دولية

غوتيريس.. رجل التوجهات المشبوهة والقرارات العرجاء

جدة ــ البلاد

يوم بعد يوم تتأكد الحاجة إلى إصلاحات حقيقية تمس جوهر الأمم المتحدة وهيكلها التنظيمي وسياساتها التي تزداد فسادا وتخبطنا وعشوائية بصورة افقدتها ثقة العالم تحت قيادة أمين أجمع المراقبون لسياسات المنظمة الأممية على وصفه بالمتحيز.

فرغم قصر فترة استلامه لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، التي توشك أن تكمل عامها الأول، إلا أن البرتغالي أنطونيو غوتيريس، نجح في إعادة المنظمة الدولية إلى عهد التسييس العلني، والمواقف المنحازة، والظلم البين والكيل بمكيالين. اذ لم يعد سرا التخبط السياسي للرجل إذ كشفت الكثير من المواقف والأزمات أن وصوله لهذا المنصب كان خطيئة دولية لا تغتفر، وقد تؤدي تلك التخبطات إلى إطلاق رصاصة الرحمة على المنظمة السبعينية التي عانت الوهن كثيرًا، وسقطت منذ أن وقعت تحت سلطة الأمين العام غريب الأطوار.

انتقادات :
مواقف غوتيريس السياسية ظلت محل هجوم وانتقاد دائم من المهتمين بالشأن الدولي، لكون الرجل سيقود الامم المتحدة والعالم الى مربع الحروب مرة اخري بسبب قراراته العرجاء، ومواقفه المبنية على التلفيق والتضليل .

ويزداد الاستغراب من اختيار شخصية بهذه المواصفات لشغل منصب بهذه الأهمية والحساسية، حين تتكشف لنا محطات من مسيرته السياسية أبرزها تسببه في تدمير اقتصاد البرتغال حين كان رئيسا لوزرائها بسياسات مشبوهة، ثم استقالته فجأة هربا من تحمل مسؤولية هذه السياسات، وسبق ذلك فشله في إدارة البنك الحكومي الوحيد في البرتغال، إضافة إلى التحيزات الواضحة التي رافقت فترة شغله منصب رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وفي هذا السياق من التخبط والتشوش وتحت هذه القيادة الفوضوية المتحيزة، جاء تقرير الأمم المتحدة الذي يوجه اللوم إلى قوات التحالف العربي على عملياتها العسكرية التي تستهدف حماية الشعب اليمني، وإعادة الشرعية المستلبة إلى البلاد.

ووصف مراقبون، في وقت سابق، أنطونيو جوتيريس أمين عام منظمة الأمم المتحدة، بأنه عنصري ومتحيز، وهو ما تجلى بوضوح في ابان شغله منصب رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، مؤكدين أن ردود فعله خلال مسيرته السياسية غير متوقعة وتتسم بأنها منافية تماما للمنطق، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنه مصرفي فاشل، عجز عن إدارة البنك الحكومي الوحيد في البرتغال.

وضرب المراقبون عدة أمثلة على تلك الردود غير المتوقعة أبرزها قراره تقديم استقالته من رئاسة الحكومة البرتغالية بشكل مفاجئ، بعد الهزيمة التي لحقت بالحزب الاشتراكي في انتخابات المجالس البلدية في ديسمبر 2001، لافتين إلى أنه خلال رئاسته الحكومة دمر الاقتصاد البرتغالي.

تاريخ حافل
يحفل تاريخ “أنطونيو جوتيريس” بالكثير من التناقضات في إدارة قضايا وملفات، شغلت الرأي العام في بلاده.

وفي تقريرها الذي نشر قبيل تأكيد فوز رئيس وزراء البرتغال الأسبق بأمانة المنظمة الأممية وصفت صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل” الإسرائيلية الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريس” بأنه صديق لإسرائيل.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحيفة احتفظت بسرية اسمه “إنه يحب إسرائيل” في إشارة إلى “جوتيريس”. مضيفًا: “مثل كل الاشتراكيين الأوروبيين، يحب جوتيريس إسرائيل”. هذا فيما أبدى المندوب الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة عدم تخوفه من احتمالية مناهضة الرجل البرتغالي لدولة الاحتلال، وقال: “إنه ليس لديه سِجل يجعله يدلي بتصريحات ضد إسرائيل”.

فيما قال البرلماني الإسرائيلي السابق “كوليت أفيتال” لذات الصحيفة : “هو يحب إسرائيل، كما أنه لن يدعم التحركات المناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة”. وبالفعل انحاز الأمين العام الجديد للجانب الصهيوني فور توليه منصبه حينما قال: “من الواضح تمامًا أن الهيكل الذي دمره الرومان في القدس كان هيكلاً يهوديا”، في إشارة إلى الهيكل الذي يدعي الصهاينة وجوده تحت المسجد الأقصى؛ وهو ما أثار استياء العالم الإسلامي.

أباح تعاطي المخدرات:
الى جانب كل الذي قيل فللرجل تاريخ اسود في بلاده، فقد أصدر البرلمان البرتغالي في عهده، واحدًا من أغرب القوانين والتشريعات في التاريخ؛ إذ قام بإصدار قانون جديد، يبيح تداول المخدرات وتعاطيها.

وقد وضعت سياسة المخدرات في البرتغال في عام 2001، وأصبحت نافذة من الناحية القانونية بدءًا من يوليو 2001م. وقد حافظ القانون الجديد على حالة عدم شرعية استخدام أو حيازة أي مخدر للاستخدام الشخصي دون إذن، ومع ذلك فقد تغيرت الجريمة من جريمة جنائية، مع احتمال عقوبة السجن، إلى عقوبة إدارية إذا كان مقدار المخدر الذي يمتلكه المدمن لا يزيد على مؤونة عشرة أيام من تلك المادة

ووفقًا لذلك يتسلم من يحوز المخدرات أمرًا بالمثول أمام ما يسمى “لجنة الإرشاد” المكونة من خبراء في المجالات القانونية، والاجتماعية، والنفسية. وببساطة تُعلَّق معظم القضايا. أما الأشخاص الذين يتكرر مثولهم أمام اللجنة فإنهم يلزمون بعلاج يتراوح بين المشورة التحفيزية والعلاج البديل.

صوت ضد الاصلاح :
فضلاً ع ما شهدته إدارة جوتيريس من فوضى، وتردد في قراراته واختياراته، خاصة في تعاطيه مع الملفات المحلية في البرتغال، وعدم امتلاكه الشجاعة الكافية لمواجهة أعضاء حكومته عندما قيامة بإجراء تعديلات وزارية، فإنه برز أكثر ما برز بعدم توافقه مع أعضاء حزبه الاشتراكي في عدد من القوانين التي دعمها، ومن ذلك قضية قانون (الإجهاض) الشهيرة إذ كشف الإعلام البرتغالي عن خلاف بينه وبين حزبه؛ وهو ما أدى إلى انتقاده علانية من الحزب ووسائل الإعلام، وأعطى صورة سلبية عن قدرتهم على إدارة البلاد.. كما لم يمر مرور الكرام فوصفته وسائل الإعلام البرتغالية والمنظمات النسائية بـ”المناهض لحقوق النساء”.

وفي هذا السياق تقول البرلمانية البرتغالية “إيزابيل موريرا”: “نحن لا ننسى ضياع سنوات من كرامة النساء”، في إشارة إلى إفشال “جوتيريس” قانون يبيح الإجهاض. وتضيف بأن هذا “كان قاتلاً – للأسف – ولا رجعة فيه بالنسبة للعديد من النساء”.

وابان توليه منصب رئيس الوزارة شهدت البرتغال في عهده إحد اكبر الكوارث الانسانية، أفاق البرتغاليون في مساء 4 مارس من عام 2001م على فاجعة انهيار جسر هينتز ريبيرو، الجسر المصنوع من الصلب والخرسانة، ويشرف على نهر دورو (أحد أكبر أنهار شبه الجزيرة الإيبيرية). انهار في إنتر- أوس- ريوس، وكاستيلو دي بايفا، وهو يحمل حافلة، وثلاث سيارات كانت تعبره ما أسفر عن مقتل 59 شخصًا. ولم تعط العواصف وتيارات النهر القوية والسريعة في ذلك الوقت فرصة للإنقاذ الفوري، وأخذت الأمواج الضحايا إلى نقاط بعيدة، لدرجة أنه تم العثور على بعض الجثث على الساحل الشمالي لإسبانيا، وفي فرنسا.

وعلى وقع الكارثة الكبرى قدم وزير النقل البرتغالي استقالته في الحال، بينما بقي “جوتيريس” في منصبه

وفي ولايته الثانية رئيسًا لوزراء البرتغال تراجع الاقتصاد، وأدخل البلاد في دوامة كبرى؛ بسبب سياساته الاقتصادية القائمة على الاستدانة، والعجز في الميزانية، ولم يستطع تغيير دفة الاقتصاد واستدراك سياساته الخاطئة في الوقت المناسب، لكنه كان بارعًا بالقفز من السفينة، وترك البلاد تغرق في بحر فشله بإعلان استقالته بشكل مفاجئ قبل استكمال ولايته في ديسمبر 2001 عقب الهزيمة التي مُني بها الحزب الاشتراكي الذي ينتمي له في الانتخابات المحلية؛ وذلك من جراء اهتزاز صورة الحزب أمام الإعلام والمقترعين البرتغاليين.

نووي إيران:
ففي الوقت الذي يعاني فيه العالم تبعات الأعمال الإرهابية الإيرانية، وأطماعهم في امتلاك السلاح النووي ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رفض المصادقة على التزام طهران بالاتفاق النووي، خرج “غوتيريش” معارضًا السياسة الأمريكية مؤكدًا في بيان رسمي أنه يأمل باستمرار العمل بالاتفاق النووي بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

وعلل توجهاته المشبوهة قائلاً: “لقد ذكرتُ مرارًا أن اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة يمثل إنجازًا مهمًّا جدًّا لتعزيز عدم الانتشار النووي، والنهوض بالسلم والأمن العالميَّيْن”.

وختم “غوتيريش” بيانه، الذي لم يتعد الستين كلمة، بأنه “يحدوه أمل قوي بأن يظل الاتفاق قائمًا”.

هذا التعاطف المريب من الأمين العام “سيئ السمعة” مع الحكومة الإيرانية لم يكن جديدًا؛ فمنذ توليه مهامه في الأمم المتحدة اتجه بها إلى مرحلة التخبُّط، ورسم لها دورًا انهزاميًّا أمام الأزمات التي يشهدها العالم، منها تعاطفها في أزمة اليمن مع مليشيا الحوثي المدعومة من طهران، الذي شكل منعطفًا سلبيًّا لأداء الأمم المتحدة من خلال تقارير مكذوبة ومصطنعة من أذرع المليشيات وحزب الملالي في الأمم المتحدة.

وبات هذا الارتماء في أحضان طهران واضحًا في عهد “غوتيريس”، وتعزَّز عندما أصرت المنظمة على الاعتماد على تقارير مغلوطة، ومعلومات غير مؤكدة، أدرجت على ضوئها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ، وذلك في تخبُّط واضح في سياسات الأمم المتحدة والقائمين على أمرها.

وقد أكد محللون أن القرار لم يرتكن على أسس قانونية مهنية ومعايير دولية على الإطلاق، موضحين أن هذا الأمر لن يساهم فقط إلا في انهيار أخلاقيات المنظمة الأممية، وإحداث حالة من الانشقاقات داخلها؛ بسبب قراراتها التي لا تتماشى مع أبسط قواعد الشرعية والمبادئ الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *