جدة ــ البلاد
يحتفظ تاريخ الأمم المتحدة بصفحات سوداء يندى لها الجبين، في حق الأمة العربية والإسلامية، التي ذاقت المر والهوان والظلم على مر عقود مضت؛ ليس لسبب سوى أن هذه الأمة سعت إلى الدفاع عن نفسها وحقوقها الشرعية، ورفع الظلم عن أبنائها؛ فلجأت -طواعية- إلى الأمم المتحدة “متظلمة”، وخرجت منها “جانية كما تقول المبادئ التي قامت عليها المنظمة الأممية.
وإذا كان الكيل بمكيالين والتناقض والمداهنات والخضوع للأقوى قد فرض نفسه على مسيرة الأمم المتحدة منذ نشأتها في عام 1945م؛ فقد استمر مع الأسف مع تعاقب تسعة أمناء عامين؛ بدءاً من الإنجليزي غلادوين جيب، وصولاً لعهد الأمين العام الحالي البرتغالي أنطونيو غوتيريس.
صمت سلبي وتدخل خاطئ :
“غوتيريس” الذي استلم منصبه منذ أقل من عام فقط، نجح بامتياز في الفرجة على الأزمات في العالم وهي تتفجر وتتزايد أكثر؛ فما بين صمته السلبي في موضوعات، وتدخله الخاطئ في موضوعات أخرى، وتردده في ملفات مهمة كان ينبغي فتحها منذ أول يوم استلم فيه منصبه.
ومنذ بداية تسلمه منصبه، نجح أنطونيو غوتيريس في أن يخدع العالم بتعهدات براقة، وأن يوهم البلدان الفقيرة والمعدمة بأن منظمته ستكون على الدوام في صفهم، وأنها قادرة على حمايتهم، وأن تعيد إليهم كرامتهم المهدرة؛ فصفّق له الجميع، واستبشروا خيراً بأنهم أمام شخصية مختلفة لأمين عام جديد للأمم المتحدة، لن يشق له غبار في معالجة الأوضاع الراهنة في بؤر الصراع، وبأن العدل والإنصاف قادمان لا محالة من قلب الأمم المتحدة إلى دول العالم أجمع.. وما هي إلا أيام وأسابيع وتناسى أنطونيو غوتيريس كلامه “عمداً” أو “جهلاً” أو “تقاعساً”، بل واخذ فى ممارسة لعبته المفضلة وهي “الكيل بمكيالين
التزامات خاوية:
وتتذكر شعوب العالم مشهد أنطونيو غوتيريس، وهو يقف أمام شاشات التلفزيون، يقسم اليمين بصوت قوي وثقة خداعة، ويخطب في الجميع، ويدّعي أنه سيعمل في صالح دول الكرة الأرضية؛ معلناً أنه جاء ليرسّخ المساواة على الأرض، ويطلق وعوده البراقة للمستضعفين بأنهم لن يتعرضوا للذل والهوان بعد اليوم، ويؤكد أن الأمم المتحدة، وضعت برامجها وخططها؛ من أجل وقف أعمال العنف والظلم والبطش عن كل أصقاع العالم قائلاً بالحرف الواحد: “أنا ملتزم تماماً قبل أي شيء بإحداث طفرة دبلوماسية من أجل السلام؛ لجعل الأمم المتحدة أكثر فاعلية في محاولة معالجة التزايد الكبير في الصراعات التي نشهدها في العالم، وأن نعطي الأولوية الكاملة لمنعها”.
ولكن الواقع يقول إن الرجل فشل في تحقيق أيٍّ من عوده؛ فوصمه الجميع بـ”الكذب والتدليس والضحك على الذقون”؛ وكأن لسان حاله يقول إن الأمر في الأمم المتحدة سيبقى على ما هو عليه، دون تغيير، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم.
هذا فيما رصدت تقارير أن مناطق الصراع والتوتر في دول العالم، زادت في عهد أنطونيو غوتيريس بشكل مخيف ومرعب؛ فمن سوريا إلى العراق مروراً بليبيا وأوكرانيا، وليس انتهاء بالحرب على على داعش ، فضلا عن حرب الإبادة التي تتعرض الروهينغا في ميانمار ونزوح أكثر من 600 ألف منهم إلى بنجلاديش وحدها، كما فشلت الأمم المتحدة وأمينها العام، في التصدي لملف اللاجئين؛ فزاد عددهم في عهده إلى ما يفوق 66 مليون شخص، يبحثون عن مأوى آمن؛ فلا يجدون من يرحّب بهم.
الشرعية في اليمن:
ويؤكد محللون سياسيون أن غوتيريس أضاع فرصة ذهبية على نفسه، في أن يخالف طريق من سبقوه في المنصب ذاته، ويطبق قرارات الأمم المتحدة التي أصدرتها بحق الدول العربية والإسلامية؛ ومن بينها القرارات الخاصة بالحق الفلسطيني في إقامة دولته في القدس الشريف؛ ولكنه فضّل على ذلك أن يرسّخ الظلم الأممي، وأن ينحاز صوب الصهيونية بشكل جلي وعلني.
وزاد غوتيريس من غطرسته وظلمه وانحيازه، عندما أقدم على وضع التحالف العربي -بقيادة المملكة العربية السعودية- في سجل الادانة ويرى المحللون أن تصرف غوتيريس امتداد لصفحات التاريخ الأسود تجاه العرب والمسلمين؛ مشيرين إلى أن الرجل يكتب شهادة وفاة الأمم المتحدة بيده؛ فهو -من وجهة نظرهم- غير عابئ بما ستؤول إليه الأمور إذا لم تعد الشرعية إلى دولة اليمن.