دولية

غوتيريس .. من وسيط محايد إلى عبء وكارثة دولية

جدة- البلاد

هل يمكن أن تثق الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة في الأمين العام أنطونيو غوتيريس الذي استهل أعماله بقرارات مرتجلة تفتقد المصداقية ومواقف منحازة ؟

ومن للأمم المتحدة غير الدول الملتزمة بمبادئها وميثاقها تلك التي تنشد السلام وتعمل من أجله وتبذل الغالي والنفيس لمواجهة الإرهاب والعنصرية والكراهية واحترام سيادة الدول وتعزيز حقوق الإنسان؟

إن انحراف غوتيريس عن جادة الصواب اتاح الفرصة للممارسات غير المسؤولة والاتهامات والتقارير التي لا تستند إلى أدلة دامغة لتتغلغل في مفاصل الأمم المتحدة بعد أن اجمعت الدول قبل مجيئه على ضرورة تحديث هياكلها وتطويرها لتؤدي رسالتها على الوجه الأكمل.

لقد تجاوز غوتيريس صلاحياته ليتدخل في سيادة الدول وقوانينها وأعرافها منطلقاً من إرث منحرف لا يقيم وزناً للقيم والأخلاق والمبادئ السامية.

واليوم والعالم يواجه أسوأ الأزمات وأخطرها فهو في أمس الحاجة إلى من يستنبط حكمته ويعزز تكاتفه وينسق جهوده لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء

ولن يتم هذا في وجود أمين عام لا يحسن تقييم الأزمات ولا يلقي بالأ للقوى الفاعلة والمنظمات الإقليمية الأكثر التصاقاً بقضايا مناطقها.

لم يكن سقوط غوتيريس أولاً في تعاطيه مع موضوع اليمن فقد بدأ أولى مهامه بعد تسلمه منصبه بسحب التقرير الدولي الذي يتهم إسرائيل بممارسة التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني مما حدا بالأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الاسكوا” تقديم استقالتها من منصبها.

ولمزيد من الدعم والانحياز الأعمى استهل غوتيريس زياراته بدولة الاحتلال الإسرائيلي حيث بان عجزه في مواجهة نتنياهو وظهر ذلك جلياً وسائل الإعلام

ليؤكد بعدها التزام الأمم المتحدة بمواجهة اللاسامية والتمييز ضد إسرائيل التي يجب أن تعامل كعضو فعال في المنظمة الدولية فيما لم تجد مطالب الفلسطينيين وأشواقهم في قيام دولتهم المستقلة ووقف الاستيطان اهتماما يذكر منه مع تجاهله للرسالة الموجهة إليه من تحالف ،أسطول الحرية، الذي يضم منظمات شعبية تضامنية عاملة في مجال كسر الحصار عن غزة في عدد كبير من دول العالم.

لقد أكدت الرسالة أن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى المنحة الطارئة التي أعلنتها الأمم المتحدة بقدر حاجتهم إلى وقف العدوان الإسرائيلي وحفظ السلم الدولي الحقيقي لمنع وقوع مزيد من العدوان وأن إسرائيل تتجاهل عدداً لا يحصى من قرارات الأمم المتحدة داعية إلى المطالبة بأن تمتثل إسرائيل بشكل فوري لجميع قرارات الأمم المتحدة، مع التهديد بفرض عقوبات إذا لم تفعل ذلك.

غير أن مواقف غوتيريس المهزوزة والضعيفة تجاه القضية الفلسطينية لا تقف عند حد شعب أصيل يطالب بحقوقه المشروعة بل تنحدر إلى أدنى من ذلك بكثير بفشله في تعيين شخصية فلسطينية وتحديداً رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض

مبعوثاً خاصاً له في ليبيا.
وإذا كان هذا هو حال غوتيريس فكيف له إدارة منظمة تتطلب الحياد وبعد النظر ومواجهة التحديات والصمود أمام كافة الإغراءات والانحياز إلى الحقيقة من أجل دعم السلم والأمن الدوليين وفض النزاعات واحتواء آثارها.

وتجئ قضية اليمن لتطيح بما تبقى من ثقة في الأمين العام في مفاجأة من العيار الثقيل من شخص يفترض فيه الحياد التام والتريث والاعتماد على مصادره في الميدان لا على متمردين وانقلابيين على حكومة شرعية نالت احترام واعتراف العالم أجمع.

إن وضع الظالم والمظلوم في كفة واحدة ينبئ باختلال العدالة ويثير الشكوك حول مستقبل الأمم المتحدة وقدرتها على التعامل مع دول فاعلة على الساحة الدولية وهي الأكثر التزاماً بنظام منظمة ساهمت في تأسيسها لغايات سامية وأهداف تتجاوز القطرية والإقليمية إلى البشرية جمعاء ولها تاريخ ناصع في العلاقات الدولية ودعم منظمات الأمم المتحدة ومساعدة المحتاجين والمنكوبين واحترام حقوق الإنسان والنأي عن التدخل في شؤون الدول الأخرى.

لقد أصاب غوتيريس الأمم المتحدة في مقتل وشل منظماتها لتصبح في وضع لا تحسد عليه بينما تتصاعد الأزمات وتشتعل النزاعات وتزداد أوضاع المتأثرين بها سوءاً على سوء.

لقد أخطأ غوتيريس باعتماده مصادر وآليات غير موثوقة ولعل هذا يفسر ولعه بإحاطة شخصيته بحالة من الغموض والمظاهر الخداعة ليخفي نواياه الحقيقية واتجاهاته المشبوهة وخضوعه لقوى قادرة على تسييره وتنفيد اجندتها عبره ولن ينفعه تنقلاته وتصريحاته التي لا قيمة لها في واقع الأحداث ومتطلبات المرحلة.

لقد حول غوتيريس الأمم المتحدة إلى منظومة تعتمد على تقارير مضللة ومسيسة ومتفرجة على ما يدور في العديد من الدول من نزاعات وصراعات كما أنه لم يحرك ساكنا ضد إيران الدولة المارقة الأولى في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *