محليات

فيصل بن مشعل ينوه بعناية القيادة الرشيدة بالفتوى

بريدة – واس

شدّد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم على أهمية أخذ الفتوى من أهلها، من العلماء المشهود لهم بالعلم الشرعي والعقل والحكمة، وفي مقدمتهم أعضاء هيئة كبار العلماء، منوها بالجهود التي تبذلها القيادة الحكيمة ـ أيدها الله ـ في الفتوى وحمايتها من خلال هيئة كبار العلماء كمرجعية دينية مخولة بإصدار الفتاوى وإبداء آرائها في عدة أمور .

وأكد سموه في كلمة ألقاها خلال الجلسة الأسبوعية التي أقيمت في قصر التوحيد بمدينة بريدة، أن افتتاح فروع للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمناطق المملكة، خطوة رائدة لحماية الفتوى من المتطفلين غير المؤهلين الذين يتجرؤون عليها، مشيرًا إلى أن تخصيص هذه الجلسة عن الفتوى وضوابطها وشروطها، جاء نظير ما تتعرض له الفتوى من أشخاص ليسوا بمؤهلين لإصدار الفتوى لأفراد المجتمع، في ظل التحديات التي نمر بها في مناخ تتسارع فيه وتيرة الأحداث والتحولات التي تحتاج إلى نظر شرعي يراعي مستجدات الواقع وفقًا للمنهجيات الشرعية والعلمية المعتبرة التي تحمي من مزالق التأثر بالآراء والفتاوى المجانبة للحق .

بدوره عدّ معالي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد خلال الجلسة، الفتوى من القضايا المهمة التي يجب العناية والاهتمام بها وقصرها على من له علم ومعرفة وإحاطة بعلوم الشريعة، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالثقافة عموماً والشرعية على وجه الخصوص، ورفع مستوى الوعي والفهم بما يمكنهم من التمييز، في مصدر الفتوى التي يجب أن تأخذ من أهلها، منوهاً بالدور الريادي للمملكة في خدمة الشريعة وعلومها وحماية الفتوى الشرعية من الإفراط أو التفريط، من خلال إنشاء هيئة كبار العلماء.

وتطرق الشيخ بن حميد خلال حديثه إلى أهمية الفتوى وأنواعها، لافتاً إلى أن هناك فتاوى عامة تتعلق بعموم الأمة وتكون الفتوى فيها من قبل الهيئات والمجامع الفقهية ولا يفتي فيها الأفراد، وفتاوى فردية خاصة تتعلق بالمكلف ويفتي فيها الأفراد المؤهلون، وفتاوى المستجدات والنوازل، والفتاوى المباشرة وهي من مستجدات العصر في برنامج الإعلام، وفتاوى على مستوى الدولة أو الوطن وهي القضايا والأحداث التي تخص بلدًا بعينه ولا يفتي فيها إلا علماء تلك البلد.

وحذر الشيخ بن حميد من الفتوى الشاذة، مبيناً أن المراد بالشذوذ الخروج عن الجماعة، ومخالفة ما استقر عليه أمر الأمة في السياسة أو في الحكم العملي لقضايا العبادة والمعاملات والعلاقات، مؤكداً أن كل فتوى خالفت ما اتفقت عليه كلمة المسلمين فهي شاذة، متطرقاً إلى المعالم بين الفقه والفتوى، وأن الفقه استنباط الحكم من النص، والفتوى تطبيق ذلك على الحالة، لأنها دين وتوقيع رب العالمين، فلا يصح أخذها إلا من الفقهاء المتمكنين والعلماء العاملين، وأنه لا يتمكن المفتي من الفتوى إلا بنوعين من الفهم، أحدهما فهم الواقع والثاني فهم الواجب في الواقع.

وأوضح بن حميد أن هناك ضوابط للأحكام التي تتغير بتغير الأزمان والأشخاص، وأن الأحكام الأساسية الثابتة في القرآن والسنة والتي جاءت الشريعة لتأسيسها بنصوصها الأصلية، فهي لا تتبدل بتبدل الزمان بل أصول جاءت بها الشريعة لإصلاح الزمان والأجيال وتتغير وسائلها فقط، وأن أركان الإسلام وما عُلم من الدين بالضرورة لا يتغير ولا يتبدل ويبقى ثابتاً، وإن جميع الأحكام التعبدية التي لا مجال للرأي فيها ولا للاجتهاد لا تقبل التغيير ولا التبديل بتبدل الأزمان والأماكن والبلدان والأشخاص، وأن أمور العقيدة ثابتة ولا تتغير أو تتبدل ولا تقبل الاجتهاد.

وبين معالي عضو هيئة كبار العلماء أن للفتوى شروط يتطلب تحققها فيمن يتصدر للإفتاء ، وهي العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها من علوم، العمل بمواطن الإجماع والخلاف والمذاهب والآراء الفقهية، والمعرفة بعلم أصول الفقه والقواعد الفقهية ومقاصد الشريعة، والمعرفة بأحوال الناس وأعرافهم وأوضاع العصر ومستجداته ومتغيراته ، والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية من النصوص ومعرفة مصطلحات أهل العلم في مدوناتهم، والرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص في العلوم الأخرى المحتاج إليها كالطب والاقتصاد والمال ونحوها، ومشورة أهل العلم، بالإضافة إلى الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المفتي.

وقدم معالي الشيخ صالح بن حميد في ختام الجلسة عدة توصيات أكد فيها بأنه ينبغي التواصل والتنسيق بين هيئات الفتوى في العالم الإسلامي لتبادل الخبرات والنظر في المستجدات والنوازل، والتأكيد المتتابع والمستمر على أهمية الفتوى وحاجة الناس إليها وتقدير أهل العلم واحترامهم، واستحضار قرارات الهيئات العلمية والمجامع الفقهية فيما قررته من أحكام للحوادث والنوازل من أجل التنسيق وعدم التضارب ، والعودة في القضايا الكبرى والمسائل الشائكة الى المجامع الفقهية وهيئات الافتاء ودورها في جهاتها، وتكوين لجان فتوى من ثقات أهل العلم في المناطق والبلدان مرجعاً لقضايا الأمة وحاجتها في حل مشكلاتها.

حضر الجلسة صاحب السمو الأمير متعب بن فهد بن فيصل الفرحان، وأصحاب المعالي والفضيلة ووكلاء الإمارة ومسؤولي القطاعات الحكومية والخاصة وأعيان المنطقة وجمعاً من المواطنين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *