الأرشيف بانوراما

صفية بن زقر تلك الرسامة الأنيقة

•• كانت واحدة تعتبر كأنها من خارج “السياق” المجتمعي بدخولها الى عالم – الفن – في الستينات الميلادية بذلك الاصرار على أن يكون لها حضورها المميز في الوقت الذي كان فيه حرص – الأخريات – في ذلك الزمان البحث عن شهادة هي جواز الدخول الى – الوظيفة – في الوقت الذي كانت هي فيه لم يخطر في ذهنها البحث عن شهادة تكون عبورها الى الوظيفة.. يأتي ذلك من – ثقافة أسرية آسرة – كانت مشبعة بها في اللاوعي عندها فهؤلاء اخوتها لم يذهب أحد منهم الى تقلد وظيفة الا في حدود الاحتياج اليه لملء فراغ وظيفي – فبخطب – لهذا المكان أو ذاك كرئيس بلدية عندما تم تكليف شقيقها الأكبر – وهيب – رحمه الله ذلك النابه.. لهذا كانت بعيدة عن الرغبة في الحصول على شهادة للوظيفة فراحت تشبع ما لديها من موهبة رائدة غمست ريشتها في أعماق ملامح الناس الذين عاشت وسطهم، وأعطتهم عشقها، وأعطوها هم الكثير من ملامحهم فحملتها في وجدانها.. حيث شكلت بتلك النمنمات التفصيلية في نقل الصورة للبيئة الحجازية الصرفة. فكانت واحدة من الذين ذهبوا الى باريس لإشباع نهمهم الفني كأنها ارادت أن تسير على خطى ذلك الفنان التشكيلي المصري محمود عباس الذي رحل الى باريس في عام 1919 لدراسة القانون فسرقه الرسم، وأصبح واحداً ومن أوائل الرسامين المصريين.
لقد كانت – الفنانة التشكيلية صفية بن زقر واحدة من أولئك الفنانين الذين لم ينسلخوا عن بيئتهم وتعلقوا بتلك المدارس – الترفية – وهي التجريدية أو التكعيبية.. أو السريالية وغيرها من المدارس التي كانت مقصد كثير من الذين لا يملكون موهبة الرسم – الواقعي – فذهبوا اختصاراً للشهرة الى تلك المدارس بلا وعي.. ان انطلاقة الفنان الحقيقي للالتحاق بتلك المدارس لابد أن يبدأ من القاعدة الأساس، وهي الرسم التقليدي أي الواقعية في الرسم.. لكونه هو المنطلق الى العالمية.. كالرواية منطلقها الى العالمية هي المحلية أو الواقعية.
إن الناظر الى لوحات – صفية بن زقر – يجد فيها ذلك البهاء الحجازي سواء كان ذلك في حركية الصورة أو تميزها في أزيائها.. أنظر الى لوحة – الزبون – انها واحدة من تلك اللوحات المبهرة التي تشد المتلقي اليها فهي تعتبر في مصاف لوحة المونوليزا لدافنشي ذلك الفنان الايطالي أو لوحة الفتاة للرسام الهولندي يوهانس فيرمير أو الفنان السعودي ضياء عزيز ضياء في عدة من لوحاته الجميلة بالأخص في نظري لوحته لوحة المرأة والحظ.
إن صفية بن زقر رائدة في فنها، وفي عطائها كامرأة رسمت خط سيرها فاعطته اهتماماً حيث انها لم تكتف باقامة معرض هنا أو هناك بل اسست دارتها لفتح المجال أمام المواهب لكي يجدوا متسعاً من المكان لممارسة هواياتهم في ظل علم متقن له ابعاده المستقبلية.. ولحرصها على تسجيل الذات ذهبت غرباً وشرقاً بحثاً عن الجودة لهذا الفن الساحر التي حاولت رصده في أزياء المناطق.
إن أناملها وهي تخط خيوط لوحتها تتحول تلك الأنامل الى – كاميرا – لتجسيد الماضي لتجعله حاضراً أمامك بكل ظلاله حتى أنك تكاد تسمع وشوشة الصورة أو همسها.. أما في نقلها للأحياء فتكاد تشم رائحة رطوبة أزقة المظلوم أو حارة الشام لصدق نقلها لتلك الأماكن.
إنها فنانة قادرة على الاستحواذ بشكل صادق وأمين بريشة أمينة بل وأنيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *