الرياضة

في كأس العالم 1966.. الإنجليز مهد كرة القدم يتوجون بلقبهم اليتيم

تقرير- محمود العوضي

كأس الإنجليز، أو كأس مهد كرة القدم، أول وآخر بطولة تحققها إنجلترا… نُظمت إنجلترا هذه الدورة التي شهدت ميلاد نجوم كبار سطعوا في سماء الكرة العالمية والأوروبية، من الموزمبيقي البرتغالي أوزيبيو نجم بنفيكا، إلى بوبي تشارلتون صانع مجد الشياطين الحمر، ورئيسهم الفخري حالياً.

كأس العالم 1966

 

كانت هذه البطولة من أجمل البطولات التي لعُبت في تاريخ كرة القدم، فالتنافس كان على أشده بين البرتغال والإنجليز والألمان على اللقب؛ حتى الردهات الأخيرة منها، وشهدت مفاجآت من العيار الثقيل؛ كخسارة إيطاليا من كوريا الشمالية، وخسارة بطلة العالم 1962 “البرازيل” من البرتغال،

وفي نهايتها نجح رفاق بوبي تشارلتون مع الحارس العملاق “جولدن بانكس” من التتويج باللقب؛ بفضل الأهداف الحاسمة للمهاجم الخطير “جيف هيرست” الذي أحرز آخر هاتريك لأي لاعب كرة قدم في تاريخ كؤوس العالم بالمباراة النهائية؛ حتى وقتنا هذا في مرمى ألمانيا الغربية.

“البلاد” ستبحر معكم في سجلات التاريخ، لتذكر أحداث هذه البطولة الخالدة في أذهان كل عشاق كرة القدم؛ خاصةً أبناء مهد كرة القدم (إنجلترا) التي فشلت بعد ذلك في الحصول على أي لقب عالمي أو قاري.

في عام 1863 تم اكتشاف لعبة كرة القدم في إنجلترا، وتم تأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وفي عام 1963 قرر الفيفا منح إنجلترا شرف استضافة البطولة احتفالاً بهذه المناسبة، ما أعطى المنتخب الإنجليزي الأفضلية للاستفادة من عاملي الأرض والجمهور؛ للظفر بأول كأس لهم في تاريخهم، تحت أنظار الملكة إليزابيث،

ولكن وقعت عدة أحداث قبل انطلاق البطولة كادت تتسبب في فشلها.

الحدث الأول تعرض (كأس البطولة للسرقة، والعثور عليه بواسطة الكلب الأشهر في تاريخ كرة القدم “بيكيلز”) وانسحاب دولة المغرب العربية بسبب السياسة الاستعمارية لبريطانيا، وانجلترا على وجه الخصوص،

 

ما أفقد البطولة الطابع الأفريقي بعض الشيء، الذي انتظره كل محبي كرة القدم وقتذاك؛ للتعرف على تطور الكرة الأفريقية الغائبة عن البطولة منذ عام 1934 عندما شاركت مصر.، إلا أن أوزيبيو صاحب الأصول الموزمبيقية كان خير سفير للقارة السمراء بتألقه الملفت مع منتخب بلاده البرتغالي بإحرازه في كل مباريات البطولة.

مرحلة المجموعات – المفاجأة الكورية الشمالية والتألق البرتغالي

تم تقسيم الفرق الـــ16، على أربع مجموعات، على أن يتأهل أول فريقين من كل مجموعة إلى الدور ربع النهائي، وتُغادر المنتخبات التي احتلت المركز الثالث إلى بلدانها.

المجموعة الأولى:

تعادلت إنجلترا في مباراتها الأولى مع أوروجواي بدون أهداف، ثم فازت على المكسيك بهدفين، ثم على فرنسا بنفس النتيجة بفضل روجر هونت، وساعدها على تصدر المجموعة تعادل فرنسا مع المكسيك بهدف لمثله في الجولة الأولى، ونجحت أوروجواي في الترشح ثانية عن هذه المجموعة.

المجموعة الثانية:

تصدرت ألمانيا الغربية مجموعتها، التي ضمت الأرجنتين وإسبانيا وسويسرا برصيد 5 نقاط بفارق هدفين عن الأرجنتين الثانية والتي لعبت بحذر زائد عن الحد في هذه البطولة، وبطريقة عدوانية أخرجت اللاعب “رافائيل ألبريشت” مطروداً من لقاء ألمانيا بالبطاقة الحمراء المباشرة.

المجموعة الثالثة:

فازت البرتغال بقيادة أوزيبيو على بلغاريا بثلاثية نظيفة، واستطاعت بفوزها على البرازيل تصدر المجموعة برصيد 6 نقاط في المباراة التي أصيب فيها “بيليه” إصابة خطيرة، ما أثر بالسلب على أداء البرازيل لتخرج من الدور الأول بصحبة بلغاريا، التي لم تسجل سوى هدف يتيم في البطولة، وحلت المجر ثانية برصيد 4 نقاط بفضل فوزيها على البرازيل وبلغاريا بنفس النتيجة 1/3 لكنها خسرت من البرتغال 1/3.

المجموعة الرابعة:

تصدرها المنتخب الأقوى في أوروبا بفترة الستينات “الاتحاد السوفيتي” برصيد 6 نقاط وكان هو الفريق الوحيد الذي يجمع هذا العدد من النقاط بين المنتخبات المشاركة بقيادة “موليفيف” الذي ساعد الفريق للفوز على كوريا الشمالية بثلاثية، وبهدف إيجور شيسلينكو تخطى السوفيت الطليان وفي اللقاء الأخير هُزت شباكهم لأول مرة من تشيلي ورغم ذلك حققوا الفوز، وحلت كوريا الشمالية ثانية بدلاً من إيطاليا في أكبر مفاجآت البطولة على الإطلاق بفضل الهدف الذي أحرزه “بارك دو” على ملعب ميدلسبره “الريفرسايد”.، لتخرج إيطاليا وتشيلي.

ربع النهائي – سوبر هاتريك أوزيبيو ينقذ البرتغال من الفخ الكوري، وإنجلترا يسرقون التانجو

أنقذ السوبر هاتريك الذي أحرزه المهاجم الرائع “أوزيبيو” منتخب بلاده البرتغالي من توديع أفضل جيل في تاريخ أحفاد فاسكو دي جاما لكأس العالم من هذه المرحلة على يد مفاجأة الدورة “كوريا الشمالية” التي أطاحت بإيطاليا من الدور الأول، فقد تقدمت كوريا في الشوط الأول بثلاثية نظيفة ثم عادل أوزيبيو النتيجة لـ3/3 ثم أضاف الهدف الرابع، وصنع الهدف الخامس بتمريرة نموذجية على رأس أوجستو.

وفي اللقاء الثاني للدور ربع النهائي فازت ألمانيا الغربية بطريقة مُثيرة للجدل فلم يُحتسب هدف صحيح لأوروجواي بداية المباراة عندما تجاوزت الكرة خط المرمى، مما أثار غضب الممثل الثاني لقارة أميركا اللاتينية، وبعد ذلك وقعت أحداث خارجة وخشنة من لاعبي ألمانيا تسببت في إصابة نجوم أوروجواي “هيكتور سيلفا وهوراسيو”، وأحرز لألمانيا “هاليار-هدفان- سالير وبيكنباور”.

كانت محاولات الحارس العملاق للاتحاد السوفيتي “ليف ياشين” كفيلة بتأهيل بلاده إلى الدور قبل النهائي بعد هدفين بإمضاء شيسلينكو وفاليري، ولم يستطع المنتخب المجري التسجيل إلا في وقت متأخر من المباراة، ورغم كل محاولاتهم إلا أن ياشين وقف حائلاً أمامهم، ليحصل الحارس على إشادات كبيرة من النقاد الرياضيين في كل مكان.

أما صاحبة الأرض “إنجلترا” فقد حطمت الأرجنتين بهدف سجله “جيف هيريست” في مباراة أخرى مثيرة للجدل “تحكيمياً” فقد ادعى نجوم التانجو أنه كان مُتسللاً، والأدهى تعرض قائد الفريق “أنطونيو راتين” للطرد بطريقة قاسية وظالمة، ورافقه عدد كبير من رجال الشرطة أثناء خروجه أرض الملعب.

هكذا انتهت رحلة زوار القارة العجوز في كأس العالم 1966، بخروج المكسيك، كوريا الشمالية، أوروجواي والأرجنتين، ويتبقى الرباعي الاوروبي: ألمانيا الغربية، البرتغال، الاتحاد السوفينتي، وانجلترا.

المربع الذهبي – اصطدام تشارلتون بأوزيبيو

وقع المنتخب الإنجليزي في مواجهة صعبة مع أفضل منتخبات البطولة، وأكثرها إمتاعاً وتسجيلاً للأهداف “البرتغال”، وكانت مهمة رفاق تشارلتون صعبة لكنهم صمدوا واستطاعوا التغلب على أحفاد فاسكو دي جاما 1/2؛ بفضل تكتيكات المدرب المُحنك “سير ألف رمزي”. ليودع الجيل الأروع في تاريخ البرتغال البطولة لكنهم لعبوا الثالث والرابع مع الاتحاد السوفيتي، الذي خسر امام ألمانيا الغربية.

الفهد يواصل الإمتاع ويخطف المركز الثالث للبرتغاليين
الفهد الأسمر، أوزيبيو واصل قيادته للبرتغال بإحرازه هدفين في مرمى الاتحاد السوفيتي مقابل هدف للفريق المُنهار من الخروج ضد الألمان، ليُحرز أحفاد فاسكو دي جاما لأول مرة في تاريخهم .

النهائي- الحظ السعيد وانتقام السوفيت من الألمان خدم الإنجليز في حضور الملكة

حضرت الملكة إليزابيث نهائي كأس العالم 1966 على ملعب ويمبلي في حضور 100 ألف متفرج، وكانت هذه المباراة هي رقم 200 في تاريخ مباريات كأس العالم ككل، من أجل متابعة أبناء بلادها، وهم يفوزون على ألمانيا الغربية التي كادت تتوج في عقر دار الإنجليز بهذه الكأس لولا سوء طالعها وعدم يقظة حكم الساحة وحكم الراية من الاتحاد السوفينتي (باتشرموف).

البداية كانت ألمانية بواسطة هدافها “هالر” بإستغلاله تشتيت خاطيء من الدفاع ليتسلم الكرة داخل المنطقة ثم يطلق تسديدة قوية بقدمه اليمنى على يمين بانكس عجز عن التصدي لها في الدقيقة 12،

وبعد أربعة دقائق أدرك مهاجم ويستهام يونايتد “جيف هيرست” الذي انفجر في هذا اللقاء مُحرزاً هدف التعادل برأسية بعد تلقيه تمريرة طولية من “بوبي مور”،

استمر التعادل طويلاً حتى جاء لاعب وسط ويستهام “مارتن بيترز” ليسجل هدف التقدم لإنجلترا في الدقيقة78، ولكن ركلة حرة منحت اُحتسبت للألمان في الدقيقة 90 منحتهم فرصة إحياء أمالهم في اللقب حيث جاءت منها هدف التعادل 2/2.

احتكم الفريقان لوقت إضافي، واستطاع جيف هيرست إحراز الهدف الثالث من تسديدة صاروخية في الدقيقة 98 ارتطمت في العارضة ولم تعبر خط المرمى، إلا أن حكم الراية “السوفيتي باتشرموف” أعلن عن تخطي الكرة لخط المرمى وسط احتجاجات من جماهير ألمانيا الغربي ولاعبيها الذين انهاروا بعد ذلك ليستقبلوا الهدف الرابع بتسديدة يسارية لا تصد ولا ترد من جيف هيرست في الزاوية الضيقة.

ليتوج هيرست نفسه بلقب أخر لاعب يُحرز هاتريك في النهائي، وكان رونالدو البرازيلي قريبا من إحراز هاتريك في ألمانيا أثناء نهائي كأس العالم 2002 لكنه اكتفى بهدفين فقط.

نجم البطولة

الفهد الأسود، أوزيبيو، بسبب سرعته ودهائه وذكائه، فاز بلقب هداف البطولة برصيد 9 أهداف، وهو رقم كبير يصعب تحقيقه، وكانت أهم لحظات هذه البطولة على الإطلاق قيادته لمنتخب بلاده للعودة من التأخر بثلاثية للفوز 5/3 على كوريا الشمالية، ويأتي من بعده الإنجليزي جيف هيرست الذي ظل اسمه عالقاً في أذهان كل محبي كرة القدم بما أنه أخر لاعب يُحرز هاتريك في النهائي.

مباريات لا تُنسى

– خسارة البرازيل من المجر في افتتاح مباريات البطولة، فبطلة العالم في تشيلي 1962 كان متوقعاً منها الكثير في حضور النجم “بيليه” لكنها لم تفعل شيئاً وخرجت من الدور الأول ولم تشرف أميركا اللاتينية مثلما فعلت الأرجنتين وأوروجواي المتأهلتان للدور ربع النهائي.

• فوز إنجلترا على الأرجنتين بصورة مثيرة للجدل في الدور ربع النهائي بهدف جيف هيرست من تسلل، وتسمى هذه المباراة في أميركا اللاتينية باسم “سـرقة القرن”!!.

• هدف جيف هيرست المُحتسب من قبل الحكم السوفيتي في مرمى ألمانيا الغربية في النهائي، الكرة لم تتخط خط المرمى ورغم ذلك الحكم السوفيتي اشار بأنها تجاوزته،

البعض فسر هذه الحادثة بأنه ينتقم لخسارة بلاده في الدور قبل النهائي من ألمانيا، وكان معلق المباراة البريطاني “كينيث ولستينهولمي قد صرح قائلاً بعد هذا الهدف: “إنهم يعتقدون الآن أن انجلترا تمتلك عشرة لاعبين مثل جيف هيرست”.

قائمة هدافي البطولة

أوزيبيو (البرتغال) 9 أهداف

هالموت هالر (ألمانيا الغربية) 6 أهداف

بوركيجان (الاتحاد السوفيتي) 4 أهداف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *