متابعات

في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية… دور فاعل للمملكة في خارطة الاقتصاد العالمي

الرياض- واس
بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ، على رأس وفد المملكة ، تنطلق اليوم أعمال قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس؛ حيث تسهم المملكة بدور فاعل في ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي، واستحوذت من خلال مشاركاتها في قمة مجموعة العشرين على أهمية استثنائية، ودائمًا ما يُعوّل المراقبون على المملكة الإسهام الفاعل في دعم الاقتصاد العالمي، والمضي به إلى الاستقرار الذي تنشده الدول والمواطنون بها، فلدى المملكة ثاني أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، والأكبر عربياً، وواحدة من أكبر الاحتياطات النقدية في العالم.
وكان لنجاح قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في توجيه سياسة المملكة الاقتصادية، ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال الوطني ، أبلغ الأثر في جعل المملكة دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي، وقِبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم .
ثقل اقتصادي وتنمية متوازنة
وتأكيداً لمكانة المملكة وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة، التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي، تشارك المملكة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاقتصادية، منذ دورتها الأولى في واشنطن بتاريخ 15 نوفمبر 2008م.
وجاءت هذه المشاركات تأكيداً على مكانة المملكة في المحفل الاقتصادي الدولي ، والتزامها بالاستمرار في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي ، وعلى دورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي، يحقق نموًا اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً، وبما يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية.
وفي شهر يونيو 2010م بدأ في مدينة تورنتو الكندية اجتماع قمة مجموعة العشرين الاقتصادية، التي خاطب خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – أصحاب الفخامة والدولة قادة دول المجموعة، مؤكداً أن تكون هذه المجموعة للمحفل الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي، ينسجم مع التطورات على خريطة الاقتصاد العالمي، ويستجيب للحاجة لوجود مجموعة أكثر تمثيلاً لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية؛ على حد سواء.
وأشار إلى نجاح مجموعة العشرين في الاستجابة للأزمة المالية العالمية، بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد، إلاّ أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الهشة تجعل من إعلان النجاح مؤجلاً؛ لذا فمن المهم أن يكون النمو العالمي أقوى وأكثر توازناً وقدرة على الاستمرار، من خلال تبني إجراءات منسقة من قبل دول المجموعة ؛ وفي نفس الوقت مراعاة الاحتياجات والظروف الخاصة، بكل دولة.
وتماشياً مع التزام المملكة العربية السعودية بحرية التجارة، فإنها تواصل القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات، كما تواصل المملكة تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية.
دعم الدول الفقيرة
وفي شهر نوفمبر 2010م عُقدت قمة مجموعة العشرين في مدينة سيول الكورية، ومن أهم القرارات التي اتخذت في القمة ولها علاقة مباشرة بالمملكة ما يتعلق بتوزيع حصص الصندوق الدولي، حيث تم الاتفاق على زيادة القروض للدول النامية والناشئة في الصندوق على حساب الدول المتقدمة بشكل رئيس، كما تم وضع خطة عمل لمساعدة الدول الفقيرة في مجالات النمو؛ حيث ستعمل الدول الأعضاء في القمة وغير الأعضاء في مساعدة الدول النامية، إضافة إلى الاتفاق على مراقبة القطاعات المالية في العالم؛ كونها السبب الرئيس للأزمة المالية التي مر بها العالم في عام 2008م وأساسه الخلل في القطاع المالي.
كما جرى في هذه القمة اتخاذ عدد من القرارات الرامية إلى تشديد الرقابة، وخاصة على البنوك الرئيسة والمؤسسات، التي لها تأثير على النظام المالي العام.
واتخذت المملكة عدة إجراءات في مجال السياسة النقدية والقطاع المالي والتجارة ساعدت في الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية، وتعزيز أداء الاقتصاد السعودي.
وفي شهر يونيو من عام 2012 عُقدت قمة مجموعة العشرين في منتجع لوس كابوس بالمكسيك؛ حيث تطرق البيان الختامي للقمة إلى تَعَهّد دول المجموعة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النمو العالمي وترسيخ الثقة، كما أشار البيان إلى أن دول المجموعة سوف تعمل معا؛ من أجل تعزيز النهوض والتعامل مع التوترات في الأسواق المالية، مؤكدا أن دول منطقة اليورو الأعضاء عازمة على الدفاع عن اليورو أمام هجمات الأسواق المالية، كما أنها وفي إطار التوترات المتجددة في الأسواق المالية العالمية، ستتخذ كل الإجراءات المناسبة؛ من أجل الحفاظ على وحدة واستقرار المنطقة، وتحسين عمل الأسـواق المالية، وقطـع العلاقة بين خطر السيادة والخطر المصرفي.
وكانت مجموعة العشرين، قد أنشئت عام 1999م بمبادرة من قمة مجموعة السبع لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة؛ بهدف تعزيز الحوار البناء بين هذه الدول كما جاء إنشاء المجموعة بسبب الأزمات المالية في التسعينات، فكان من الضروري العمل على تنسيق السياسات المالية والنقدية في أهم الاقتصادات العالمية والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، كما كان تأسيسها اعترافاً بتصاعد أهمية الدول الصاعدة، وتعاظم أدوارها في الاقتصاد والسياسات العالمية، وضرورة إشراكها في صنع القرارات الاقتصادية الدولية.
وتمثل مجموعة العشرين الاقتصادية ( الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة والفاعلة في الاقتصاديات العالمية ) 90% من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و 80% من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم .
وتضم مجموعة العشرين المملكة العربية السعودية، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ثم الاتحاد الأوروبي المكمل لمجموعة العشرين. إلى جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتأتي أهمية هذه المجموعة ليس على المستوى الاقتصادي والتعاون فيما بينها فحسب، بل كونها تمثل ثلثي سكان العالم، أي غالبية الدول، وبالتالي فإن النتائج لاجتماعات مجموعة العشرين سيكون لها نتائج إيجابية حاضرًا ومستقبلا؛ كونها أيضا لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فقط، بل تشمل الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية؛ كون الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسة، التي قد تنعكس سلبًا أو إيجابًا على الحياة الاجتماعية للشعوب.
الاستقرار الاقتصادي
وسجل دخول المملكة كعضو في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم اعترافاً بأهمية المملكة الاقتصادية، ليس في الوقت الحاضر فقط, إنما في المستقبل أيضاً، وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة؛ قوة ونفوذاً سياسياً واقتصادياً ومعنوياً كبيراً، يجعلها طرفاً مؤثراً في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، التي تؤثر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة.
وجاءت عضوية المملكة في مجموعة العشرين نتيجةً لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعر للطاقة العالمية، التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية، وتأثير ذلك على دول العالم، كما جاءت نتيجة لارتفاع مواردها المالية، التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل، بمشيئة الله، وتزيد من أهمية المملكة في الاقتصاد العالمي. ولهذا فإن السياسات المالية التي تتخذها المملكة لا تؤثر في اقتصادها فقط، إنما لها تأثير واضح وواسع في المستوى العالمي، حيث تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها في التجارة العالمية، ومن خلال التحويلات إلى الخارج، وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية.
وأسهم توسع دائرة تأثيرات الدور الاقتصادي السعودي في المنطقة في تصنيف المملكة من بين أفضل اقتصادات العالم الناشئة، جنبًا إلى جنب مع دول صاعدة؛ كالصين والهند وتركيا، وسط ما تمثله المملكة من ثقل اقتصادي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والبلدان العربية .
ومن النتائج الإيجابية لعضوية المملكة في هذه المجموعة توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية، ما يعزز التعاون الثنائي مع الدول الرئيسة المهمة في العالم، كما رفعت عضوية المملكة في هذه المجموعة من أهمية توفير مزيد من الشفافية والمعلومات والبيانات المالية والاقتصادية المتعلقة بالمملكة أسوة بدول العالم المتقدم. ومن المتوقع أن تؤدي عضوية المملكة في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات في عدد كبير من المجالات المالية والاقتصادية، ما سيدفع إلى مزيد من التطوير للقطاعات المالية والاقتصادية، ويصب في نهاية المطاف في مصلحة المملكة، واقتصادها.
وتتويجاً لما تملكه المملكة العربية السعودية من إمكانات اقتصادية عالمية، أنشأت العديد من المدن الاقتصادية، كما شرعت بإنشاء مشروع مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض على مساحة تبلغ مليونا، وستمائة ألف متر مربع، مشكلاً أحد المراكز المالية الرئيسة في العالم؛ لوجوده بأحد أكبر اقتصاديات المنطقة، وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز .
­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­ وفي مجال مناخ الاستثمار، أثنى تقرير البنك الدولي على الإصلاحات التي أجرتها المملكة في السنوات الأخيرة في مجالي التنظيم والرقابة على القطاع المصرفي، وصنف التقرير المملكة في المرتبة 12 من بين 183 دولة ، مبيناً أن المملكة ومن خلال عضويتها في مجموعة العشرين وبالتنسيق مع دول هذه المجموعة تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق الاستقرار ودعم الدول النامية ، إضافةً لإسهامها في مؤسسات التنمية الإقليمية والدولية .
وفي 7 يوليو 2017 م أكدت المملكة العربية السعودية، أن الإرهاب لا دين له، وأنه جريمة تستهدف العالم أجمع لا تفرق بين الأديان والأعراق ، وأنها تدين الاٍرهاب بجميع أشكاله ومظاهره إدانة مستمرة وقاطعة أيا كان مرتكبوه وحيثما ارتكبوه؛ كونه من أشد الاخطار التي تهدد السلم والأمن العالميين.
وشددت المملكة على أن مكافحة الاٍرهاب والتطرف وتعزيز قيم الاعتدال مسؤولية دولية تتطلب التعاون والتنسيق الفعال بين الدول ، مؤكدة ضرورة محاربة ومنع جميع مصادر ووسائل وقنوات تمويل الإرهاب، وضرورة تعزيز المعايير الثنائية والمتعددة الأطراف لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. والعمل مع الشركاء كافة لمكافحة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لأغراض إرهابية أو إجرامية بما في ذلك استخدامها في التجنيد والدعاية.
جاء ذلك في مداخلة المملكة العربية السعودية، خلال الجلسة الافتتاحية لقمة قادة مجموعة العشرين (G20) التي استضافتها مدينة هامبورغ شمالي جمهورية ألمانيا الاتحادية، تحت عنوان “نحو بناء عالم متواصل”.
وأكدت المملكة أهمية العمل لضمان عدم استغلال النظام المالي الدولي من قبل الإرهابيين والفاسدين ومروجي المخدرات ، داعية إلى التنفيذ الفعال للإجراءات المالية لمحاربة غسل الأموال. كما أكدت أهمية التنمية وإيجاد فرص العمل للشباب؛ لأن ذلك يمثل أفضل الطرق لتعظيم إسهامهم والابتعاد بهم عن أفكار التطرف والإرهاب.
وأعربت المملكة العربية السعودية في ختام أعمال القمة، عن ترحيبها بالعمل الذي تم إنجازه خلال الرئاسة الألمانية لقمة قادة مجموعة العشرين في إطار جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، داعية الدول إلى الاضطلاع بمسؤولياتها لضمان التنفيذ الفاعل ، ومساعدة الدول النامية والأقل نموًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات المتعددة التي تعتريها.
فيما رحبت المملكة بإطلاق مبادرة” ميثاق مجموعة العشرين مع أفريقيا”، وأكدت أهمية الدور الفاعل للدول الأفريقية والمنظمات والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية في التنفيذ، مبينة أن التزام دول المجموعة بالشراكة مع أفريقيا، يعد دعما أساسيًا ومحوريًا للتنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *