جدة ــ البلاد
تواصل إيران تهديدها للملاحة الدولية في البحر الأحمر، عبر أذرعها في اليمن، ميليشيات الحوثي الإرهابية، من خلال استهدافها للسفن في المياه الدولية قبالة الساحل الغربي لليمن.وجاء الاستهداف الأخير للملاحة في البحر الأحمر، عندما شنت ميليشيات الحوثي الإيرانية هجوما استهدف ناقلة نفط سعودية قرب ميناء الحديدة، ظهر الأربعاء غير أن الهجوم باء بالفشل.
إذ أكد الهجوم الحوثي الأخير الخطر الذي تمثله إيران وميليشياتها الإرهابية على أمن المنطقة، وأهمية كبح جماحها، لاسيما في اليمن عبر تحرير ميناء الحديدة الذي يتخذه الحوثيون قاعدة لتهديد الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب.
وبعد استهداف الحوثيين لناقلتي نفط عملاقتين تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، أعلنت المملكة تعليق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب إلى أن تصبح الملاحة عبره آمنة.
أهمية تحرير الحديدة :
هنا تبرز أهمية تحرير مدينة الحديدة وميناءها من ميليشيات الحوثي، التي تنفذ أجندة إيران الخبيثة في المنطقة وتعمل على شن هجمات إرهابية في البحر الأحمر، خدمة لمصالح نظام الملالي الذي كان قد هدد قبل أيام بمنع صادرات النفط عبر مضيق هرمز.
ورغم أن الهجوم الأخير أسفر عن إصابة طفيفة في إحدى الناقلتين، فإنه يؤكد مرة أخرى على أهمية محاسبة إيران، وعدم التهاون مع ميليشيات الحوثي التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على الملاحة الدولية انطلاقا من ميناء الحديدة.
وعلى المجتمع الدولي دعم جهود التحالف العربي والشرعية اليمنية، الرامية إلى استعادة الميناء والمدينة وعدم الانجرار إلى محاولات الحوثي، وخلفه إيران، لكسب الوقت عبر مناورات سياسية باتت أهدافها مكشوفة.
وتسعى إيران، من خلال إبقاء ميليشيات الحوثي في الحديدة، إلى الإمساك بورقة باب المندب الهامة للضغط على المجتمع الدولي وتنفيذ تهديداتها الإرهابية، لما يمثله هذا المضيق من أهمية على صعيد الملاحة الدولية.
ويربط باب المندب البحر الأحمر من الجنوب بالمحيط الهندي، حيث يقع في منتصف المسافة بين السويس ومومباي، يحده اليمن من الشرق وإريتريا وجيبوتي من الغرب، ويكتسب المضيق أهمية في عالم النفط من كمية النفط المارة به، والتي تقدر بحدود 3.5 مليون برميل يوميا.
ولكونه يقصر المسافة التي تقطعها حاملات النفط بـ60 في المئة، فإن إغلاقه سيجبر ناقلات النفط على الدوران حول إفريقيا وسيرفع تكاليف نقل النفط بشكل كبير، ويعد النفط هدفا للإرهابيين.
ويبلغ عرض المضيق حوالى 30 كيلومترا تقريبا تتوسطه جزيرة بريم. وتتم الملاحة في الجزء الغربي من المضيق، لأنه الأوسع، حيث يبلغ عرضه 25 كيلومترا ويصل عمقه إلى 310 أمتار، ويطلق عليه اسم “دقة المايون”.
أما الجزء الشرقي ويسمى “قناة اسكندر” فهو لا يصلح للملاحة الدولية بسبب ضيقه وسطحية المياه فيه، حيث يبلغ عرضه ثلاثة كيلومترات وعمقه في أعمق منطقة 30 مترا.
ومنذ بداية الجهد العسكري لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة كان أحد الأهداف هو مواجهة التهديدات الإيرانية للملاحة الدولية في خط بحري مهم يمر عبر باب المندب.
فبالقوارب المفخخة والألغام البحرية بالإضافة إلى الصواريخ المضادة للسفن، تهدد جماعة الحوثي الإيرانية بشكل دائم الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الذي يعد واحدا من أهم الممرات المائية في العالم.
وفي يونيو الماضي، حذر مركز الدراسات الأميركي “أميركان ثينكر”، المتخصص بقضايا الأمن القومي، من تعاظم النفوذ الإيراني في البحر الأحمر وذلك عبر دعم ميليشيات الحوثي الإرهابية، مشيرا إلى أن إيران تسعى من خلالها لتهديد حركة الملاحة في مضيق باب المندب.
وتطرق المركز إلى هجمات شنها الحرس الثوري وميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية، والتدريبات التي تقدمها طهران للميليشيات على كيفية تطوير قوارب متفجرة يتم التحكم بها عن بعد، وكيفية وضع ألغام بحرية في الممر الحيوي.
بدايل تملكها المملكة :
يعد مضيق باب المندب إلى جانب مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية للنفط الخام ومنتجات بتروكيماوية أخرى، حيث يربط البحر الأحمر ببحر العرب عبر كل من سواحل اليمن وجيبوتي وإريتريا.
وبعد تعليق شحنات الخام السعودي عبر باب المندب، جراء تعرض ناقلتين تابعتين لشركة البحري السعودية لهجوم من قبل ميليشيات الحوثي اليمنية، لاتزال المملكة تملك خياراً آخر يتمثل في خط الأنابيب الضخم الذي يربط شرق المملكة بغربها، وذلك لنقل النفط من الحقول على الخليج العربي إلى مدينة ينبع في البحر الأحمر، مما يغنيها عن المرور بمضيق باب المندب ويضمن وصول الخام إلى الأسواق الأوروبية.
وخط الأنابيب شرق غرب قادر على نقل حوالي 5 ملايين برميل من النفط السعودي الخام يومياً، ولعل هذا الخيار هو ما خفف من ردة فعل أسواق النفط عقب الإعلان عن تعليق مؤقت لصادرات نفطية تقدر بمليوني برميل عبر باب المندب، في وقت تشهد السوق العالمية شحاً في المعروض نتيجة تقلص الإمدادات من عدد من المنتجين الرئيسيين، إلى جانب توقعات تأثير عودة العقوبات الأميركية إلى إيران على حجم المعروض العالمي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، في تعاملات ، بـ42 سنتاً أي ما يعادل 0.6% إلى 74.35 دولار للبرميل، بعد أن زادت 0.7% الأربعاء.وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي خمسة سنتات إلى 69.35 دولار للبرميل، بعد أن ارتفعت بما يزيد عن 1% في الجلسة السابقة.
تأثير مؤقت:
وقال الخبير النفطي، كامل الحرمي، في مقابلة مع “العربية”، إن أهمية مضيق باب المندب تكمن في كونه يوفر الوقت والتكلفة.وأضاف أن دول الخليج ستعمد بشكل مؤقت إلى استخدام ممر رأس الرجاء الصالح، ولهذا سيكون التأثير مؤقتاً، أما في حال حدوث نقص في الإمدادات، ستعمد الدول الأوروبية لاستخدام المخزون التجاري.
وحث الحرمي دول العالم على تسهيل حرية الملاحة في مضيق باب المندب، وإيجاد ممر آمن لنقل الخام، وهو ما سيؤثر على أسعار النفط وعلى المستهلك النهائي، سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط أو في أميركا.
وأضاف: “عندما ذكرت أرامكو أن هذا التوقيف مؤقت فهو لإيجاد بدائل واتخاذ التدابير الضرورية والمناسبة لحماية ناقلاتها”.
وتوقع الحرمي أن تتفاعل سوق النفط بشكل طفيف ومحدود مع الحادثة، لكنه رأى أن تكون هناك ضريبة على سعر النفط جراء زيادة تكاليف النقل البحري واستخدام المخزون الاستراتيحي بمعدل دولارين إلى 3 دولارات على البرميل الواحد
ادانة دولية وعربية :
لاقت جرائم ايران وميلشياتها في اليمن إدانات عربية وعالمية لما سببته من تهديد مباشر للملاحة البحرية الدولية وما يلاقيه اليمنيون من ويلات انقلابهم، ومحاصرتهم ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول.
وأكد نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن صالح، أن استهداف مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران لناقلة نفط سعودية بالمياه الدولية، عمل إرهابي يكرس مساعي الحوثيين وبدعم من إيران لتعطيل حركة الملاحة البحرية ورفض السلام والمبادرات المقدمة بخصوص تسليم الحديدة.
وأشار وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، أن تكرار استهداف تلك المليشيات وبدعم من إيران لخطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية في ظل جهود أممية يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث هو عرقلة لكل جهود السلام وتأكيد على استخدام مليشيا الحوثي لميناء الحديدة كمنطلق للكثير من العمليات والهجمات الإرهابية.
وجدد نائب الرئيس اليمني حرص الشرعية والأشقاء في التحالف العربي على استكمال تحرير الحديدة ومينائها، وأن ذلك نابع من القلق والمخاطر التي يمثلها تهديد الحوثيين على الأمن الاقليمي والدولي وعلى حركة الملاحة والتجارة العالمية.
بدورها أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة الهجوم الذي تعرضت له ناقلتا نفط سعوديتان في البحر الأحمر ما ألحق بهما أضرارا
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، في بيان امس “الخميس”، إن هذا الاعتداء يعد عملا إرهابيا يعرض الملاحة الدولية للخطر ويؤكد استمرار تهديد المليشيات الحوثية الإرهابية لحرية الملاحة والتجارة العالمية في البحر الأحمر، معربة عن قلقها من الاستهداف المتكرر لخطوط الملاحة الدولية من قبل المليشيات.
وأكدت أن هذا الاعتداء الجبان يثير مجددا الدور السلبي والخطير الذي تقوم به إيران الداعمة لهذه المليشيات الانقلابية وإصرارها على ممارساتها العدائية عبر تزويد جماعة الحوثي الإرهابية بالأسلحة والمعدات والصواريخ الباليستية التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة.
وشددت وزارة الخارجية والتعاون الدولي على وقوف الإمارات التام إلى جانب المملكة الشقيقة ضد كل من يحاول المساس بأمنها أو مصالحها، مؤكدة في الوقت نفسه الارتباط العضوي بين أمن دولة الإمارات وأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة.
فيما أعربت مملكة البحرين عن إدانتها واستنكارها، للهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، في البحر الأحمر، من قبل المليشيات الحوثية
وأكدت البحرين أن هذا الاعتداء الجبان يمثل خرقا صارخا لجميع القوانين والأعراف الدولية، وتهديدا خطيرا للملاحة الدولية ويحمل ضررا بالغا على حرية التجارة العالمية والملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وجددت البحرين تضامنها التام مع المملكة ووقوفها معها في كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على مواردها وردع كل من يحاول المساس بأمنها.
وفي هذا الإطار، شددت على ضرورة تحرك المجتمع الدولي للتصدي لهذه الأعمال الإرهابية الخطيرة التي تقوم بها المليشيات الانقلابية في اليمن وكل من يدعمها ويمولها، لضمان توفير الحماية اللازمة للملاحة الدولية وللملاحة في مضيق باب المندب.
الى ذلك أكد مسؤول كويتي أن بلاده قد تتخذ قرارًا بوقف صادرات النفط عبر مضيق باب المندب، بعد قرار سعودي مماثل.
وقال بدر الخشتي رئيس مجلس إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية، ردًا على سؤال لرويترز الاحتمالات واردة لكن ليس هناك شيء أكيد حتى الآن.
وشدد الخشتي على أنه لا بد أن يكون هناك بديل ولا بد أن يكون كل شيء مدروساً وبعدها نقرر.
بدورها أدانت منظمة التعاون الإسلامي استهداف مليشيا الحوثي ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر، والذي أكد استمرار تهديد الحوثيين للملاحة الدولية.
وقال الأمين العام للمنظمة الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين: تكرار اعتداءات مليشيا الحوثي على السفن العابرة لهذا الممر الاستراتيجي يؤثر سلبياً في أمن الممرات المائية المهمة للتجارة والاقتصاد العالمي، ويفاقم حالة عدم الاستقرار في هذه المنطقة من العالم، ويؤكد السياسة العدوانية لهذه المليشيا الرامية إلى تهديد أمن الملاحة في البحر الأحمر وزعزعة الاستقرار في الدول المطلة عليه.
وأضاف: استهداف ناقلات النفط العملاقة التي تمر من باب المندب لا يعرض الاقتصاد العالمي للخطر فحسب، وإنما يعرض سلامة طواقم تلك السفن للخطر، ويلحق اضراراً بالغة بالبيئة البحرية، حيث قد يتسبب مثل هذا العدوان في تسرب كميات كبيرة من النفط الذي يهدد البيئة البحرية بالتلوث.
حملة دولية لتأديب طهران :
دعا وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى إيقاف الأنشطة الخبيثة لإيران في المنطقة، التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة.
وأضاف بومبيو، خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، أن “الرئيس دونالد ترامب قال إن إيران لم تعد كما كانت قبل 5 أشهر، بسبب حملتنا الاقتصادية ضدها، والانسحاب من الاتفاق النووي”.
وجدد وزير الخارجية الأمريكي تعهد إدارة الرئيس دونالد ترمب بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
وكان بومبيو دعا، في وقت سابق، حلفاء وشركاء الولايات المتحدة للانضمام إلى حملة الضغوط الاقتصادية على إيران، قائلا: “يجب أن نحرم النظام الإيراني من كل مصادر تمويل الإرهاب والحروب بالوكالة”.
وأضاف بومبيو، عبر حسابه على موقع “تويتر”، أن إيران تواصل إرسال الأسلحة عبر الشرق الأوسط في تحدٍّ صارخ لقرارات مجلس الأمن.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن “النظام الإيراني يرغب في خلق المشكلات أينما استطاع، ومسؤوليتنا أن نمنعه”.
وتابع بومبيو موجها حديثه إلى شركاء وحلفاء واشنطن: “لن نعرف متى ستحاول إيران دعم الإرهاب والعنف وعدم الاستقرار في أي من بلداننا بعد ذلك”.
في غضون ذلك اعتبرت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، أن إيران هي “أفضل الأعداء وهدف سهل” بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد لترامب، نتيجة لغبائهم السياسي لتصرفاتهم العدوانية الفاضحة المباشرة”، مشيرة إلى أن “فرص ترامب في تقويض ذلك النفوذ بتجفيف الصادرات الإيرانية دون التسبب في ارتفاع الأسعار، هو الهدف الذي يسعى إليه، ويمكنه تحقيقه بالاعتماد على الدول الحليفة في المنطقة لمساعدته في تحقيق أهدافه”.
واتهمت الصحيفة الفرنسية العدو الإيراني لواشنطن بـ”الغباء السياسي”، لكثرة التصريحات العدوانية والتحريضية، رغم أنها في موقف ضعف، لافتة إلى تهديدات رئيس إيران حسن روحاني السبت الماضي، والذي قال فيها: “على الولايات المتحدة أن تعلم أن الحرب مع إيران، ستكون أم الحروب” بحسب زعمه.
في المقابل، لم يلبث أن رد الرئيس الأمريكي في تغريدة أشد حزماً موجهة لروحاني، قائلاً: “إلى الرئيس الإيراني روحاني. لا تحاول أبدا تهديد الولايات المتحدة مرة أخرى، وإلا ستعاني من عقبات وخيمة”، مضيفاً “لم نعد دولة تتهاون مع كلماتكم المختلة بشأن العنف والموت. كن حذرا!”.
من جانبه، قال أستاذ دراسات الدفاع بالمدرسة العليا للقوات الكندية في تورنتو، بيير بهلوي، إن “تلك التهديدات الإيرانية ما هي إلا تلويحات بائسة”، موضحاً أنه “لن يكون هناك أي صدام لأنه ليس من مصلحة إيران ذلك”.
وتابع بهلوي أنه “فيما تحاول الولايات المتحدة احتواء الموقف، ويفر الأوروبيون من فكرة التورط في أي نزاع إقليمي، تصعد طهران من تهديداتها الفاشلة”.