دولية

صنعاء فى يوم النكبة .. العاصمة التي حولها الحوثيون إلى (حسينية)

جدة ــ البلاد

“سبتمبر الأسود” أو كما يسمى بيوم النكبة اليمنية، تغير فيه وجه اليمن، واصبحت البلاد رهينة بيد الميليشيات، وسمح لأدوات العنف بان تتغلغل في أوساط اليمنيين وتمزق بلادهم وتنشر الخراب في كافة المدن وتزرع الفرقة بينهم.

صنعاء التي كان قبله لكل اليمنيين وشكلت ملتقى لكافة الشرائح، تحولت إلى ما يشبه “الحسينية”، عقب اجتياحها من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية، في مثل هذا اليوم من عام 2014.

وفي الذكرى الثالثة لاحتلالها من قبل الحوثيين، يشعر سكان صنعاء بالحسرة من الحال الذي وصلت إليه، بعد ان اصبحت بلون واحد، ولا صوت يعلو فيها على صوت المليشيات.

ومنذ 21 سبتمبر 2014، نفذت مليشيات الحوثي حملة قمع غير مسبوقة، حيث قامت باحتلال ونهب منازل المعارضين من القيادات السياسية والوجاهات الاجتماعية، كما استولت على جميع وسائل الإعلام وقامت بتجييرها لمصلحتها.

وبعد فرار غالبية المعارضين للمليشيات إلى المحافظات الآمنة وعواصم أخرى، بدأ الحوثيون بتطويع صنعاء، وتسليمها لإيران بشكل رسمي، حيث قاموا بتوقيع مذكرة تفاهم مع طهران، تم بموجبها منح شركة “ماهان إير” حق تسير رحلات مباشرة إلى صنعاء، بعد سنوات من التوقف.

واستقبل مطار صنعاء، في الأول من مارس 2015 أول طائرة إيرانية، قال الحوثيون إنها تحمل أدوية، لكن مصادر حكومية قالت حينذاك، إن الرحلة التي وصلت بشكل مباشر من طهران، تحمل أسلحة ومقاتلين من الحرس الثوري.

قبيل اجتياح الانقلابيين، كانت الأعلام الوطنية واللافتات الخاصة بالمناسبات الرسمية تهيمن على شوارع صنعاء، لكن الوضع تغير منذ 21 سبتمبر 2014، حيث بدأت الشعارات الشيعية والمذهبية، باحتلال تلك المواقع.

ولطّخت المليشيات جميع شوارع صنعاء والمواقع الإعلانية بالجسور ، بشعارات “أعياد الغدير” و”الصرخة الإيرانية”، وذكرى عاشوراء، بالإضافة إلى عشرات المناسبات الشيعية والحوثية الخالصة.

وتثير تلك اللافتات سخط سكان العاصمة المناوئين للحوثيين، ولجأ عدد منهم إلى طمس تلك الشعارات التي تبجل الموت، وتقوم بالتغرير بالأطفال والزج بهم إلى جبهات القتال.

وفى الاسبوع الماضي فقط، قامت المليشيات بتشييد لافتات عملاقة في شوارع صنعاء، كما طبعت ملصقات مذهبية فوق القصر الرئاسي، الذي كان لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، تمجد ولاية علي، في تكريس لمفهوم أحقيتهم بحكم اليمن.

ثم ان فرض الطابع المذهبي بالعاصمة صنعاء خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لم يقتصر على اللافتات المرفوعة في الشوارع العامة، بل امتد إلى بيوت الله، حيث كانت المساجد الأكثر استهدافا من أجل فرض أسلوبهم في الدين، وخصوصا المذهب الشيعي.

وذكر سكان محليون في شهادات منفصلة أن الحوثيين قاموا بتغيير العشرات من خطباء وأئمة المساجد في أحياء صنعاء بالقوة، كما يقومون بإرسال خطبة الجمعة من مكتب خاص بالجماعة، يتبع المجلس السياسي.

ووفقا للسكان، فقد تسببت التصرفات الحوثية، بهجران الناس للمساجد يوم الجمعة، والمواظبة على الصلاة في منازلهم، تهربا من محاولات الحوثيين لتزييف عقولهم وفرض الطابع المذهبي.

وقال أحد سكان حي الحصبة، شمالي صنعاء لـ”اسكاي نيوز” “يتعاملون معنا وكأننا جهلة ولا نستطيع التمييز، ربما قاموا بتطبيق هذه الطريقة في فرض رأيهم بالقوة في محافظات نائية في الشمال اليمني، لكن الوضع مختلف في صنعاء، ونعرف أنهم يقومون بالتسويق للدين بطريقة فجة”.

وأضاف “حدثت عدة اشتباكات بين المصلين في مسجدنا والذين يرفضون طريقة خطيب الحوثي في دعوة المصلين يوم الجمعة لأداء الصرخة الخمينية، والموت لأمريكا، ومرات يرددون أدعية شيعية.. العاصمة اليمنية تتحول يوما بعد آخر إلى حسينية”.

واتجهت مليشيات الحوثي بعد ذلك، إلى تغيير مضمون الكتاب المدرسي بأفكار مذهبية من أجل تزييف وعي ملايين الطلاب في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، من قبيل تعليم الأطفال عدم ضم أياديهم أثناء قراءتهم للفاتحة ومدها إلى أسفل، أو ما يعرف بالسربلة.

وفيما يلي الجوانب الاقتصادية فقد هبطت القوة الشرائية لدى اليمنيين وقفزت معدلات التضخم لتتجاوز متوسّط أسعار التجزئة بنسبة 70% في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية، وفقاً لتقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2017، الصادر أخيراً عن منظّمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”.

وأكد التقرير أن الزيادات في كلفة الأغذية ووقود الطهي والمياه والأدوية، تقوّض إمكان الحصول على الأغذية واستخدامها، نظراً إلى اعتماد المجتمعات الحضرية والريفية على الأسواق في شكل يومي “70% من السكّان في حال المجتمعات الريفية”.

وأشار التقرير إلى تراجع دخل السكّان أو انعدامه كلياً بسبب سوء أداء قطاعي الزراعة ومصائد الأسماك، وخسارة الوظائف وتعليق الأجور.

وشدد على أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تولّد مستويات لا سابق لها من انعدام الأمن الغذائي والنقص في التغذية، إذ تراجع الناتج المحلي بنسبة 34.6% بين عامي 2014 و2015، وتضاعف العجز في الموازنة العامة بين النصف الأوّل من عام 2015 والنصف الأوّل من عام 2016، كما أن معدّل صرف العملة في السوق الموازية يتقلّب باستمرار، وينحرف عن المعدّل الشكلي (250 ريالاً يمنيا للدولار قبل تحرير سعر الصرف)، مسجّلاً أعلى رقم قياسي له بلغ 315 ريالاً في سبتمبر 2016 (قبل تخطيه 370 ريالاً حاليا)».

وشدد التقرير على أن استمرار الأزمة الناجمة عن النزاع التي يشهدها القطاع الخاص في التفاقم، تولد مواطن غموض كثيرة وتهدد باحتمال انهيار النظام المصرفي.

كما يسرّع عدم قدرة الميليشيا الانقلابية على دفع الأجور، انهيار الاقتصاد ويدفع بأجزاء كبيرة من البلد في دوّامة مدمرة من انعدام حاد في الأمن الغذائي وازدياد الفقر.

ولفت إلى أن أزمة السيولة أثرت بشكل مباشر في أكثر من 7 ملايين شخص يعتمدون على الأجور الحكومية، الأمر الذي لا يخفّض قوّتهم الشرائية فحسب، إنما أيضاً إمكان حصولهم على السلع والخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية.

ويعتمد اليمن على الواردات في أكثر من 90% من سلعه الغذائية الأساسية، وأدّت هذه المعوقات التي اقترنت بنقص الوقود إلى تقليص توافر السلع الأساسية، ما تسبّب بارتفاع حاد في الأسعار منذ سيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *