بنظام متطور للقيادة والسيطرة والاتصالات، لإدارة نيران تلك المنظمومات من الصواريخ والمدفعية والسيطرة عليها. وتمتلك نظاماً حديثاً للتموين والصيانة، يمكنها من تأدية مهامها في الوقت والمكان المناسبين.
وفي شأن الإدارة العامة للسماحة العسكرية فهي تنتج الخرائط والمخططات والصور الجوية، وتزود القوات المسلحة منها، إضافة إلى تزويدها بالكوادر الفنية من أفراد المساحة، للعمل في أقسام العمليات، في أعمال الرسم المساحي، وقراءة وحفظ الخرائط.
تطويره لمجال الصناعات الحربية
ويترأس سموه مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، وهي مؤسسة تُزود القوات المسلحة بالأسلحة الصغيرة مثل البندقية (ج3) والمسدس عيار (9ملم) وأنواع متعددة من الذخائر وأنظمة الملبوسات. وللمؤسسة نشاطات في مجال البحث والتطوير، وتوسيع القاعدة الصناعية للمصانع الحربية وتحويلها إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية، لتمكينها من المشاركة مع القطاع الخاص في التصنيع المشترك.
إنشاء المدن العسكرية
إنشاء المدن العسكرية الكبيرة والمنتشرة في جميع مناطق المملكة، فأمّن السكن والملبس والمواصلات السهلة لمنسوبي القوات المسلحة، كما عمل على تطوير الرعاية الصحية، فأنشأ المجمعات الطبية، التي تضم أكاديمية طبية، والمستشفيات العسكرية المجهزة بالمعدات الطبية، لعلاج منسوبي القوات المسلحة وأسرهم. ولا يزال الأمير سلطان بن عبدالعزيز حتى الآن يقدم الجهد الكثير من أجل أن يعيش منسوبوها عيشة حسنة، حتى يستطيعوا أن يتفرغوا لواجبهم الوطني.
برنامج التوازن الاقتصادي
ومن جوانب الدعم أيضاً اعتماده لبرنامج التوازن الاقتصادي مع الدول المصدرة للسلاح وأنظمة الدفاع، بأن ينفق 35% من قيمة عقود التسليح والمشروعات الدفاعية في المملكة بموجب مشروعات صناعية متقدمة مشتركة مع شركاء سعوديين، والمؤسسة العامة للصناعات الحربية. حيث يترأس سموه اللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، وتتمثل أهداف برنامج التوازن الاقتصادي في: تنويع مصادر الدخل في المملكة وتخفيض الاعتماد على البترول كمصدر أساسي للدخل، وإيجاد الفرص الوظيفية في مجالات التقنية المتقدمة والإدارة لخريجي الجامعات والمعاهد، وفتح المجال أمام رجال الأعمال السعوديين لاستثمار أموالهم داخل المملكة بما يعود بالفائدة عليهم وعلى الوطن. وكذلك توسيع القاعدة الصناعية، وإيجاد صناعات جديدة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة ضمن برنامج التوازن الاقتصادي، ونقل التقنية المتقدمة إلى المملكة وتوطينها.
ويحرص الأمير سلطان على زيارة الوحدات العسكرية في مختلف أنحاء المملكة، حيث يلتقي منسوبي القوات المسلحة ضباطاً وضباط صف وجنوداً.
فكر ثاقب في تطوير الطيران المدني
وإلى جانب ذلك أشرف سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز على تطوير الطيران المدني، وترأس مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية، ويوليها سموه جل اهتمامه لكي تكون في مصاف الخطوط الجوية العالمية. وتمتلك الخطوط الجوية العربية السعودية أسطولاً متطوراً من الطائرات المتنوعية مثل (بوينج 747) للمسافات الطويلة وعبر المحيطات، وطائرات (الترايستار) للمسافات المتوسطة، وطائرات (إيرباص والبوينج) وأنواع أخرى للمسافات القصيرة. وتحرص الخطوط الجوية السعودية على تقديم الخدمة المميزة المتمشية مع تعاليم ديننا الحنيف، وعاداتنا وتقاليدنا، وتحقق نسبة تشغيل عالية، خصوصاً في الرحلات الداخلية بسبب اتساع رقعة المملكة، وكثرة التنقل بين مناطق المملكة المختلفة، وتحتل الخطوط الجوية العربية السعودية مركزاً متقدماً بين الخطوط الجوية العالمية.
وفي يوم الأحد 21 شعبان عام 1402هـ، الموافق 13 يونيه 1982م، صدر الأمر الملكي السامي بتعيين الأمير سلطان نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وخلال مدة تولي سموه وزارة الدفاع والطيران وقعت أحداث خطيرة، كان لسموه دور بارز ومباشر في التعامل معها.
الحرب الاسرائيلية المصرية
ففي عام 1967م عندما نشبت الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها سارعت القوات المسلحة السعودية بإعلان التعبئة العامة، وتحركت القوات البرية الضاربة بأسلحتها المساندة الكاملة واحتلت المواقع الأمامية على طول ساحل خليج العقبة، واتخذت مراكزها العسكرية المقررة لمساندة أشقائها العرب في هذا الخليج العربي، وعند اندلاع حرب أكتوبر 1973م صدر أمر التعبئة للقوات المسلحة السعودية، وتحركت القوات السعودية في اليوم التالي 7 أكتوبر 1973م إلى الجبهة السورية، واستمر تدفقها على الجبهة بضعة أيام بلياليها، واتخذت مواقعها في الجبهة، واشتبكت مع العدو فور وصولها وصدت هجوماً كان العدو قد شنه في القطاع الذي تمركزت القوات السعودية فيه، ظناً منه أنه خال من القوات العربية.
الغزو العراقي للكويت
وأيضاً عندما وقع العدوان العراقي على الكويت في 2 أغسطس 1990م سارعت القوات السعودية بإعلان الطوارئ، واتخذ خادم الحرمين الشريفين القرار التاريخي بطلب المساندة من الدول الشقيقة والصديقة للمملكة العربية السعودية، تجاه العدوان العراقي، وتم تشكيل قيادة للقوات المشتركة ومسرح العمليات برئاسة الفريق الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، وتضم هذه القوات، قوات المملكة والدول الشقيقة والصديقة، وتم التنسيق بينها وبين القوات الأمريكية والأوروبية، حتى تم تحرير الكويت، وخاضت القوات السعودية بقيادة الفريق الركن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، معركة الشرف لتحرير مدينة الخفجي من القوات الغاصبة تحت إشراف سمو وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وبمتابعة خادم الحرمين الشريفين، وانتهت بهزيمة منكرة للقوات المعتدية.
ترؤسه للعديد من المؤسسات الحيوية
وترأس الأمير سلطان ولمدة طويلة اجتماعات اللجنة العليا لسياسة التعليم، واللجنة العليا للإصلاح الإداري، ومجلس القوى العامة، ويرأس في الوقت الحاضر الهيئة العليا للدعوة الإسلامية، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالمملكة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، واللجنة الوزارية للبيئة، واللجنة السعودية – اليمنية المشتركة المشرفة على المشاريع التي تنفذها المملكة في اليمن، إلى جانب ترأس سموه لمجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية، ومجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، واللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، كما ترأس سموه مجلس إدارة الموسوعة العربية العالمية، وينفق الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود على مشروع الموسوعة العربية العالمية من (أمواله الخاصة)، خدمة للعالمين العربي والإسلامي، ومساهمة منه في نشر العلم والمعرفة.
العمل الخيري
وأسس سمو الأمير سلطان مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، لتقديم خدمات (إنسانية واجتماعية وثقافية)، وتأسست بأمر ملكي صدر في 20/8/1415هـ، وسموه الرئيس الأعلى للمؤسسة، ورئيس مجلس أمنائها، ومشاريع المؤسسة الرئيسية هي:
مشروع مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، ومشروع مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وبرنامج سلطان بن عبدالعزيز للاتصالات الطبية والتعليمية، وغيرها.
وتهدف المؤسسة إلى توفير الرعاية الاجتماعية والصحية، والتأهيل الاشمل للمعوقين والمسنين من الجنسين، وإيجاد دور للنقاهة والتأهيل والتمريض، وتوفير الإمكانات البشرية والتجهيزية والإكلينيكية على مستوى الكفاءة والقدرة، والعمل على نشر الوعي بضرورة استخدام وسائل ومستلزمات الرعاية المنزلية والاجتماعية للمعوقين والمسنين، والمساعدة على توفيرها كلما تطلب الأمر ذلك، وتوفير الأجهزة التعويضية والمساعدة التي تساعد المعوقين والمسنين على التكيف مع ظروفهم، وتوفير الإمكانات اللازمة لإجراء الأبحاث في مجالات الخدمات الإنسانية التي تقدمها المؤسسة.
وأسهم الأمير سلطان في إرساء حرى الأخوة والمحبة بين المملكة والدول العربية والإسلامية والصديقة التي زارها سموه، كما حضر العديد من المؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والدولية، فترأس سموه فود المملكة في اجتماع هيئة الأمم المتحدة في شهر صفر 1406ه، 1985م، وألقى خطاباً هاماً بهذه المناسبة، كما رأس وفد المملكة الذي شارك في احتفال الأمم المتحدة بعيدها الخمسين في أكتوبر عام 1995م، وغيرها العديد من المشاركات.
وفي يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق الأول من أغسطس 2005م، اختار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وبدأت البيعة من المواطنين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في قصر الحكم، في الرياض، الأربعاء 28 جمادى الآخرة 1426هـ، الموافق الثالث من أغسطس 2005م.