جدة

علاقة دخيلة

البراء نبيل القرشي

تشكل العلاقات جزءاً كبيراً من وقت وحياة الإنسان، فعلاقتك بصديقك تعني انه يجب عليك ان تخصص له وقتا من يومك او اسبوعك او على الأقل جزءاً من شهرك، فيصبح هذا الارتباط مضاف الى ارتباطاتك اليومية والرئيسية مثل العمل، العائلة، النادي وما الى ذلك.
تلى تلك العلاقات علاقتك بهوايتك او اهتماماتك فهي أيضا تشكل معادلة زمنية فمثلا كرة القدم او التنس او الرياضة هي أيضا تشكل جزء من وقتك، يقضي الكثير وقتا طويلا في متابعة اخر الاخبار الرياضية وتحليل المباريات والدخول في تفاصيل حياة اللاعبين والأجور التي يتقاضونها وانا اشكر الله اني لم أصاب بهذا الإدمان … تكفي هذه المقدمة ؟؟ ندخل في الموضوع على بركة الله.
في السنوات الأخيرة مررنا بعلاقة دخيلة سلبت منا وقتنا الخاص ووقتنا العام ووقت عوائلنا وبدأت هذه العلاقة الدخيلة بالسيطرة فأصبحنا نلغي أولويتنا لأجل هذه العلاقة، تتوتر حينما نفقد هذه العلاقة الدخيلة سببت هذه العلاقة الدخيلة الكثير من المشاكل على صعيد العائلة والمجتمع والعلاقات الشخصية وأصبحت الشغل الشاغل للأغلب او تكاد ان تكون الشغل الشاغل للأغلب او تكاد ان تكون الشاغل للجميع.
في هذا المقال وان كان هذا الشيء خاطئاً سأقوم بالمزج ما بين الفصحى والعامية لأكون من وجهة نظري قريب الى القلب نوعا ما.
علاقتنا بهواتفنا الذكية هي العلاقة الدخيلة، عشنا سابقا ومقياسي هنا على جيلي جيل الثمانينات فمررنا على البيجر ثم الهاتف اللاسلكي والذي اذكر انني في مرحلة الطفولة اتصلت بأحد أصدقائي خلال المرحلة الابتدائية، قمنا بالحديث وفجأة قال لي “تعرف انا اكلمك من وين”؟؟ فأجبته ببراءة “ايه انت اكيد من البيت” فأجاب انا اكلمك من “التلفون اللاسلكي” بنبرة من الهياط وكان هذا بمثابة صدمة بالنسبة لي وبأننا الآن في عصر الفضاء تلفون لاسلكي؟؟؟ يا رباااه، تطورت الأمور ووصلنا الى شريحة الجوال ام “عشرة الاف” ولعدها هاتف حديدي ان سقط على رأس شخص سيتوفى فورا لا محالة، وبعدها الهواتف الملونة وبعدها نوكيا اللي استحوذ على السوق الله على العنيد والرهيب والدمعة والبندا والكمثرى ثم سوني ايريكسون ، ابل وسامسونج، وحيث اني لست ملما بالتاريخ ولن اخوض في قصص نجاح ستيف جويز وسامسونج، الا على فكرة احنا نعرف مؤسس ابل بس ما نعرف مؤسس سامسونج؟؟؟ ما علينا.
بعد مرورنا بهذه التغيرات جاءتنا العلاقة الدخيلة وهي الإدمان على الجوال الذي من خلاله السوشيال ميديا والواتساب ، وتويتر، فيسبوك حتى تحولنا في جمعاتنا العائلية وغيرها الى أجساد مجتمعة وعقول مبحرة في عوالم مختلفة فتكاد تنادي على أحمد 3 مرات ان لم تكن 10 حتى يقوم بالرد عليك “هاه ايش قلت” فتجيب والله ما قلت شيء بس ناديتك فيرد “طيب ثواني عندي موضوع مهم بس اخلص وارجعلك” وهو فعليا يسوي ريتويت على مقطع أعجبه، والأخطر من ذلك كله انه تم تقريبا تهميش المصادر الصحية من متخصصين وكتب في المجالات المختلفة واللي كانوا يستخدمونها سابقا كمراجع فصارت سوالفنا في المجالس.
(جاني من مصدر موثوق في الواتساب) فانحصرت المصادر على اشخاص واصبح الكل يتكلم في أي شيء واندثر تدريجيا موضوع التخصص فاصبح الإداري يتكلم في الدين والمؤرخ يتكلم في الرياضة والاقتصادي يتكلم في الطقس واختلطت الأمور ببعضها حتى وجدنا انفسنا في ضياع وتشتت فكري غير (سبع صنايع والبخت ضايع) اذكر اني كنت في نقاش مع احد الأصدقاء بخصوص موضوع معين واشتد الحوار حتى أجابني “اسمع ترانا مختم على اليوتيوب ومتعمق جدا وعارف وش قاعد أقول “وهل يمكن ان نعتبر اليوتيوب مصدر؟. نذهب الى مطعم ونجد عائلة كاملة مجتمعة على الطاولة وكل واحد على جواله وولدهم عزوز اللي لم يتجاوز 3 سنوات ماسك آيباد اكبر من رأسه ولا كمان يفتحه بالبصمة واذا ناداه ابوه يعطيه وضعية الشريمبو (تعبير مجازي من قاموسي يعني التجاهل).
لا شك أن هذه التكنلوجيا سهلت علينا الكثير وما أردت طرحه فقط هي مشاركة بعض الأمور والتي بالتأكيد ثم طرحها في مقالات مشابهة.
لا يعني كل ما ذكرته بان نتخلى عن هذه التكنولوجيا والتي هي سبب رئيسي اليوم في انجاز الكثير من الاعمال أيضا لا اذكر ابدا بأنك تقوم الآن بقراءة هذا المقال وهذا يرجع الى التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ولكن أتمنى ان نعود الى حياتنا الطبيعية بدلا من الحياة الافتراضية فقليل من التنظيم والتوازن قد يغير الكثير فالحياة توازن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *